منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 20 - 01 - 2019, 06:45 PM
 
بنت معلم الاجيال Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  بنت معلم الاجيال غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 45
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 36
الـــــدولـــــــــــة : القاهرة
المشاركـــــــات : 58,440

على خُطى المجوس
للقديس يوحنا الذهبي الفم
والآن دعنا نتبع المجوس مرة أخرى(1)،
ولنتحرَّر من عاداتنا العالمية، ولنبتعِد عنها بعيدًا، لعلنا نرى المسيح.
لأنه لو لم يكن المجوس قد نظروا من بلادهم البعيدة جدًا، لما كانوا قد أبصروه.
دعنا نبتعد عن الأمور الأرضية. فالمجوس عندما كانوا في فارس، لم يروا إلا النجم، ولكنهم بعد أن ارتحلوا من بلادهم، إذا بهم يشاهدون شمس البر.
أو ُقلْ بالحري أنَّه ما كان لهم أن يروا أكثر من النجم، لو لم يكونوا مستعدين للنهوض ومتابعة المسير.
فلننهَض نحن أيضًا، مهما اضطرب الجميع، دعنا نركض إلى موضع الطفل الرضيع.
مهما حاول الملوك والطغاة والأمم أنْ يعترضوا طريقنا، لن نسمح لأشواقنا أنْ َتخمُد.
بل سوف ندفع بعيدًا عنَّا جميع الأخطار التي تحاصرنا لأن الجميع أيضًا لم يقدروا على الهروب من خطر هيرودس،
إلا الذين رأوا وجه الطفل الرضيع.



والمجوس أنفسهم قبل أن يشاهدوا الصبي، كانت المخاوف والأخطار والاضطرابات تضغط عليهم من كل جانب.
ولكنهم بعد أن سجدوا له، امتلأت قلوبهم بالأمان والسكينة. ولم يعد نجم هو الذي يتقدَّمهم، بل ملاك (2).
بل إنَّهم صاروا كهنة من حيث ممارستهم لطقس السجود، وفيما قدَّموه من هدايا.



هل تأتي معي أنت أيضًا تاركاً الأمة اليهودية والمدينة المُضطربة، وهيرودس الطاغية المُتعطِّش إلى الدماء، وبريق هذا العالم؟ هل تترك كل هذا وُتسرِع معي إلى بيت لحم، إلى مَسكن الخبز الروحي؟ (3)



فإن كنت مجرد راعي بسيط وأتيت إلى هنا، فسوف ترى الصبي في مذوده.
ولو كنت ملكاً ولم تقترب إلى ههنا، فلن ينفعك رداؤك الأرجواني.
وإن كنت أحد المجوس الغرباء، فلن يمنعك ذلك من الاقتراب.
فقط اجعل قصدك من المجيء هو أن ُتقدِّم الكرامة والسجود لابن الله، بدلاً من أن ترفضه وتزدري به.
وليكن مجيئك إليه بفرح ورعدة، لأنه من الممكن أن يتزامَن الشعوران.


ولكن احترس لئلا تكون مثل هيرودس وتقول في قلبك: "لكي آتي أنا أيضًا وأسجد له"، ثم إذا بك تسعى إلي ذبحه.
فكل الذين يتناولون من الأسرار بدون استحقاق يتشبَّهون بهيرودس،
ويقول عنهم الكتاب أنَّهم "مُجرِمين في جسد الرب ودمه" ( ١كو ١١: ٢٧ ).


فداخل كل واحد منهم يُوجَد هيرودس جديد يحزن لتأسيس ملكوت المسيح، أشر من هيرودس القديم العابد للمال.
فهيرودس القديم لم يهتَّم إلا بسلطانه، إذ أرسَل رعيته لتقديم السجود والولاء الظاهريين.
وفي الوقت الذي يسجدون فيه، ينهال عليهم ذبحًا وقتلاً. فلنخف إذن لئلا يكون لنا مظهر التوسُّل والعبادة، بينما تكون قلوبنا علي العكس تمامًا.


ولنلقِ كل ما في أيدينا عندما نسجد له. وحتى لو كان ما في أيدينا ذهبًا، دعنا ُنقدِّمه له بدلاً من أن ندفنه.
فإذا كان أولئك المجوس قد أعطوه المجد والإكرام، فكيف يكون حالك أنت يا من لا تعطيه ما يطلبه منك؟


إذا كان أولئك المجوس قد جاءوا من بعيد لكي يروه بعد ولادته مباشرًة، فما العذر الذي ستقدِّمه أنت لعدم تخليك عن طريقك مرة واحدة لكي تزوره وهو مريض أو محبوس؟ (4)


بل إنَّك قد تشفق على أعدائك أنفسهم عندما يكونون مرضى أو أسرى، فلماذا تبخل بالإشفاق على ربِّك الذي أنعم عليك؟ هم قدَّموا له ذهبًا، وأنت لم ُتقدِّم خبزًا. هم رأوا النجم وابتهجوا، وأنت ترى المسيح نفسه غريبًا وعرياًنا، ولكنك لا تتأثر.


لأنَّه مَنْ منكم يا من حصلتم على نِعَمه التي لا ُتعَد يستطيع أن يتحمَّل من أجل المسيح عناء هذه الرحلة البعيدة كما تحمَّلها أولئك المجوس، الذين هم أحكم الحكماء بين الفلاسفة.
ولماذا أقول رحلة بعيدة جدًا، بينما نساء كثيرات لديهم من الرقة ما يجعلهن لا يرغبن في عبور شارع واحد ليرونه في مذوده الروحي (أي الكنيسة)، إلا إذا حملتهم المركبات التي تجرها البغال.
وآخرون يقوون على السير، ولكنهم يفضِّلون البقاء في مواضعهم لمتابعة عمل ما أو تجارة ما أو مشاهدة مسرحية ما.
وبينما قطع أولئك المجوس رحلة طويلة هكذا من أجله قبل أن يروه، فلماذا لا تحاول أنت التشبُّه بهم بعد أن رأيته، بل تتركه، وتجري بعيدًا، لكي ترى المُمثِّلين. وأنت بعدما رأيت المسيح نائمًا في مذوده، إذا بك تتركه وتذهب لمشاهدة النساء على المسرح (5).



الحاشية


(1) هذه مقتطفات من عظة للقديس يوحنا الذهبي الفم يعلق بها على مجيء المجوس .


(2) ذكر الإنجيل أنَّهم أثناء رجوعهم من مقابلة الطفل يسوع "أوحي إليهم في حلم.." (مت ٢: ١٢). فربما قَصَدَ القديس يوحنا الذهبي الفم بقوله "ملاك" أنَّ ملاكاً ظهر لهم في الحلم وأرشدهم.


(3) "بيت لحم" باللغة العبرية تعني "بيت الخبز".
(4) يقصد القديس يوحنا هنا ما ذكره الرب نفسه في إنجيل متى، "بما أنَّكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغِر فبي فعلتم" (مت ٢٥: ٤٠).


(5) يتحدث القديس هنا عن هؤلاء الذين لا يذهبون للكنيسة نتيجة الكسل والتراخي أو بدعوى الانشغال بالعمل أو بمختلف أمور الحياة وهو ما نراه للأسف في عصرنا الحالي أيضًا. ثم يتحدث القديس في الأجزاء التالية عن المسارح وهي على ما يبدو كانت في عصره أماكن للمجون والخلاعة إذ كانت تُنصَب فوقها أحواض للسباحة لكي تسبح فيها النساء وهنَّ شبه عاريات. إلا أننا نجد الكثير مما تحدَّث عنه ذهبي الفم له ما يماثله في عصرنا الحديث. فلا يزال الكثير من الأعمال الفنية تعتمد على الإغراء والخلاعة لاجتذاب الناس لمشاهدتها.
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المسيح جسّد مَحَبَّته لنا
نطّوب مريم هي الفرع الذي خرج من جذر يسّى
هوَ حَّي
. حسّى بقلبك وحكّمى عقلك
العلاّمة يسّى عبد المسيح


الساعة الآن 08:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024