- اتجاه الكروموزوم والعامل الوراثي :
ثم تلت أعمال لمبروزو محاولات أخرى حاولت ربط الجريمة بنشاط الغدد و المورفولوجيا و الكروموزومات ، ومما ساعد على ذلك هو التقدم الكبير الذي أحرزته العلوم و الدراسات العلمية الخاصة بوظائف الغدد و الوراثة و علم الأجنة ( شيلدون ، جلوك ).فالاتجاه البيولوجي هو الذي يعطي الدور الجوهري للعوامل الوراثية و الجسمية للفرد في إحداث السلوك الإجرامي ، وقد ذهب في ذلك وليام شيلدون . H. Sheldon إلى تأييد هذا الاتجاه حيث ابتدع طريقة للتمييز بين المجرمين و غير المجرمين من حيث نوع الخلايا الجسمية لدى 200 حالة من الأحداث الجانحين ، حيث خلص إلى أن الجانحين يختلفون عن غير الجانحين من حيث الخلايا الجسمية و الأنماط المزاجية و النفسية المرتبطة بها و التي تتجه لدى الجانحين نحو انحطاط موروث .
هذا الاتجاه يذهب أيضا إلى اعتبارات أخرى هي أن الاستعدادات التكوينية التي توجد لدى الفرد من تشوهات و ضعف في القدرات العقلية و نقص في القدرات الجسمية ؛ هي عائق من توافق صاحبها مع البيئة المحيطة به و التي يعيش فيها، مما يجعلها كمحركات للخروج عن تواضعات المجتمع و التمرد عليه بإتيان السلوك الإجرامي . كما تحدث أنصار هذه النظرية عن اضطرابات الغدد و إفرازاتها وبخاصة الغدة الكظرية و التي تكون سببا في دفع الفرد إلى الفعل الإجرامي .
إن ما ذهبت إليه المدرسة البيولوجية من رؤى قائمة على أفكار و دراسات علمية و على الرغم من أنها فتحت الأبواب للبحث العلمي المتخصص في هذا المجال ؛ إلا أنها لم تسلم من النقد الذي وجهه عديد من العلماء ، مثل ما تقدم به فولد جورج B. VOLD. GEORGE (1958) الذي رأى أن التفسيرات البيولوجية هي تفسيرات هشة . كما انتقد أيضا ريتشارد كورنR.KORN كل المحاولات التي من شأنها أن تمنح الأهمية القصوى للعوامل العضوية في تفسير ت الجريمة وأكد أنها محاولات تفتقر إلى العلمية و الدقة في البحث . و أن الفروق التي تحدث عنها لمبروزو ترجع إلى الصدفة و لا تعكس فروقا حقيقية بين المجرمين و غير المجرمين , كما كان النقد الذي وجه للمدرسة قائم أيضا على أن أنصارها كانوا يستخدمون أسلوب القمع بحكم السلطة التي يمتلكونها على الجنود ، ومما يضعف أيضا مصداقيتها أن الطفل إذا ما فحص و وجد لديه دلائل مجرم يؤخذ مباشرة إلى السجن حسب تصنيف لمبروزو و أنصار النظرية البيولوجية .