![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل الثانى 1- لقد فهم الكثيرون موضوع خلق الكون وجميع الموجودات بطرق مختلفة، وعبّر كل منهم عن رأيه كما يحلو له. فقال بعضهم إن الأشياء كلها قد وُجدت من تلقاء ذاتها وبمجرد الصدفة، كالأبيكوريين ، الذين في اعتمادهم على الأساطير يجزمون بأنه لا يوجد تدبير إلهي لكل الأشياء، وهم بهذا يناقضون ما هو واضح كل الوضوح. 2- فلو أن كل الأشياء قد وُجدت من نفسها وبدون تدبير، حسب اعتقادهم، لكان معنى ذلك أن هذه الأشياء قد وُجدت في بساطة وتشابه وبدون اختلافات فيما بينها، وبالتالي كان يجب أن كل الأشياء تمثل جسماً واحداً, شمساً أو قمرًا. وفي حالة البشر كان يجب أن يكون الجسم كله عيناً أو يداً أو رجلاً. ولكن الواقع غير ذلك, فنرى الشمس شيئاً والقمر شيئاً آخر, والأرض شيئاً مختلفاً. وفي الأجساد البشرية نرى الرِجل شيئاً واليد شيئاً آخر, والرأس شيئاً مختلفاً. فهذا الترتيب إذن يؤكد لنا أن هذه الأشياء لم توجد من نفسها, بل يدل على أن هناك علّة سابقة عليها, ومن هذا الترتيب نستطيع أن ندرك الله الذي خلق كل الأشياء ودبّرها. 3- آخرون أيضاً من بينهم مثلاً العظيم عند اليونانيين أفلاطون، علّموا بأن الله خلق الكون من مادة موجودة سابقاً وغير مخلوقة، وكأن الله لم يكن يقدر أن يصنع شيئًا ما لم تكن المادة موجودة بالفعل، كالنجار مثلاً, الذي يجب أن يتوافر له الخشب لكي يستطيع أن يعمل, لكنهم لا يدركون أنهم بقولهم هذا ينسبون الضعف لله. لأنه إن لم يكن هو سبب وجود المادة، بل يصنع الموجودات من مادة موجودة سابقاً، فهذا معناه أنه ضعيف، طالما أنه لا يقدر أن يصنع شيئًا من المصنوعات بدون المادة. تمامًا مثل النجار فإنه يعتبر ضعيفاً لأنه لا يستطيع أن يصنع شيئاً من احتياجاته بدون توفر الأخشاب لديه. 4- وطبقًا لهذا الافتراض فإن الله لم يكن يستطيع أن يصنع شيئًا لو لم تكن المادة موجودة سابقًا. وكيف يمكن أن يسمى بارئًا وخالقًا، لو أنه كان يستمد قدرته على الخلق من مصدر آخر، وأعني بذلك من المادة؟ فلو كان الأمر هكذا، لكان الله حسب فكرهم مجرد عامل فني يصّنع المادة الموجودة لديه دون أن يكون هو سبب وجودها, ولا يكون خالقاً للأشياء من العدم. ولا يمكن أن يسمى الله خالقاً بالمرة ما لم يكن قد خلق المادة نفسها التي منها خُلقت المخلوقات. 5- وهناك هراطقة أيضًا يتوهمون لأنفسهم خالقًا آخر لكل الأشياء غير أبى ربنا يسوع المسيح, وهم بهذا يبرهنون على منتهى العمى. لأن الرب كان يقول لليهود: "أما قرأتم أن الذي خلق من البدء, خلقهما رجل وأنثى, وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا" .. وبعد ذلك يقول مشيراً إلى الخالق: "فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان", فكيف يدّعي هؤلاء بأن الخليقة غريبة عن الآب؟ أو عندما يقول يوحنا في اختصار شديد: "كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئٌ مما كان", فكيف يمكن أن يكون خالق آخر سوى الله أبى المسيح؟ |
||||
![]() |
|