رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا كيرلس السادس البطريرك الأسطورة يمثل البابا كيرلس السادس البطريرك 116 في تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية النموذج الكامل لشخصية البطريرك، كما تنص عليها قوانين الكنيسة وقد اختير من بين الرهبان كما تنص اللوائح والقوانين الصحيحة للكنيسة. ويقدم أيضا النموذج الروحي الكامل عند الأقباط، فقد عاش زاهدا مسكينا جلبابه بلا مزركشات. يرحب بالفقراء والضعفاء و"الغلابة"، بحب حقيقي وبابه مفتوح دائما لهم. ويكتمل المثلث الرائع في شخصيته بابتعاده عن السياسة رغم صداقته للزعيم جمال عبد الناصر إلا أنه كان يعرف أن وظيفة رجل الدين هي الصلاة؛ لذلك أحصي له إقامة 12 ألف قداس على مدى عشر سنوات جلس فيها على الكرسي البطريركي. ولد عازريوسف عطا ببلدة طوخ النصارى بدمنهور في مصر في الجمعة 2 أغسطس سنة 1902، وكان والده يعمل في مجال نسخ الكتب الكنسية ابتدأ عازر منذ الطفولة المبكرة حبه للكهنوت ورجال الكهنوت فكان ينام على حجر الرهبان؛ حيث كان رهبان دير العذراء مريم البراموس بوادي النطرون هم المسئولون بالرعاية لبلدة طوخ؛ ولذلك اعتاد الرهبان زيارة منزل والده؛ لِما عُرِفَ عنه من حُب وتضلع في طقوس الكنيسة. وإلى جانب تعلقه بالرهبنة انتظم في دروسه حتى حصل على البكالوريا (مسمى الثانوية العامة وقتها)، ثم عمل في شركة "كوك شيبينج" للملاحة بالإسكندرية وكان ذلك عام 1921 فكان مثالا للأمانة والإخلاص، ولم يعطله عمله عن دراسة الكتب المقدسة والطقسية والتفاسير والقوانين الكنسيّة تحت إرشاد بعض الكهنة الغيورين. ظل هكذا خمس سنوات يعمل ويجاهد في حياة نسكية كاملة، فعاش راهبًا زاهدًا في بيته وفي عمله دون أن يشعر به أحد، فكان ينام على الأرض بجوار فراشه ويترك طعامه مكتفيًا بكسرة صغيرة وقليل من الملح. الرهبنة في يوليو عام 1926 استقال من عمله وذهب لدير العذراء البراموس الذي ارتبط به منذ طفولته وترهبن. بعد مروره فترة الاختبار باسم الراهب مينا البراموسي؛ حيث يحمل الراهب اسم الدير المنتمي له، وذلك في 25 فبراير سنة 1928 تم رسم. ورسمه قسًّا في يوليو سنة 1931م، وبعد فترة عاش وحيدا في مغارة تبعد عن دير البراموس . شهادته للحق لم يعزله التوحد عن مجريات الأحداث؛ فقد حدث أن غضب رئيس الدير على سبعة من الرهبان وأمر بطردهم، فلما بلغ الراهب مينا الأمر. أسرع إليه مستنكرًا ما حدث منه، ثم خرج مع المطرودين وتطوع لخدمتهم وتخفيف ألمهم النفسي، ثم توجه معهم إلى المقر البابوي وعندما استطلع البابا يوأنس البطريرك 113 الأمر أمر بعودتهم إلى ديرهم وأثنى على الراهب مينا. الحياة في المقطم إلا أنه استأذن غبطته في أمر إعادة تعمير دير مارمينا القديم بصحراء مريوط، ولكن لم يحصل على الموافقة فتوجه إلى الجبل المقطم في مصر القديمة، واستأجر هناك طاحونة من الحكومة مقابل ستة قروش سنويًا وأقام فيها. وذلك في الثلاثاء 23 يونيو عام 1936. وفي الثلاثاء 28 أكتوبر عام 1941 ظنه الإنجليز المحتلون أنه جاسوس وطلبوا منه مغادرة المكان، فخرج متوجهًا إلى منطقة بابلون الدرج، وأقام في فرن بكنيسة السيدة العذراء الأثرية وذاع صيته وتقواه كان الكثيرون على مختلف طوائفهم ومللهم يسعون إليه للتبرك منه وطلب صلواته، فقام بطبع كارت خاص به عليه (بسم الله القوي) باللغتين القبطية والعربية، ثم إحدى الآيات التي كان يعيشها القديس ويحياها مثل (ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه)، وكان يوزعها على زائريه، كما أصدر مجلة بسيطة شهرية أطلق عليها اسم "ميناء الخلاص". الرهبان الجدد في عام 1944 أسندت إليه رئاسة دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون بمغاغة. المنيا وسرعان ما التف الشباب المتحمس الذين استهوتهم الحياة الرهبانية حوله. فاحتضنهم بأبوة صادقة وفتح لهم قلبه. وتتلمذ العديد على يديه فترعرع الدير وازدهر، وسرعان أيضا ما أقام لهم المباني وبنى أسواره المتهدمة بفضل تشجيع الشباب الذين تسابقوا على تقديم أموالهم وقفا للدير، وفي وقت قصير تمكن من بناء كنيسة الدير ببلدة الزورة (التابعة الآن لمركز مغاغة محافظة المنيا)). وعلى إثر ذلك منحه المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف في ذلك الوقت رتبة الأيغومانوس القمصية)- وهي درجة تكريم للقس- وقام ببناء كنيسة صغيرة باسم مارمينا العجايبي في منطقة الزهراء بمصر القديمة وذلك سنة 1949. اختياره للباباوية كان ترتيبه بين المرشحين السادس، وكان على لجنة الترشيح حسب لائحة السبت 2 نوفمبر 1957 أن تقدم الخمسة رهبان المرشحين الأوائل للشعب. وفي اللحظة الأخيرة للتقدم بالخمسة الأوائل، أجمع الرأي على تنحي الخامس، وتقدم السادس ليصبح الخامس. ثم أجريت عملية الاختيار للشعب لثلاثة منهم، فكان آخرهم ترتيبا في أصوات المنتخبين وبقي إجراء القرعة الهيكلية في الأحد 19 أبريل 1959. ودقت أجراس الكنائس وأتوا بالقمص مينا البرموسي المتوحد ليكون البابا كيرلس السادس بابا الإسكندرية المائة والسادس عشر من خلفاء مارمرقس الرسول. نمو القيم الروحية تميز عهد البابا كيرلس بانتعاش الإيمان ونمو القيم الروحية. فحياته هو والراهب مينا كانت البابا كيرلس في ملبسه الخشن وشاله المعروف وحتى منديله السميك ومأكله البسيط، فلم يكن يأكل إلا مرتين في اليوم الأولى الساعة الثانية والنصف ظهرًا والثانية الساعة التاسعة مساءًا، وفي الأصوام مرة واحدة بعد قداسه الحبري الذي ينتهي بعد الساعة الخامسة مساءًا وفي سهره وصلواته كذلك، فكان يصحو من نومه قبل الساعة الرابعة من فجر كل يوم ليؤدي صلوات التسبحة ويقيم قداس الصباح وبعدها يستقبل أولاده وهكذا يقضي نهار يومه في خدمة شعبه وفي وقت الراحة حبيس قلايته (مكان إقامة الراهب) في التأمل في الكتاب المقدس لا يعرف ساعة للراحة حتى يحين ميعاد صلاة العشية، فيتجه إلى الكنيسة تتبعه الجموع في حب وخشوع. فعلا كان مثال الراعي الصالح للتعليم لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق والقدوة الصالحة. إنه عينة حقيقية من كنيسة أجدادنا القديسين كنيسة الصلاة وتقديس الذات أكثر منها كنيسة المنابر والوعظ الكثير فهو رجل الصلاة، وكان يفتح بابه يوميًا لاستقبال أبنائه فقيرهم قبل غنيّهم، صغيرهم قبل كبيرهم ويخرج الجميع من عنده والبهجة تشع من وجوههم شاكرين تغمرهم راحة نفسية لما يلمسونه من غبطته من طول أناه وسعة صدر تثير فيهم عاطفة الأبوة الحقيقية الصادقة. النهضة الحديثة قدم البابا كيرلس أساسا لنهضة الكنيسة القبطية من خلال رسامته لأساقفة جدد في مجال خدمتهم وهم الأنبا شنودة أسقف التعليم والإكليريكية- البابا شنودة فيما بعد- الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي والدراسات القبطية والأنبا صموئيل أسقف الخدمات الاجتماعية والرعاية الذي أسس كنائس للأقباط في بلاد المهجر وعلى هذه الأسقفيات المبتكرة قامت نهضة توسعية للكنيسة في العصر الحديث. مع عبد الناصر يحلو للأقباط التغني بمعجزات وبركات وكرامات البابا كيرلس السادس وأيضا بصداقته مع الزعيم جمال عبد الناصر الذي شارك في التبرع لبناء الكاتدرائية الكبرى بالعباسية، ومنح الكنيسة جراج الزيتون لإقامة كنيسة ضخمة عليه أمام كنيسة العذراء الأثرية. كذلك شارك عبد الناصر في وضع حجر أساس الكاتدرائية وافتتاحها. وكان للعلاقة القوية التي جمعت البابا كيرلس بامبراطور الحبشة (إثيوبيا) دورا كبيرا للتفاهم بين عبد الناصر والامبراطور في قضية بناء سد على نهر النيل بإثوبيا وقتها. ويذكر التاريخ أنه خلال العشر سنوات التي جلسها البابا كيرلس على الكرسي المرقسي لم تحدث أي حوادث لفتن طائفية تذكر. ومات البابا كيرلس في 9 مارس 1971 بعد أن ترك ذكرى لن تموت. |
|