البابا شنودة الثالث
20- بحث تعدد الزوجات في العهد القديم وإلغائه في المسيحية:
ز) سياسة التدرج التي اتبعها الله
7- بدأ الله في شريعة موسي يغسل هذا الشعب من نجاسته ويرفع مستواه، حتي يستطيع أن يصل به في المسيحية إلي الطهارة التي أرادها له منذ البدء، و التي كانت شريعة "الزوجة الواحدة" أحد مظاهرها. فماذا شرع له حتي أقتاده إلي ذلك؟
أ- حرم الله علي الشعب كثيراً من الزيجات:
حرم عليه التزوج بالأخت، وكان ذلك ممارساً في القديم. فابراهيم أبو الآباء أتخذ ساره زوجه له ( تكوين 20: 12). وحرم عليه الزواج لأختين وكان ذلك أيضاً ممارساً في القديم، كما حدث مع يعقوب أبي الأسباط الأثني عشر (تكوين 29: 26، 27). وحرم عليه زيجات اخري كثيرة، بلغت في سفر الاويين 17 حاله (أصحاح 18). وهكذا لم يعد الزواج مطلقاً كما كان من قبل. وقد تدرج هذه المحارم وتطور حتي وصلت إلي حد اكبر فيما بعد. ومن يكسر هذه المحارم كان في الغالب يقتل.
ب- أمره بالأبتعاد عن النساء في ظروف روحية معينه:
فقبل أن يقتر بالشعب من جبل سيناء لسماع الشريعة، أمره موسي آن يتطهر ويغسل ثيابه، ولا يقرب النساء ثلاثة أيام (خروج 19: 15). وكان محرماً علي اي فرض من الشعب آن يتقدم ليأكل من ذبائح الله المقدسة، إلا وهو طاهر لم يقرب أمرأة (لاويين 22: 6). وهكذا كانت هناك أيام عامه، يتعفف فيها الشعب كله، ويتفرغ للعبادة وهي موسم الرب وأعياده، التي تقدم فيها ذبائح عامه وكانت كثيرة (لاويين 23) تضاف إليها المناسبات الخاصة بالأفراد التي يقدمون فيها ذبائح للرب عن أمور خاصه بهم.
وهكذا عندما طلب داود النبي من أخيمالك الكاهن خبزاً، أجابه ذاك"... يوجد خبز مقدس، إذ كان الغلمان قد حفظوا أنفسهم ولاسيما من النساء". ولم يعطيه إلا بعد أن أجابه داود " أن النساء قد منعت عنا منذ أمس وما قبله" (صموئيل الأول 21: 4، 5).
ج- كان أمر الله الشعب بالأبتعاد عن النساء في ظروف خاصة بهن:
مثال ذلك "أيام طمث المرأة". أن مسها وهي "في نجاسة طمثها" يصبح هو أيضاً نجساً إلي المساء وكذلك أن كانت ذات سيل، في الغير أيام طمثها (لاويين 15: 19، 27). أما أذا أضطجع رجل مع إمرأة طامث فكلاهما يقطعاً من بين الشعب (لاويين 20: 18). كذلك كان المرأة لا تمث في أيام نفاسها حتي تطهر (لاويين 12).
د- ولكي يمنع الله الشعب من الأنغماس الشهواني في المعاشرات الجنسية اعتبر أن "كل من اضطجع مع امراة أضطجع زرع يكون نجساً إلي المساء" (لاويين 15: 16) فيغتسل الأثنين ويغسلاً ملابسهما هذا إذا كانا زوجيين، أما آن لم يكونا كذلك فإنهما يقتلان (لاويين 20: 10) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). فكأن الله شرع لهم أن الأبتعاد عن النساء طهارة، حتي الزوجات! فإن كانت هذا مع الوحدة، فكم بالأكثر في حالة تعدد الزوجات؟!
ه - وهكذا حتي في شريعة موسي كشف الله للشعب ولو من بعيد قبساً من جمال البتوليه وسموها عن الزواج.
وكمثال لذلك قال عن الكاهن الأعظم "هذا يأخذ أمرأة عذراء أما الأرملة والمطلقه والمدنسة والزانية، فمن هؤلاء لا يأخذ بل يتخذ عذراء من قومه أمراة (لاويين 21: 13، 14). وتدرج الله حتي بارك الخصيان وقال "لا يكن الخصي اني شجرة يابسه... أني أعطيهم... أسماً أفضل من البنين والبنات" (أشعياء 56: 3، 5).
و- أصلاح آخر قام به الله في شريعة الزواج وهو يختص بالطلاق:
وقد شرحنا قبلاً ما اتبعه الله فيه من تتدرج أنتها إلي أنه قيل في سفر ملاخي النبي " لأنه يكره الطلاق قال الرب إله إسرائيل" (2: 16). هذه امثله قليله من التدرج الذي أحدثة اله في شريعه الزواج، ورفع به الشعب من الممارسات البدائية التي تشابه الوثنين إلي درجات قربتهم إلي شريعة المسيحية التي رجعت فيها الوضع الألهي الأصلي. أما تعدد الزوجات فإن وقت إلغائه لم يكن قد حان بعد.