“الـحُزْنَ الـمُرْضِيَ للهِ”
وَسِّعُوا لَنَا قُلُوبَكُم، فإِنَّنَا لَمْ نَظْلِمْ أَحَدًا، ولَمْ نَخْدَعْ أَحَدًا، ولَمْ نَطْمَعْ في أَحَد. لا أَقُولُ هـذَا لأَدِينَكُم. فقَدْ قُلْتُ لَكُم مِنْ قَبْلُ إِنَّكُم في قُلُوبِنَا، لِنَمُوتَ مَعًا ونَحْيَا مَعًا. إِنَّ لي عَلَيْكُم دَالَّةً كَبِيرَة، ولي بِكُم فَخْرًا عَظِيمًا. وَلَقَدِ امْتَلأَتُ تَعْزِيَة، وأَنَا أَفِيضُ فَرَحًا في ضِيقِنَا كُلِّهِ. فإِنَّنَا لَمَّا وَصَلْنَا إِلى مَقْدَونِيَة، لَمْ يَكُنْ لِجَسَدِنَا شَيءٌ مِنَ الرَّاحَة، بَلْ كُنَّا مُتَضَايِقِينَ في كُلِّ شَيء، صِرَاعٌ مِنَ الـخَارِج، وخَوفٌ مِنَ الدَّاخِل! لـكِنَّ اللهَ الَّذي يُعَزِّي الـمُتَوَاضِعِينَ عَزَّانا بِمَجِيءِ طِيْطُس، لا بِمَجِيئِهِ فَحَسْب، بَلْ أَيْضًا بِالتَّعْزِيَةِ الَّتي تَعَزَّاهَا بِكُم. وقَدْ أَخْبَرَنَا بِاشْتِيَاقِكُم إِلَيْنَا، وحُزْنِكُم، وغَيْرَتِكُم عَلَيَّ، حَتَّى إِنِّي ازْدَدْتُ فَرَحًا. وإِذَا كُنْتُ قَدْ أَحْزَنْتُكُم بِرِسَالتِي فَلَسْتُ نَادِمًا عَلى ذـِكَ، معَ أَنَّنِي كُنْتُ قَدْ نَدِمْتُ، لأَنِّي أَرَى أَنَّ تِلْكَ الرِّسَالَة، ولَوْ أَحْزَنَتْكُم إِلى حِين، قَدْ سَبَّبَتْ لي فَرَحًا كَثِيرًا، لا لأَنَّكُم حَزِنْتُم، بَلْ لأَنَّ حُزْنَكُم أَدَّى بِكُم إِلى التَّوبَة. فَقَدْ حَزِنْتُم حُزْنًا مُرْضِيًا لله، كَيْ لا تَخْسَرُوا بِسَبَبِنَا في أَيِّ شَيء؛ لأَنَّ الـحُزْنَ الـمُرْضِيَ للهِ يَصْنَعُ تَوْبَةً لِلخَلاصِ لا نَدَمَ عَلَيْهَا، أَمَّا حُزْنُ العَالَمِ فَيَصْنَعُ مَوْتًا.
قراءات النّهار: 2 قورنتوس 7: 2-10 / يوحنا 7: 40 -52
التأمّل:
جاء الربّ كي نحيا بفرحه ولكن تجري أحداثٌ تسبّب للإنسان الحزن.
يتحدّث مار بولس عن نوعين من الحزن في رسائله:
الأوّل هو الحزن النّابع من اليأس أو من خسارة الأحبّاء وهو يتناقض مع الرّجاء المسيحيّ ولذلك يقول فيه: “ولا نُريدُ، أَيُّهَا الإِخوَةُ، أَنْ تَجْهَلُوا مَصِيرَ الرَّاقِدِين، لِئَلاَّ تَحْزَنُوا كَمَا يَحْزَنُ سَائِرُ الـنَّاسِ الَّذِينَ لا رَجَاءَ لَهُم”!
أمّا النوع الثاني فهو الوارد في رسالة اليوم وهو “الـحُزْنَ الـمُرْضِيَ للهِ” الّذي “يَصْنَعُ تَوْبَةً لِلخَلاصِ” والتوبة هي تجديدٌ للحياة مع الله ولذلك تتناقض مع الموت الرّوحيّ.
