رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو سرّ انجذابنا للبحر في الحزن ولدى النكسات العاطفية؟ من الصراخ والبكاء وصولاً إلى التأمل والتفكير، يعتبر البحر بالنسبة إلى الكثيرين صديقاً يتقن فن الاستماع والمؤاساة، فيقصدونه ليشكوا له أمرهم، وكأن مياهه المالحة تعالج الجروح في داخلهم. ما هو سرّ انجذابنا نحو البحر في الحزن، وأيضاً في الفرح؟ وما تأثيره على صحتنا النفسية والجسدية؟ قوة البحار "دايماً يا بحر تخبي أسرارنا ولا عمرك مرة بتحكي أخبارنا، لكن الهوا ماله ومالنا، أمرك يا هوا خبّر أهالينا"، هذه الأغنية للفنان محمد رشدي تحكي قصة كل شخص منا وعلاقته بالبحر، كاتم أسرارنا. عند الوقوع في ضيق نفسي، نهرب فوراً إلى البحر، حيث نقف بصمتٍ أمام عظمته ونصغي إلى أصوات الأمواج وهي تتحطم على الشاطئ. هذا المشهد وحده يوفر لنا شعوراً بالراحة والهدوء والسكينة، فكلما اقتربنا من البحر كان مزاجنا أفضل. منذ العصور القديمة، راهن البشر على الماء كوسيلة ناجحة للشفاء، ففي روما مثلاً اعتبر الاستحمام جزءاً مهماً من الثقافة الشعبية، وكانت الحمامات مقصداً للباحثين عن الاسترخاء والتواصل مع الآخرين في جوٍ مريحٍ. وفي الطب الصيني القديم، اعتبرت المياه عنصراً أساسياً لتوازن الجسم وخلق الوئام الجسدي، فكان يُنظر إلى الأنهار على أنها أماكن مقدسة خاصة أن بضع ثقافات كانت ترى في المياه رمزاً إلى الولادة من جديد والتطهير الروحي والخلاص. أقوال جاهزة شارك غرد اللون الأزرق للبحر يبعث مشاعر الهدوء والسلام: "التأمل في المحيط يغيّر تردد موجات الدماغ ويضعنا في حالة من التأمل ويحثنا على الإبداع" شارك غرد تعدّ شواطئ البحار من الأماكن الغنية بالأيونات السالبة التي يصفها البعض بـ"فيتامينات الهواء" لكونها تحسن صحتنا وتجعلنا نستمتع بوقتنا ومنذ القرن الثامن عشر، تم ربط علاج بعض الأمراض النفسية كاضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب، بالمياه، فكان الأطباء يصفون الرحلات البحرية والمياه الباردة كنوع من العلاج النفسي للتغلب على الكآبة وتحسين المزاج. via GIPHY وفي ظل الصخب الذي نعيشه اليوم، تعتبر البحار والمحيطات وسيلة فعالة للعودة إلى الهدوء والسكينة، مما يدفع الناس إلى التوجه إلى البحر لتمضية العطل. وفي حين أن البعض يميل إلى "تفريغ" الطاقة السلبية عن طريق ممارسة الرياضات المائية مثل ركوب الأمواج والغوص والإبحار، يفضل بعضهم الآخر الاستلقاء على رماله والاستسلام للموج الجاري تحت أقدامهم. أكمل القراءة دغدغة الحواس منظر البحر يمكن أن يساعد المرء في عملية التخلص من التوتر والعثور على الفرح الحقيقي. فقد تبين أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من السواحل هم أكثر سعادةً وصحةً من غيرهم، بحسب المركز الأوروبي للبيئة والصحة البشرية، ولعلّ هذا ما يفسر سبب حصول "هاواي" للمرة السادسة منذ العام 2008 على لقب "أسعد ولاية أميركية" في استطلاع غالوب السنوي. لكن ما الذي يحصل بالفعل لعقولنا أثناء وجودنا بالقرب من البحر؟ لفت عالم النفس السريري "ريشارد شوستر" إلى أن اللون الأزرق للبحر يبعث مشاعر الهدوء والسلام، وقال "التأمل في المحيط يغيّر تردد موجات الدماغ ويضعنا في حالة من التأمل ويحثنا على الإبداع". ورأى أن الرائحة التي تصاحب نسيم البحار تساهم أيضاً في إشاعة حالةٍ من الهدوء، لأن لهذا الأمر علاقة بالأيونات السالبة الموجودة في الهواء الذي نتنشقه. تعدّ شواطئ البحار من الأماكن الغنية بالأيونات السالبة التي يصفها البعض بـ"فيتامينات الهواء" لكونها تحسن صحتنا وتجعلنا نستمتع بوقتنا. من هنا كشفت دراسة نشرت في مجلة الطب التكميلي البديل أنه يمكن استخدام العلاج الأيوني السالب لمعالجة أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي. وأوضح "شوستر" أن مجرد وضع القدمين في الرمال الدافئة يجعل الشخص يشعر بالاسترخاء. via GIPHY وعليه، فإن التأمل في البحر لا يشغل فقط حاسة النظر بل يحاكي جميع الحواس، إذ للأمواج إيقاعٌ جميل يتم استشعاره عبر السمع، والألوان هي بمثابة نغمات تريح العقل، كما أن البحر يدغدغ حاسة الشم برائحته الفريدة. كيف ذلك؟ في كتابه "Blue Mind"، تحدث الكاتب "والاس نيكولز" عن الطرائق العديدة التي تؤثر بها مياه البحار ليس فقط على حياتنا، إنما أيضاً على عقولنا وعلى صحتنا النفسية: “المياه تجعلكم أكثر سعادة وأكثر صحة وأكثر ارتباطاً بالآخرين". via GIPHY على أن الدور الذي يلعبه البحر في عملية شفاء العقل والجسد والتوصل إلى الحالة النفسية التي تعرف ب"blue mind" هو: يوفر لأدمغتنا الراحة رأى نيكولز أن أفضل طريقةٍ لفهم ما يحدث لعقلنا حين نكون بالقرب من البحر هي التفكير في الأمور التي نخلّفها وراءنا، وخاصة تلك التي ترهق دماغنا وتجعلنا نشعر بالتعب. في حياتنا اليومية، نتعرض بشكل مستمر للضغوط والأعباء في منازلنا، أو في عملنا، أو في شوارعنا المزدحمة. وبالتالي نحتاج بين الحين والآخر إلى إعطاء فسحة من الراحة لأدمغتنا. واللافت أن المحيط يوفر لنا هذه الميزة لأنه يجعلنا نرى الأمور بشكلٍ أبسط وأنقى بصرياً، قال نيكولز" اللجوء إلى المياه يمنح الدماغ راحة لا توفرها الصالات الرياضية... صحيح أن هناك أموراً كثيرة من شأنها تهدئة العقل المرتبك، كالموسيقى، والفن، والتمارين، والأصدقاء، والحيوانات الأليفة، والطبيعة، غير أن "المياه هي الأنسب لكونها تجمع العناصر الأخرى". تحفيز التأمل لا يملّ بعض الأشخاص من فكرة الجلوس بالقرب من البحر لفتراتٍ طويلةٍ، وهم يراقبون حركة المدّ والجزر وتكسّر الأمواج على الصخور، ولكن ربما يجهلون أن مياه البحار هي التي تستدعي التأمل. والجدير بالذكر أن الدماغ هذه الحالة الذهنية يكون مسترخياً، وفي الوقت نفسه منتبهاً لجميع التفاصيل التي تفيده: خفض مستويات التوتر، الألم والاكتئاب، تحسين مستوى التركيز ونوعية النوم. تعزيز التواصل مع الآخرين ليس من باب المصادفة أن معظم المناسبات السعيدة، كحفلات الزفاف واللحظات الرومانسية، تحدث في أماكن قريبة من المياه. فالبحر قد يحوّل توجهنا من "الأنا" إلى "نحن"، من خلال تعزيز قدرتنا على التواصل والتعاطف مع الآخرين. في الواقع، هناك العديد من الفوائد التي نحصل عليها جراء استمتاعنا بالبحر مع شخص آخر: "الوجود مع شخص ما بالقرب من البحر، قادرٌ على زيادة مستوى الأوكسيتوسين، وهي مادة كيميائية تلعب دوراً في بناء الثقة، يسميها بعضهم هرمون الحب، تساعد على كتابة فصلٍ جديدٍ من العلاقة". على حدّ قول نيكولز، الذي يضيف:"وجدنا أن العلاقات بين الناس بالقرب من المياه تزداد عمقاً"، مشيراً إلى أن العقل يصبح أكثر انفتاحاً وإقبالاً على الإبداع إذ تبدأون بحل ألغاز حياتكم". ذكر الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي المحيط في إحدى خطبه: "نحن على ارتباطٍ وثيقٍ بالمحيط. وعندما نعود إلى البحر، سواء كان ذلك للإبحار أو للتأمل، نكون قد عدنا إلى المكان الذي أتينا منه". |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المجاعة العاطفية |
المجاعة العاطفية |
النكسات : هي من تصنع النجاح !! |
ابتسم فالابتسامة أول طريق السعادة-الحزن جزء من الحياة لكن لا تطل مدة الحزن |
الشخصية العاطفية |