رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
«يا حمامتي في محاجئ الصخر، في سِتر المعاقل. أريني وجهك، أسمعيني صوتَكِِ» ( نشيد 2: 14 ) مع أن الحمامة ضعيفة جدًا في ذاتها، وليس في طوقها أن تحمي نفسها من أذى الكواسر أو الطيور الجارحة، ولكنها وجدت خلاصها ونجاتها وأمنها في ”مَحَاجِئِ الصَّخـرِ“؛ في جراحات المسيح، الصخر الثابت الذي لا يتزعزع . هناك تستقر النفس هادئة وهانئة في حمى ذلك الجنب المطعون، وهناك تجد مكانًا أمينًا في ذلك القلب الكبير ، قلب المحبة الإلهية بحيث لا تستطيع أجناد الظلمة وقوات الجحيم المُرعبة، أن تُسقِط شعرة واحدة من شعرها، لأن واحدًا من هؤلاء الأعداء لن يصل إلى واحدة من شقوق الصَّخـر، حيث تختبئ حمامة المسيح. إنها في أعالي الصَّخـر، في المسيح الذي هو الآن فوق جميع السماوات ، بحيث لا يستطيع رئيس سلطان الهواء وكل أجناد الشر الروحية ان تُحلِّق لتصل إليها، فهي ـ أي الحمامة، عروس الرب ـ تُشبه طائفة ”الوبَار“ التي هي «طائفة ضعيفة، ولكنها تضع بيوتها في الصخر» ( أم 30: 26 )، وأمنها ليس متوقفًا على مبلغ قوتها، وإلا لهلَكت لا محالة، وإنما على قوة المسيح الذي يحميها ويصونها ويرعاها، وهل يمكن للرب المُبارك ان يُسلِّم للوحش نفس يمامته؟! كلا ، فلقد قال مؤكدًا: «أنا أُعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحدٌ من يَدي» ( يو 10: 28 ). ولم تكن العروس في «محاجئ الصخر»؛ مكان الحمى والأمن في ذلك الجنب المطعون فقط، ولكنها كانت أيضًا «فِي سِتْرِ المعَاقِلِ»؛ مكان الشركة السرية ، إذ صار لها حق الاقتراب إلى الأقداس السماوية «وأمَّا أنتَ فمتى صلَّيت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك (أي في سِتر المعاقل)، وصَلِّ إلى أبيكَ الذي في الخفاء» ( مت 6: 6 ). وجاءت ”ستر المعاقل“ في بعض الترجمات بمعنى ”الدَّرَج السرِّي“ أو ”السِلِم السرِّي“، وربما كان في ذلك إشارة إلى الغرفات التي بناها سليمان الملك حول حيطان الهيكل، وكانت مكوَّنة من ثلاث طباق، وكانت كل طبقة منها أكثر اتساعًا من الطبقة التي تحتها، وكان الصعود إلى الغرفات الوسطى والعُليا بدرج معطف من الداخل، أي الدَّرج لم يكن يُرى من الخارج ( 1مل 6: 5 - 8). ففي الشركة السرية ترتقي النفس إلى إدراك أعلى ، واختبار أسمى لمحبة المسيح، وتتسع طاقتها الروحية سواء في التمتع به أو في السجـود والخدمة له. |
|