لمشكلة ضعف الكنائس وانسحاب الخدام المستنيرين
ناس كتير بتبعت وتكتب (في صفحات التواصل الاجتماعي) تقول أن جو الخدمة في الكنيسة بقى ظُلمة، وناس كتير مش تعرف ربنا، واللي بيقول هاترك الطائفة كلها بسبب معوقات رآها في الخدمة لحد هرطقته بسبب احتكاكه ببعض الكهنة أو الخدام الكبار، ومشاكل كتير لا تعد ولا تحصى بتُرسل لا مجال ان أكتبها كلها لأنها مش موضوعي خالص.
أولاً طريق الخدمة ليس طريق وردي كأننا نسير في حديقة جميلة مملوءة زهور وأشجار مثمرة بهية للعيون ومشبعة لكل شخص يجول فيها يُريد أن يشبع من ثمارها الحلوة.
بل الخدمة الحقيقية هي طريق المشقة والسير فوق الأشواك الحادة ووضع ثقل الصليب على الكتف حتى تنغرس الأشواك وتدمي الأقدام مثل العبيد الأشقياء، فالرب حينما أتى ليخدم منذ الصغر وهو يسير في درب الآلام دون أن يمتعض، فهو قد افتقر منذ البداية لأنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد، ثم بعدما عاش في بيت فقير مع نجار بسيط، جال في البراري والقفار ليس له أين يسند رأسه وقاومه أصحاب الشريعة والمؤتمنين على النبوات من مُعلمي الشعب وكهنة الله العلي حتى وصل الأمر للرفض التام إلى تدبير المكائد من أجل أن يتخلصوا منه بالموت وبشكل مهين حتى يحتقره الجميع، حتى أنهم هيجوا الشعب نفسه ضده حتى أنهم صرخوا: [دمه علينا وعلى أولادنا].
فهذا هو طريق الخدمة الشاق،
فأن لم يحسب أحد نفقة هذا الطريق، وقبل أن يدخل فيه وضع كرامته تحت أقدامه ليعيش عبداً خادماً جالساً تحت أقدام كل من يخدمهم فأنه سيفشل فشلاً ذريعاً وسيتذمر ويمتلأ قلبه غيرة غير حسنة حتى يسقط في أعظم الخطايا شراً وهي إدانة الناس وتسخيفهم واحتقار شخصيتهم، وبذلك سيخسر حياته الروحية كلها من أساسها، لأنه في النهاية سيُضرب بضربة الكبرياء عديمة الشفاء، لأنه حتماً سيتعالي على الناس بعلمه ومعرفته وبالنور الذي يراه في نفسه.
ثانياً: أي إصلاح نتحدث عنه هنا يا ترى يا هل ترى؟؟؟
فمن هي الكنيسة التي نعرفها؟
هي أعضاء جسد المسيح من لحمه وعظامه، وذلك من أول إنسان مسيحي دخل المعمودية إلى بطرك الكنيسة ومجمعها المقدس، إذاً لو كل واحد صار في طريق الصلاح الإلهي وعاش بالتقوى والتزم بمخدعه ليتشرب من نور المسيح المُشرق على قلبه كل يوم، هو نفسه سيصير نور، وحياته ستكون سيمفونية محبة صادقة تُمجد الله، وكلامه سيكون مملح بملح مضبوط يُقدَّم كغذاء حي للنفوس التي تشتاق أن تحيا لله، وبلذلك ينتشر النور في وسط الظلمة كلها والكل يستنير ويفرح فرح الرب قوتنا.
يا إخوتي، أن كان هناك جسم كله جروح وقروح
من إخمص القدم لهامة الرأس فنحن نبدأ من باطن القدم، لكي يستطيع الجسد أن يسير نحو الطبيب، وأنا وانت باطن القدم، فلنعالج أنفسنا بالدواء الإلهي الصالح [بالتوبة والإيمان وكلمة الحياة في مخدعنا الخاص] لأن حينما نُعالج علاجاً صحيحاً ويتم إزالة الخشبة من أعيننا حينئذٍ نستطيع أن نُبصر جيداً لنخرج ببساطة وهدوء ورزانة القذى من أعين أخوتنا ليروا الطريق الصحيح، ونسير بهم ببساطة وتواضع قلب في وداعة ولطف إلى مسيح القيامة والحياة، لأن باطن القدم هو الحامل لثقل الجسد، وعلينا أن نحمل هذا الثقل طالما نرى أن هناك مرض يثقل الجسد كله.
وهذا هو طريق الخدام الحقيقيين
طريق حمل أثقال بعضنا البعض وأن لا نتملص من مسئوليتنا الموضوعة علينا لو كنا حقاً حاملين النور فينا بالحقيقة، ونرى الخطأ أو الضعف الملم بالجسد كله ظاهر قدام أعيننا بلا مبالغة أو تفريط، لأن ماذا سينفعنا الانتقاد اللاذع أو الشكوى المرة مما يحدث في أي كنيسة في العالم كله، لأن أي فائدة أو منفعة نرتجيها من الشكوى حتى اننا نسرع بأن نهرب من مكاننا لنذهب لمكان آخر، أو نغير الطائفة كلها بحجة اننا لا نرى فيها خيراً، لأن لو هذا هو رأينا إذاً فنحن لا نخدم المسيح ولم ننال منه موهبة الخدمة بالروح القدس، ولا نحمل رسالة حقيقية من الله لنقدمها داخل الكنيسة بالمحبة المنسكبة في قلبنا بالروح القدس.
بل نحن في الحقيقة - على هذا المنوال - نخدم ذواتنا ونبحث على راحتنا برضا الناس أو على الأقل تقبلهم لنا ولخدمتنا، وهذه الراحة هي عكس الخدمة تماماً، فلو الرسل ارتاحوا في خدمتهم أو حتى الأنبياء والقديسين رأوا راحة، لكان لنا أيضاً الحق في البحث عن راحة، لكنه لم يرى أحد منهم راحة بل كل ما وجدوه تعب ومشقة وويلات ألمت بهم من كل جانب، حتى موسى النبي رأى الويل من شعب معاند حتى انهم كادوا أن يقتلوه رجماً لولا تدخل الله في آخر لحظة وهم يرفعون الحجارة عليه هو وهارون، فكم نكون نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور.
تعقلوا واعرفوا ما هي الخدمة الحقيقية
تجولوا في الكتاب المقدس بتدقيق وصبر وشاهدوا وانظروا وعاينوا التعب والبذل حتى الموت لكل من خدم الله بصدق وإخلاص شديد وكان أميناً للنهاية، وانظروا لحياة الآباء القديسين كم ألم بهم من أوجاع شديدة بسبب التعليم وما هي المشاكل التي أحاطت بهم من كل جانب في كل عصر من العصور، فكم مات من رجال الله الأتقياء الذين حملوا رسالته الصادقة وهم حاملين أوجاع لا تنتهي مقدمين الرسالة التي أؤتمنوا عليها من قِبل الله دون تراجع او استسلام، بل ظلوا مخلصين للنهاية.