رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحرية والمعرفة والحديث الروحي أولاً: الحريــــــــــة رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ، ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ؛ فَاثْبُتُوا إِذاً فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ؛ وَلَكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ - نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ - وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعاً نَاسِياً بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهَذَا يَكُونُ مَغْبُوطاً فِي عَمَلِهِ. (لوقا 4: 18؛ غلاطية 5: 1؛ يعقوب 1: 25)أن ربطنا عصفوراً بخيط طويل، فأن حريته تكون محدودة في إطار طول الخيط، فعلى قدر طول الخيط على قدر ما يأخذ العصفور حريته لكنه يصير غير قادر على الطيران فيما هو أبعد من ذلك الخيط، بل حينما يحاول أن يطير بقوة فأن رد الفعل الحادث هو وقوعه فجأة، وقد ينهي هذا الوقوع على حياته، وهكذا الإنسان أيضاً قد يظن أنه حُراً بمجرد أنه تحرر من بعض الأشياء التي كانت تقيده، أو حتى حينما يحصل على مجال لحريته من بعض الخطايا والاحتياجات الشخصية لكنه يظل مقيداً بشيء يجذبه للخلف أو يجعله يقف عند حافة حريته المحصورة في حدود معينة، لأن أي قيد يقيد الإنسان فهو معطل أكيد لحريته الحقيقية [لأن ما انغلب منه أحد فهو له مستعبد أيضاً – 2بطرس 2: 19] لذلك نرى أنه حين خاطب المسيح اليهود الذين آمنوا بهقال لهم أن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً، وقد ثاروا عليه بسبب ذلك لأنهم ينظرون أنهم أبناء إبراهيم (من جهة الجسد) وغير مستعبدين لأحد، مع أن أجابهم يسوع: [الحق، الحق، أقول لكم، ان كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية] (يوحنا 8: 34)، لذلك أكد على أنه هو المُحرر الحقيقي للإنسان، لأنه يفك النفس من قيد الخطايا ويُقيمها خليقة جديدة كما أقام لعازر من موته، وحرر الخطاة والأثمة، لذلك حينما يدخل الإنسان في الحرية الحقيقية، حرية العهد الجديد، يجد أن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع يُحرره من ناموس الخطية والموت، فأن لسان حاله يقول عن خبرة حقيقية: [وقفت على قمة هذا العالم عندما أحسست في نفسي إني لا أُريد شيئاً منه ولا أشتهي شيئاً فيه]، وذلك لأن كل ما في العالم شهوة عيون، شهوة جسد، تعظم معيشة، وهذه ليست من الآب بل من العالم، والعالم يمضي وشهوته تزول، اما من يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد. عزيزي القارئ ينبغي أن تنتبه وتعرف ما هي الحرية،الحرية هي إرادة النفس العاقلة المستنيرة المُهيأة للتحرك إلى ما تُريد بكامل وعيها وإدراكها الداخلي، ولا شيء يُقيدها ليشدها للوراء ويجعلها تحيد عن هدفها التي تسعى إليه بكل طاقتها، فيمنعها عن المسير في طريقها التي اختارته، إذ يكون هدفها واضح أمام عينيها وحاضر دائماً، وقد حسبت نفقة الطريق التي تسير فيه، وأصرَّت على انها تجتازه مهما ما كان فيه من صِعاب أو خُسارة[1]، لأن لها رؤية نافذة للحق المُعلن والواضح أمامها كشمس النهار المُنير الذي لا يتعثر فيه أحد، وهذا يختلف عن ظلام الليل البهيم الذي كل من يسير فيه يتخبط، لأنه لا بُدَّ من أن تتعثر خطواته لأنه لا يستطيع ان يُبصر فيرى كل ما هو حوله، بل يحتاج لآخر لكي يقوده. v فتتلمس (فَتَتَحَسَّسُونَ طُرُقَكُمْ) في الظهر كما يتلمس الأعمى في الظلام ولا تنجح في طرقك بل لا تكون إلا مظلوماً مغصوباً كل الأيام وليس مُخلِّص. (تثنية 28: 29)وهكذا النفس التي حررها الابن الوحيد[2] [عالمين هذا ان إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد أيضاً للخطية (رومية 6: 6)]، وأنار ذهنها وفتح بصيرتها على الحق[3]، فصار الهدف أمامها واضح في نور إشراق وجهه[4]، لذلك فأنها لا تتخبط في ليل عدم الإدراك ولا تشويش رؤية الهدف، بل تسير في النور بخطوات ثابتة لا تتراجع فيها للوراء: فسيروا ما دام لكم النور لئلا يُدرككم الظلام، والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب. (يوحنا 12: 35) لذلك فأن طريق الحياة في المسيح يسوع لا يضل فيها أحد أبداً،حتى ولو لم يكن لهُ المعرفة الكاملة أو حتى معرفة الكتب عنده ناقصة، أو كان مبتدئ مثل طفلٍ صغير رضيع لا يزال يجهل الكثير: [وَتَكُونُ هُنَاكَ طَرِيقٌ تُدْعَى طَرِيقَ الْقَدَاسَةِ، لاَ يَسْلُكُ فِيهَا مَنْ هُوَ دَنِسٌ، إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ نَصِيبِ السَّالِكِينَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، وَلاَ يَضِلُّ فِيهَا حَتَّى الْجُهَّالُ] (أشعياء 35: 8) لأن طريق الحياة بطبيعته مُنير بنور اللوغوس حمل الله وحيد الآب: v ثم كلمهم يسوع أيضاً قائلاً: "أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة". (يوحنا 8: 12)والنفس التي دخلت في حرية مجد أولاد الله، وانفكت كل قيودها بقوة مسيح القيامة والحياة[5]، فأنه – بالضرورة – صار لها غرض وهدف واحد هو أن تستكمل المسيرة[6] في طريق الحق والحياة إلى النهاية للموت[7] لأنها ارتبطت مع الله بعهد جديد[8] لا ينحل بكونه قائم على دم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح[9]، وبذلك تحيا مُتجهة نحو الحياة الأبدية غير مكترثة بالمعوقات والضيقات والآلام والضعفات، وجميع أنواع الشدائد والأوجاع، لأن إيمانها ثابت في من معها بكونه أعظم وأقوى ممن هم عليها، لأن سندها هو القائد المُزيل العوائق ومُمهد الطريق، لأنه يرفع النفس بجناحي الروح الوديع الهادئ الذي هو سند النفس ومُعينها الحقيقي. v أزرعوا لأنفسكم بالبرّ، احصدوا بحسب الصلاح، احرثوا لأنفسكم حرثاً، فأنه وقت لطلب الرب حتى يأتي ويُعلمكم البرّ؛ وأما المُعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يُعلمكم كل شيء ويُذكركم بكل ما قلته لكم؛ وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يُعلمكم أحد، بل كما تُعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء وهي حق وليست كذباً، كما علمتكم تثبتون فيه؛ لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم. (هوشع 10: 12؛ يوحنا 14: 26؛ متى 10: 20؛ 1يوحنا 2: 27) v لا تخف البتة مما أنت عتيد أن تتألم به، هوذا إبليس مُزمع أن يُلقي بعضاً منكم في السجن، لكي تُجربوا، ويكون لكم ضيق عشرة أيام، كن أميناً إلى الموت فسأُعطيك إكليل الحياة. (رؤيا 2: 10) وعلامة حُرية النفس الظاهرة هي:سعيها الدائم للكمال[10] الموضوع أمامها – حسب المثال الحي الإنجيلي للخلاص (أي شخص المسيح الذي كان ينموا في القامة والنعمة عند الله والناس) – لكي يُثمر زرع الكلمة فيها[11]، فالروح الذي فيها يحثها على أن تخضع بحريتها لوصية المسيح بحُبٍ كثير[12]، فتتخلى عن امتلاك نفسها والتفكير المنحصر في ذاتها، حتى تتغير باستمرار ودوام بالموت والقيامة[13]، بخلع جسم الخطايا ولبس المسيح الرب (حسب عمل النعمة فيها)، وتستمر تسعى أن تكون على مثال من صالحنا بالمحبة، فتلتصق بالرب الصالح وحده فيُباد بصلاحه ذِكر الشرور الذي يُعكر صفو فكر النفس النقي ويعوقها عن المسيرة الروحانية حسب تدبير الخلاص المُعلن بالروح القدس في الإنجيل[14]. قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور؛ البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات؛ أن تخلعوا من جهة التصرف السابق الإنسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور، وتتجددوا بروح ذهنكم. وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البرّ وقداسة الحق؛ وأنتم مملوئون فيه، الذي هو رأس كل رياسة وسلطان، وبه أيضاً خُتنتم خِتاناً غير مصنوع بيدٍ بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح، مدفونين معه في المعمودية التي فيها أُقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات، وإذ كنتم أمواتاً في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معهُ مُسامحاً لكم بجميع الخطايا. (رومية 13: 12، 14؛ أفسس 4: 22 – 24؛ كولوسي 2: 10 – 13)___________________________ [1] قبلتم سلب أموالكم بفرح، عالمين في أنفسكم أن لكم مالاً أفضل في السماوات وباقياً (عبرانيين 10: 34) [2] وتعرفون الحق والحق يحرركم؛ فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احراراً (يوحنا 8: 32 و36) [3] حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب (لوقا 24: 45) [4] لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح (2كورنثوس 4: 6) [5] لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت (رومية 8: 2) [6] أيها الإخوة أنا لستُ أحسب نفسي إني قد أدركت ولكني أفعل شيئاً واحداً: إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قُدام (فيلبي 3: 13) [7] حقق ما نطقت به وكن أميناً معه فتنال في كل حين بغيتك (سيراخ 29: 3) [8] قد أتيتم إلى جبل صهيون، وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية، وإلى ربوات هم محفل ملائكة، وكنيسة أبكار مكتوبين في السماوات، وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مُكملين. وإلى وسيط العهد الجديد يسوع، وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل (عبرانيين 12: 22 - 24) [9] (1بطرس 1: 19) [10] لذلك ونحن تاركون كلام بداءة المسيح لنتقدم إلى الكمال (عبرانيين 6: 1) [11] لذلك اطرحوا كل نجاسة وكثرة شرّ، فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة أن تُخلِّص نفوسكم (يعقوب 1: 21) [12] أن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً (يوحنا 14: 23) [13] مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ، فما أحياهُ الآن في الجسد، فإنما أحياهُ في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي (غلاطية 2: 20) [14] بالطبع لا بد من ان نعي ونُدرك أن ليس معنى ذلك ستصير النفس معصومة ولن تتعرض للسقوط ابداً، لأن طالما نحن في الجسد فما نزال تحت ضعف، ومعرضين للسقوط دائماً، لكن الكلام القصد منه أن النفس وهي مع المسيح الرب لا تسقط بسهولة كما كانت، وحياة الشر ليس لها فيها راحة، فلا تحب الشرّ أو تسعى إليه، بل تنفر منه وتهرب وتحب الوصية وتلتصق بالله الحي وتُقيم شركة مع الكنيسة الحية بالمسيح الرب. |
|