حكايات امهات

[walaa farouk]

كلنا كنا عارفين انه غصب عنه ..انه يبقى طول الوقت مش موجود ..
دى طبيعة شغله ..مش اهمال لبيته خالص ..

ولاقيناها واقفة فى ضهرنا انا واخواتى وابويا ..ماكنتش الابن الشاطر فى المدرسة ..

وكنت باسقط فى الانجليزى ..والنتيجة انى بافضل اخد دروس فى الصيف ..

عشان امتحن الدور التانى ..الوقت اللى امهات كتير كانوا بيرتاحوا من هم المذاكرة ..

كانت هى تشيل هم الدروس فى عز الصيف ..ترجع من شغلها ..

تاخدنى الدرس .. وتفضل مستنيه فى الشارع كل ده غير تعييرالناس ليها بسببى ..

كل ده اى ام ممكن تعمله ..ودا العادى اللى المفروض يكون ..

بس لما بنكبر بنشوف الواقع ..بعين ادق شوية ..

وبدل الايام ما توديها للراحة ..وبدل ما الكتاف يخف حملها ..
وبدل ما الشيلة تبقى اهون ..ربنا سمح انه ييجى لها مرض السرطان ..

سنة تجر سنة ..والمرض بيتسلى على جسمها ..
كل شوية حتة تتشال ..الشعر الجميل بقى يقع بطوله ..
الضروس تتلخلخ .. وتقع ..الضوافر تتشال كل ده وهى بتعافر ..

كبرت انا ..
وفى وسط زياراتى لناس على اد حالهم ..لقيت بيت ظروفه متعبة شوية ..

بيت من غير اب ..وأم سايبة بنت صغيرة 3 سنين
علطول قاعدة على السلم ..لدرجة انها بقت تنادى للى طالع واللى نازل .."بابا"

اخدت البنت الصغيرة دى لماما ..وحكيت لها على ظروفها ..

كان ممكن تقول لى ..ربنا يساعدهم وتسكت ..

لكن لقيتها قالت لى مش هينفع نسيبهاهاتها تعيش معانا ..

ماكنتش عارف ازاىرغم تعبها ومرضها وافقت تعمل كدة ..

وابتدت مرحلة جديدة من امومتها ..اللى ماشوفتهاش فى ناس كتير ..

بقت تنزل تاخد جلسات الكيماوى ..فى اجازة المدرسة بتاعت البنت ..
و تقول اصل الكيماوى بيدوخنى .. ومش باعرف اذاكرلها ..

وتصحى الصبح الساعه 6 ..علشان تعمل لها السندوتشات ..
وتقف تستناها لحد ماتنزل ..علشان بتخاف من السلم ..
ولما تيجى تغديها وتقعد تذاكر لها ..ايوة .. كانت بتعمل كل ده ..
مع بنت مش بنتها ..ما خرجتش من بطنها ..
بس .. أصلها أم ..وساعة فرح اختى ..
حبت تعمل لها اكل ..علشان لما ترجع من شهر العسل ..
شكلها مايبقاش وحش قدام اهل جوزها ..والشغاله كانت فى إجازة الفترة دى ..

كانت تصحى من الفجر من وراناعلشان ماتتعبناش ..
وماتقولش لحد ساعدنى ماكانتش بتقدر تقف قدام النار ..
رغم انها كانت بتحارب نار كتير لوحدها ..وفى يوم صحيت من غير ما تاخد بالها ..
اتصدمت ..
لما لقيتها بتزحف على الارض من التعب علشان تجهز الاكل ..
ولا انها تصحينا نولع لها الفرن او نساعدها بحاجه

ولما كنا بنسالها بتستحملى كل ده ازاى سنين كتير حقن وكيماوى واشعاع ..

مظاهر الانوثه اللى بتختفى واحدة ورا التانية ..كانت تقول .. خلى المرض يطهرنى

علشان اروح له نضيفه ..ويزيد المرض عليها ..
وتدخل العناية المركزة ..وكل همها انها تفرح بيا انا واخويا ..
و كان كل طلبها من ربنا ..ان ربنا يمد فى عمرها ..
عشان تعمل مع البنوته الصغيرةزى ما عملت معانا ..

ولقيتها بتوطى تبوس ايدينا ومابتنطقش غير كلمة واحدة ..

شكراً ..

ايوة .. هى اللى كانت بتشكرنا علشان كانت فاكره انها تعبتنا معاها
بدل ما احنا اللى نبوس رجليها ..عشان نشكرها ..

انا دلوقتى باتكلم اكتر من اربع لغات ..بسبب تعب الست دى معايا ..
وكنت من اوائل دفعتى ..وناجح فى شغلى جداً ..

واكتشفت انها لما كانت بتوطى تبوس ايدينا ..
وهى فى العناية المركزة ..ماكانتش بتشكرنا وبس ..
دى كانت بتودعنا قبل ماتمشى ..لأن بطلة الحكاية بتعيد فى السما ..

ديه كانت حكاية ام عظيمة

مش كل بطن شالت تبقى صاحبتها ام ..ومش كل بطن فاضية ..
صاحبتها ماتنفعش تكون أم ..فيه أمهات ماتوا ..
وبالرغم من كدة .. لسة عايشين وفيه أمهات ماتوا ..
رغم انهم قدامنا .. لسة عايشين