رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الفرح عندما يدعو الله إلى التوبة!! «وَدَعَا السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى الْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ وَالْقَرْعَةِ وَالتَّنَطُّقِ بِالْمِسْحِ، فَهُوَذَا بَهْجَةٌ وَفَرَحٌ، ذَبْحُ بَقَرٍ وَنَحْرُ غَنَمٍ، أَكْلُ لَحْمٍ وَشُرْبُ خَمْرٍ! لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ» (إش22: 12، 13). لكي يتمتع الإنسان بسلام النفس وراحة الضمير، وبالتالي بالفرح الحقيقي الذي مصدره الرب، لا بد أن يأتي أولاً إلى الرب، تائبًا وحزينًا على حالته التي لا تتوافق مع قداسة الله، معترفًا بخطاياه واستحقاقه للدينونة، وفي الوقت ذاته مؤمنًا بكفاية عمل المسيح على الصليب، وتسديده لديونه الثقيلة. عندئذ يتمتع بغفران خطاياه، والحياة الجديدة، وبالفرح الحقيقي في الرب. لكن للأسف هناك مِن يبحث عن الفرح الزائف الوقتي بعيدًا عن الرب، وبذلك يخدع نفسه ويخدِّر ضميره، مع «الَّذِينَ يَحْسِبُونَ تَنَعُّمَ يَوْمٍ لَذَّةً» (2بط2: 13). في سفر إشعياء 22 نجد مثالاً لذلك. فلقد حاصر سنحاريب ملك أشور مدينة أورشليم، التي تسمى هنا ”وَادِي الرُّؤْيَا“ (ع1)، وأصبحت كل المدينة في حالة من الضوضاء والتشويش، وصعد الناس فوق الأسطح ليروا العدو القادم، والجيوش وهي تحاصر المدينة المنكوبة، إذ كان الشعب مبتعدًا عن الرب، ولم يكن الرب راضيًا على شعبه. ولقد بكى النبي إشعياء على ما أصاب الشعب، وقال: «اقْتَصِرُوا عَنِّي، فَأَبْكِي بِمَرَارَةٍ. لاَ تُلِحُّوا بِتَعْزِيَتِي عَنْ خَرَابِ بِنْتِ شَعْبِي» (ع4). جاء الأعداء ينقبون سور المدينة، وتحالف عيلام (فارس) وقير (موآب)، مع ملك أشور في حصار أورشليم (ع5، 6). ولم تكن هناك أسلحة كافية لمحاربة الجيوش المُحاصِرة (ع8). وقام الملك حزقيا بترميم السور، وإصلاح كل نقاط الضعف. لكن الأهم من ذلك أنه لبس مُسحًا ودخل بيت الرب وصلى. لكن ماذا كانت حالة الشعب؟! لقد انطبقت عليهم كلمات النبي: «لَكِنْ لَمْ تَنْظُرُوا إِلَى صَانِعِهِ، وَلَمْ تَرُوا مُصَوِّرَهُ مِنْ قَدِيمٍ» (ع11). لقد دعا السيد الرب في ذلك اليوم الشعب إلى البكاء والنوح، ليتواضعوا ويتوبوا عن حالتهم الردية، وإذا الشعب على العكس من ذلك تمامًا يُجيب على هذه الدعوة بالبهجة والفرح، وذبح البقر ونحر الغنم، وأكل لحم وشرب خمر، ولسان حالهم: «لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ» (ع13)، متجاهلين كلام الرب. لذلك حكم الرب عليهم: «لاَ يُغْفَرَنَّ لَكُمْ هَذَا الإِثْمُ حَتَّى تَمُوتُوا» (ع14). «لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ»! ما أخطر هذه الكلمات! وهذه الفلسفة المادية عديمة الإيمان لا زالت شائعة في الوقت الحاضر. والجهلاء يلهون أنفسهم بأفراح العالم الكاذبة، والتي تلهي الناس عن الله والأبدية. يقول الحكيم: «أَعْطُوا مُسْكِراً لِهَالِكٍ، وَخَمْرًا لِمُرِّي النَّفْسِ. يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ، وَلاَ يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ» (أم31: 6، 7). هذا هو العلاج الذي يُقدّمه العالم، لمثل هؤلاء، للتخدير والنسيان. فهم إذ يلهثون وراء المسرات والملاهي، وهم في حالة البعد عن الله، ينطبق عليهم قول الرسول: «الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ، الَّذِينَ إِلَهُهُمْ بَطْنُهُمْ وَمَجْدُهُمْ فِي خِزْيِهِمِ، الَّذِينَ يَفْتَكِرُونَ فِي الأَرْضِيَّاتِ» (في3: 19). «لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ»: ولكن هل الموت هو نهاية المطاف؟ لقد «وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّيْنُونَةُ» (عب9: 27). فالخاطئ بعد موته سوف يواجه دينونة الله العادلة إزاء كل الخطايا التي فعلها (رو2: 6). وهكذا، فبدلاً من أن يبكي أهل هذا العالم ويتواضعون ويتوبون، نجدهم يبتهجون ويفرحون بأفراح خادعة. «لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ»: اقتبس الرسول بولس هذا التعبير حين كان يشرح للمؤمنين حقيقة القيامة، فقال: «إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ، فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ!» (1كو15: 32). أي أنه إذا لم يكن هناك قيامة أموات فلنعش كالبهائم، ولنتمتع بكل مباهج الحياة الباطلة والوقتية. فإنكار حقيقة قيامة المسيح يؤدي إلى إطلاق العنان لشهوات الجسد، والانحلال والفساد، كَمَا كَانَ الناس فِي أَيَّامِ نُوحٍ (لو17: 26، 27). يقول الرب في الموعظة على الجبل: «طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ» (مت5: 4). فالشخص الذي ينظر إلى نفسه، وينوح على حالته، ويقول في انكسار أمام الرب: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ»، ينشئ حزنه هذا فيه «تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ» (2كو7: 10). وهكذا تحذر كلمة الله غير المؤمنين: «نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ. اكْتَئِبُوا وَنُوحُوا وَابْكُوا. لِيَتَحَوَّلْ ضِحْكُكُمْ إِلَى نَوْحٍ، وَفَرَحُكُمْ إِلَى غَمٍّ. اِتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ» (يع4: 8-10). ليت كل مَن لا يزال بعيدًا عن الله يسمع نداء الرب: «ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ. وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ. وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلَهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ» (يؤ2: 12، 13)، وسوف يتحول النوح إلى فرح لا ينطق به ومجيد. |
|