رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل يقبلني الله اذا كُنت ُ انسان فاشل ؟
قال السيد المسيح «تعالوا إليَّ يا جميع المُتعَبين والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحكم.»..' متى ١١ : ٢٨ لعل أصعب صراع يواجهه الانسان واشدّه ألمًا هو صراعه مع نفسه - والمقصود صراعه مع قبول نفسه. فكثيرين لا يقبلون أنفسهم نتيجة اسباب عديدة. ويُعَد هذا الصراع صعب جدًا لأن الانسان لا يستطيع ان يهرب منه. فهو ليس صراع خارج الانسان في منطقة معينة من الأرض لكي يُهرَب منه - لكنه صراع داخلي اينما ذهب الانسان ومهما حقق من انجازات ينتقل الصراع معه الى هناك. الشعور بصغر النفس هو مثال على ذلك - بغض النظر عن اسبابه - فأن هذا الصراع لا يُمكن للعوامل الخارجية ان تحلّه. فمهما ارتقى هذا الانسان ومهما احاط نفسه بالمُعجَبين والمُعجَبات فهو يبقى كارهًا لذاته ومتمنيًّا ان يكون انسان آخر. بالطبع ان هذا غير ممكن، فنحن لسنا اشخاص آخرين مُنفصلين عن ذواتنا، وانما نحن انفسنا ذواتنا التي تعيش حقبة مختلفة من الزمن. تكمن بداية الحل في أن يُشخّص الانسان صراعه ويتعرّف عليه. ممكن يكون صراع شابة مع نفسها نتيجة تجاوزها سن الزواج الذي يراه المُجتمع مناسبًا؛ أو صراع شاب مع نفسه لأنه غير قادر على تكوين مستقبله ماديًا نتيجة عدم حصوله على شهادة راقية، وبالتالي وظيفة عالية... او غيرها من الاسباب. ان التشخيص والفهم لحقيقة الصراع يجعل الانسان مُدركًا لتصرفاته ويفهم لماذا هو مُتصارع مع ذاته. لكن، الفهم وحده لا يكفي، القبول هو النتيجة المطلوبة والفهم غير كافي لذلك. ان القبول يعني الوعي الناضج من قبل الانسان لمشاكله وبالتالي تَمَكّنه من اتخاذ اجراءات عملية لحل المشاكل. وهنا قد يُهاجمنا المفهوم الخاطئ بأننا إن قبلنا انفسنا فنحن راضين عنها - هذا غير صحيح ابدًا. إذا اردت مساعدة اي انسان بحق، فعليك اولًا فهم وقبول واقع المشكلة التي هو فيها، والا لن تستطيع تقديم مساعدة حقيقية؛ هكذا يحدث مع أنفسنا. ان قبولنا لواقعنا لا يعني رضاتنا عنه، بل فهمنا له وادراكنا لحقيقة وجوده. حينها فقط سنتمكن من مد يد العون لأنفسنا - ان رفضنا لواقعنا يجعلنا لا نريد أن نتعامل معه، بل نهرب منه بأفكار وسلوكيات "مُخدّرة" كاذبة. ولكن... كيف نقبل أنفسنا؟... قد نحاول استخدام النقاط الايجابية في حياتنا وآراء مُحبّينا كنقاط قوة نرتكز عليها في قبول انفسنا - لكن هذا في الحقيقة لا يُجدي أي نفع حقيقي، لأننا في الواقع لا نقوم بقبول انفسنا بل بقبول هذه المزايا والآراء فقط - امّا حقيقة انفسنا فنحن رافضين لها. إن ما يؤثر كثيرًا على قبولنا لأنفسنا هو وجهة نظر الله عنّا... ماذا يقول الله عني؟... نحن في النهاية نحتاج أن نصدّق صورة انفسنا من مصدر مُعيّن، وهناك العديد من المصادر: رأي انا عن نفسي، آراء الآخرين (المتباينة بحسب كل شخص)، حقائق واحداث حياتي... وايضًا رأي الله عني. لا يُمكننا احبتنا أخذ صورتنا الذاتية من عدة مصادر، لأن واحدًا منها فقط سيكون حقيقي والبقية كاذبين. فالخطوة الأولى هي ان نُحدّد المصدر، وبالتأكيد لا يوجد مصدر يتكلّم بالحق اكثر من الله - فسنختار الله. بعد ذلك نسأل: من انا في عيون الله؟ - هل يقبلني الله إذا كنتُ انسان فاشل؟ هل يقبلني الله ان كنت غير متزوجة لحد الآن؟ هل يقبلني الله اذا كنت بحالة مادية ضعيفة؟ هل يقبلني الله اذا كنت مريض بمرض مُعيّن؟... ان كلام السيد المسيح يدل على ان الله يقبل أَدنى الناس في المجتمع . اكثر انسان فاشل ومُتعَب ولا يوجد منه نتيجة هو انسان يُحبّه الله، بل هو انسان مات السيد المسيح من أجله!... فكّر في هذا الأمر للحظة: من الذي يملك "مقياس" للجودة أفضل: انت أم الله؟... اكيد الجواب هو: الله... حسنًا، اذا كان الله الكامل، الذي لا عيب ولا خطيئة فيه ولاشر، إله الكمال والقدرة، إله المقاييس العالية هذا قد قبلك انت، فمن انت لكي لا تقبل نفسك؟ هل أنت أفضل منه؟ أم هل تُصدّق نفسك وتُكَذّب الله؟ - إذن، يوصلنا هذا الحوار الى نتيجة مهمة: ان كراهية النفس ما هي إلا كذبة يعيشها الانسان يوميًا مُعذّبًا نفسه بها ومُحاولًا بشتى الطرق ان "يتستّر" على نفسه منها، بينما ان الله العظيم القدير الكامل قد أحبّه وقبله. فاقبل نفسك، لأن الله قبلك - اقبل نفسك بالفشل الموجود، هذا لا يعني ان تقبل الفشل، لكن أحبّ نفسك حتى وانت في هذه الحالة لكي تستطيع ان تُساعد نفسك وتخرج من هذه الدائرة، وتجد النصرة الداخلية الحقيقية التي هي سر النجاح في هذه المعركة - وليس تغيير الحال. والله لن يتغيّر في محبته لك باختلاف وضعك - الذي أحبّك محبّة ابدية، لم يُحبّك لأنك ممتاز، بل أحبّك لأنه محبّة وان حُبّه غير مشروط بشرط تجاهك. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هل يقبلنى الله ؟ |
أعطى العريان كسوة ولتكن ملابسك كسوة لكثيرين |
الله يقبلنى على علاتى |
بعد الفيلم المسىء مقالة جديدة لــ نوارة نجم بعنوان يا فاشل يا فاشل |
فاشل فاشل فاشل وواحد ياجينا |