رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في هذا اليوم تمَّت جميع النبوَّات والرموز. يومٌ تكدَّست فيه جميع أنواع المظالم والقسوة ليتم كل المكتوب عنه. كانت محاكمة يسوع والسعي في سفك دمه أموراً تجري بغاية السرعة لأن حقد رؤساء الكهنة والفرِّيسيين عليه كان شديداً، حتى أن كل لحظة تأخير كانت تزعجهم. وكان كل غرضهم أن يتخلَّصوا منه حتى يتفرَّغوا للتمتُّع بالعيد والاحتفال به. كان سخطهم عليه شديداً لأنه كشف ما بداخلهم لأنفسهم وللناس, فلم يطيقوا رؤيته أو احتمال بقائه. كانوا قساة ولكنها قسوة مملوءة بالخوف والرعب منه، فأرادوا أن يتأكَّدوا من موته بأنفسهم، ولما مات ظلوا مرتعبين أيضاً لئلا يعود فيقوم كما سبق وقال لهم. كم من معاندين ليسوع المسيح اتَّصفوا بالجرأة والقحة في أساليب مهاجمتهم له ولأولاده في كل العصور، ولكن كان في قلوبهم دائماً رعب من سطوته أشد من رُعبة اليهود الذين قتلوه. «أصْلِبْهُ, أصْلِبْهُ»: كان الشعب ضحية القيادة العمياء، وكان المال أصل البلاء! فهؤلاء الذين استقبلوه بأجمل مِمَّا يُستقبل به الملوك، استطاع رؤساء الكهنة بمالهم وسلطان كهنوتهم أن يجعلوهم يصرخون في وجهه: «أصْلِبْهُ, أصْلِبْهُ!» (لو ٢٣). نسوا إحساناته ومواساته. أين معجزاته! أين الذين أقامهم من الموت؟ أين الذين شفاهم من البرص والشلل والعَمَى والصَّمَم؟ أين الذين أعتقهم من قيود الشياطين؟ أين الخمسة آلاف الذين أطعمهم في الجبل وأشبعهم من تعاليمه؟ أين تلاميذه؟ أين الشجاع بطرس؟ هربوا، هربوا كلهم! ما أحقر المُثُل والمشاعر التي قدَّمتها البشرية نحو مخلِّصها في يوم آلامه!! ولو كنا نحن في أيامهم لعملنا كما عملوا، وربما أردأ مِمَّا عملوا، لأننا بدونه لا نساوي شيئاً. «ابْكِبنَ على أنفسكُنَّ» : لم يقبل المسيح بكاء النسوة عليه. رفض أن بتقبَّل مشاعر الأسى والحزن نحوه إذ هو «مجروحٌ لأجل معاصينا, مسحوقٌ لأجل آثامنا. أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمَّلها ونحن حسبناه مُصاباً مضروباً من الله ومذلولاً» (إش53: 5،4). لم يتألم لأنه كان مُستحقاً للألم، ولم يُصلب من أجل ذنب عمله حتى يتقبَّل تعزية الناس له. أخشى أن نخطئ في هذا اليوم ونحزن أو نبكي كبكاء النسوة ظانين أنه تألم من أجل نفسه, إنه جيدٌ أن نبكي على أنفسنا وعلى أولادنا لئلا تكون كل هذه الآلام التي قاساها السيد عبثاً، إذ نكون بجهالتنا قد ابتعدنا عنه بقلوبنا، فنُحرَم من المجد الذي أعدَّه لنا بآلامه! إن كل ضربة وكل إهانة وكل ألم عاناه المسيح على الصليب كان من أجل كل فرد من البشرية في ماضيها وحاضرها، يرفع عن كل واحد منا الحكم الذي كان لابد أن يوفيه. إنها لم تكم آلام المسيح في الحقيقة, ولكنها آلامي وآلامك المستحقة علينا. نعم, فلنبكِ على أنفسنا. «فخرج وهو حاملٌ صليبه» : يوحنا الرسول يوضِّح لنا أن سمعان القيرواني لم يحمل الصليب كل المسافة، إذ قام المسيح بحمل صليبه في الأول, ولما سقط تحت الصليب رفعوه عنه وأعطوه لسمعان القيرواني، لا رحمة بالمسيح، وإنما خوفاً من أن يموت في الطريق فلا يُتمِّمون شهوة حقدهم وغيظهم بصلبه . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
اركع تحت صليبه |
من فقد صليبه فقد مسيحيته |
سأحبه ... فقط ... |
فيري فيري بيوتيفول |
قصة: حملت معه صليبه! |