مطب طبيعي

[walaa farouk]

"النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل، دون أن نفقد الأمل" (ونستون تشرشل)
"الشخص الذي لا يرتكب أي أخطاء لم يجرب شيء جديد" (أينشتاين)
"يمكن لأي شخص التعامل مع النصر... فقط الأقوياء يمكن أن يتحملوا الهزيمة" (هتلر)
"الفشل هو الفرصة الوحيدة التي تتيح لك البدء من جديد على نحو أكثر ذكاءً" (هنري فورد)

دي كلها مقولات شهيرة عن الفشل، أو بمعنى أصح عن النظرة الإيجابية للفشل. وفي الحقيقة كل الكلام دا جميل ولا غبار عليه، لكن كتير بنقول أو نسمع كلام قادرين نستوعبه بعقلنا. إنما هل دايماً بنكون قادرين نعيشه على أرض الواقع؟!. ويا ترى لو أدركنا إن تحقيقه صعب، بيفضل عقلنا مقتنع به، ولا بنعتبره ساعتها ضحك ع الدقون؟!.
صحيح الفشل ممكن يبقى خطوة على طريق النجاح.. وصحيح الاعتراف بالفشل قوة وشجاعة.. لكنها في الحقيقة شجاعة مؤلمة.. شجاعة متغلفة بمشاعر إحباط وهزيمة.. ولأن الشعور بالألم مش خبرة سهلة، فطبيعي أن الاعتراف بالفشل يبقى صعب لأنه مؤلم.. حتى لو كان الألم دا ممزوج بشجاعة.. يعني الشجاعة المؤلمة في حد ذاتها محتاجة لشجاعة!
وعشان أوصل للشجاعة اللي أقدر بيها اعترف بفشلي وأشوفه من منظور إيجابي، محتاج أتعلم أزاي ما اخافش من وجعي.. وعشان ما اخافش من وجعي محتاج أحب نفسي.. يعني أقبل نفسي بكل ما فيها من نقاط ضعف وقوة.. طبعاً قبولي لنفسي (بشكل غير مشروط) بيحتاج دعم من ناس حواليا تقبلني لما أفشل وأكون محبط.. ناس تكون مؤمنة بيا ومصدقة فيا.. لكن حتى لو مفيش حد حواليا ولقيتني لوحدي، أنا كفاية.. أنا أقدر أكفيني لو بجد كنت حقيقي ومتسق مع ذاتي.. بمعنى أني أعيش ما أؤمن به وأعتقده.. وقتها هقدر أقبل الفشل في حياتي وأعتبره "مطب" في طريقي اللي أنا اخترته.
وحتى لو فشلت في حاجة معينة، وأدركت أن اختياري كان غلط في البداية، أو ما كانش مناسب لإمكانياتي مثلاً.. وإن عليا دلوقتي أخد قرار (مش سهل) بإني أغير الطريق اللي مالقيتش فيه مكاني.. لو أنا قادر أقبل نفسي بمحدوديتها يبقى هقدر أشوف الصورة على حقيقتها، ومش هعتبر إني فشلت لأني إنسان فاشل وما استحقش!.. ساعتها هقدر أواجه الحقيقة دي (إني اخترت غلط) بشجاعة وتصالح وإيجابية، طالما أني كنت صادق وحقيقي مع نفسي لما اخترت... وفي الحقيقة هو مفيش حاجة اسمها اختيار غلط أصلاً.. فيه اختيار مناسب واختيار غير مناسب.. أهم حاجة أنه يكون "اختيار" حقيقي.. اختيار بيعبر عن نفسي في الوقت اللي اخترته فيه.
قبولي لنفسي بيخليني أقدر أختبر ألمي من غير ما أخاف منه.. والفشل وقتها هيبقى بالنسبالي جولة خسرت فيها "حاجة" ممكن أعوضها.. إنما المهم أني مابقاش خسران قبولي لنفسي، لأن هو دا رأس مالي اللي مايتعوضش.. لكن مهم طول طريقي أبقى واعي بهدفي.. وعشان الهدف يساعدني أقبل فشلي واعترف به؛ لازم يكون الهدف هو أنا.. مش الناس!.. أكون عاوز أنجح عشان دا طريقي اللي اخترته ولقيت فيه نفسي.. مش عشان الناس ترضى عني وتشاور عليا ويقولوا "ناجح".
طبعاً الكلام دا كله مش معناه أن الاعتراف بالفشل حاجة جميلة وسهلة.. أكيد مفيش خلاف على أن الفشل خبرة مؤلمة.. خبرة دسمة، الاعتراف بيها أمر صعب.. لكن وعيي بهدفي (اللي هو أنا مش الناس) وقبولي لنفسي بيكون زي مضاد حيوي أقدر به أتحمل وجعي وأتحلى بالشجاعة اللي تخليني أكمل السكة مهما طالت.
جملة أخيرة.. قبولي لنفسي بيساعدني أقبل طريقي.. وقبولي لطريقي بيساعدني أقبل المطبات اللي فيه.. وساعتها أقدر أعتبرها فرصة عشان أهدي السرعة.. وأشحن من جديد.