رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنا .. هذه الشجرة الرائعة .. وأنت أيضاً! أنا هي اليوم وأمس وغداً. شجرة جميلة ... فلا تنكر كم جميلة هي! هذه الصورة قد تدعو البعض للحزن، ولكني لم أكن من هذا البعض أبداً، بل إنها تجتذبني إلى أعماق السعادة! إنها اللحظة التي يقارن فيها (الرجل أو المرأة) صورته اليوم ومن عشرات السنين. لقد تقدم العمر، البعض يحزن على ما فات ولكني أفرح بأني "أتقدم" للأمام. البعض يرى العلامات على وجهه فيتضايق، ولكني أراها فأشعر بالفخر، اذ كل علامة تحمل خطوة نحو النجاح والتحقيق. البعض يقاوم التغيير، فيزيل التجاعيد والرتوش والانحناءات الغائرة العميقة في وجهه، جبهته، عنقه، فروعه جذعه و... ولكني لا أقاوم التغيير، بل أحتضنه بكل سعادة وحب، فأرى علامات اهتمامي وحزني وألمي تنطبع جميعاً وتتشكل على وجهي ، أرى حياتي مرسومة بدقة في هذا التغير، هذا الخط الغائر حين كنت أذاكر وهذا اللون البرونزي الجميل اقتنيته في "شهر العسل" .. هذه الخطوط على جبهتي تكونت حين كنت أعمل وأتقدم، وهذه الخطوط الرفيعة أسفل عيني، حين كنت أُربي وأُعلم وأَسهر ... هذه الغائرة في وسط جذعي .. إنها التوبة ... وهذه القوية العميقة الضاربة في الارض ... إنها الصبر! ربما زادت ملامحي حدة، ولكن أنظر الى عقلي... لقد زاد هو الآخر حدة، زاد خبرة، زاد إدراك وتفرع وتشعب وتعدد ... لم يعد في عقلي فرعان، أبيض وأسود... لقد تشعبت الفروع فأصبحت أتفهم الرمادي وأتقبل درجات كفاح الانسان وصراعه! انني أعشق كل لحظة وكل تحول وتغيير. لقد صنع الله كل شئ "حسن" في وقته! ولكن دعني أخبرك عن سر الجمال في هذه الصورة، أنها تنظر... هذه الشجرة دائماً تنظر، تنظر إلى الأفق، إلى الأصل، إلى مشتهاها، إلى الأبدية ... التي جعلها الله في قلوب البشر. وليست الأبدية هي الحياة بعد الموت، مسكين لو ظننت هذا! الأبدية ولدت في قلبك يوم ولدت... وهي الحياة التي تعيشها منذ الان وتمتد بك بلا انتهاء، إنها الشوق الدائم لرؤية الله! الانجذاب الرهيب نحو الجلوس معه، ومخاطبته، ومعانقته عندما تخطئ والاستسلام الملذ .. ليمينه ويساره! إن هذه الشجرة ليست سعيدة لانها متفاءلة ذكية، ولكن لأن عيناها لا تلتفت كثيراً .. بل نحو الله تنظر، تشتاق وتتلهف. اقرأ معي الاية بقلبك الله “صَنَعَ ٱلْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ، وَأَيْضًا جَعَلَ ٱلْأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، ٱلَّتِي بِلَاهَا لَا يُدْرِكُ ٱلْإِنْسَانُ ٱلْعَمَلَ ٱلَّذِي يَعْمَلُهُ ٱللهُ مِنَ ٱلْبِدَايَةِ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ.” **اَلْجَامِعَة ٣ فقط حين توجه نظرك بلا إلتفات نحو الله، عندها فقط "تدرك" "العمل" الذي يعمله الله فيك "من البداية الى النهاية". |
|