رائحة الشهادة
يوجد فرق كبير بين آلام الأبرار والأشرار، فالأشرار يتألمون بغير عزاء، والأبرار يتألمون وأنوار الرجاء تشرق حولهم. والشهادة اللامعة هي شهادة الشخص الذي يتألم وهو صابر، مسلم لإرادة الرب بفرح وسرور.
بينما كان المسيح في بيت عنيا، جاءت مريم بقارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن، فكسرت القارورة وسكبته على رأسه. فامتلأ البيت من رائحة الطيب :
(اقرأ مرقس 3:14-9 ويوحنا 2:12-7).
ولقد كان كسر القارورة هو السبب الذي جعل الرائحة تفوح في أرجاء البيت. ونحن نقرأ في سفر النشيد :
"مَا دَامَ الْمَلِكُ فِي مَجْلِسِهِ أَفَاحَ نَارِدِينِي رَائِحَتَهُ."
(نشيد الأنشاد 1: 12)
ونقرأ في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس:
"لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ للهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ."
(2كورنثوس 2: 15)
فكيف يمكن أن تفوح هذه الرائحة إن لم تنكسر هذه القارورة عند قدمَي يسوع وينسكب الطيب عليهما؟
لقد كانت مريم تنفق ثمن هذا الناردين على الخطية قبل أن تعرف الرب، كانت تتعطر للعالم والخطية، ولكنها الآن وضعت الرب يسوع على عرش قلبها فكان لا بد أن تعطيه ما كانت تقدمه للعالم. فالعالم ليس أفضل من يسوع. وكم من أناس خلصهم المسيح من التدخين، والخمر والملاهي، والنجاسات، ومع ذلك فهم لا يعطون له سوى النفايات. إن قارورة حياتهم تحتاج أن تتكسر لتفوح رائحة المسيح الذكية منها؛ رائحة الشهادة القوية، والتضحية المباركة. فالشهادة الحقيقية تتطلَّب الألم والكسر. إن في قدرة أي واحد أن يتكلم عن أي نبي في أي جزء من الأرض دون أن يضار أو يصاب بسوء. لكن الكلام عن المسيح المخلص الحنون يثير عواصف الاضطهاد، وأحيانًا يكسر قلوب الذين يعلنون جمال هذا المخلص العجيب.