لم نتطرق إلى أي كلام سياسي أو حتـى فـي سياسة الكنيسة، ولكن في معظم الأوقات كان الكلام عن الإيمان وكلام في الإنجيل وفي أعمال اللَّه
وعجائبه فـي قديسيه وقد جذبنا الحديث مـرة عـن القصـص الإيمانيـة وتدوينها من الذين رأوها وكم هي بالحقيقة
تثبت الإيمان وتعزي نفوس الذين يجاهدون للسير في الطريق الضيق وتعضد الضعفاء
قال لي البابا سأقص عليك قصة حـدثت معـي
شخصيا وأنا بعد شاب في أواخـر العشـرينيات مـن عمري قبل أن أترهبن
قلت لسيدنا وأنـا كلـي آذان صاغية
ماذا يا سيدنا؟ قال
كان لنا صديق شاب استهوته القراءات فـي الوجودية والفلسفات الإلحادية
فقرأ وقرأ وتبحر فـي القراءة جدا، وأثرت فيه هذه القراءات حتى أنـه أسـلم
عقله بدون وعي لكل ما قرأه، وهكذا انتهى بـه الأمـر
الى الإلحاد وإنكار وجود اللَّه كلية !!
وبدأ صاحبنا يجاهر بأفكاره هذه وسط زملائه شـيئا
فشيئا، وقد بدأ هذا الأمر يؤثر في زملائه مـن مشـفق عليه إلى معارض محتد
ولكن الخطير في الأمر هو أن جميع أصدقائه لم يقدروا أن يرجعـوه إلـى جـادة
الصواب أو الإيمان إذ كان قد انزلق إلى هوة عميقة من الشكوك الخانقة للنفس
وأخيرا صـار الكـلام مـن الأهل والأصدقاء أنه لم يعد هناك سوى الأخ نظير جيد، وقد كنت وقتئذ علمانيا ولكني كنت نشطا فـي المجـال
الديني من مدارس الأحد إلى الكتابة في المجـلات إلـى إلقاء المحاضرات وكذا الكلية الإكليريكية
فوجدت أنـه من واجبي الشهادة للمسيح أولا، ثم من واجب الصـداقة
ومحبتي لخلاص نفس كل أحد
وجدت أننـي لابـد أن أعمل شيئا لهذا الصديق لكثرة ما سمعت من أصـ دقائه وأقاربه
قال البابا مكملا حديثه تقابلنـا وأمضـينا أيامـا
بأكملها، فندنا جميع أفكار الإلحاد شيء مهـول وبحـور هائجة وأمواج متلاطمة
ولكن بنعمـة المسـيح انتهـى الأمر بأن خـرج الأخ باقتنـاع كامـل بإيمـان قلبـي
وعقلي، ليس بوجود اللَّه فقـط، بـل بإيمـان مسـيحي في سر الثالوث القدوس