رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الفرح في الحزن «كَحَزَانَى وَنَحْنُ دَائِمًا فَرِحُونَ»! (2كو6: 10) تبدو هذه العبارة كأنها لغز بالنسبة لأهل العالم، فالوضع الطبيعي الذي يفهمه الإنسان العادي أنه عندما تدخل الأحزان إلى الحياة فإن الأفراح ترحل. والمسيحي يعرف الأفراح والأحزان كباقي البشر، ولكنه يستطيع أن يتمتع بفرح إلهي لا يعرفه أهل العالم، وله أحزانه التي لا يدركها أهل العالم أيضًا، لأنهم لم ينلوا الطبيعة الإلهية التي منحها الله لأولاده. ودعنا نناقش هذا الأمر في دائرتين.أولاَ: الرب يسوع في حياته على الأرض قيل عن شخصه المجيد بالنبوة إنه «رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ» (اش53: 3). وعندما نتتبع حياته على الأرض كما سجلتها الأناجيل نجد أن هذه العبارة تمت فعلاً. فبالرغم من كونه البار والكامل القدوس إلا أنه اختبر آلامًا ومعاناة كباقي البشر، آلام الحرمان والفقر والجوع وعدم فهم الناس له، بالإضافة إلى المعاناة التي عاناها بسبب شهادته عن شخصه المجيد. عندما بكى أمام قبر لعازر كان يرى أجرة الخطية التي تجسمت في موت لعازر، فذرف الدموع بغزارة، تعبيرًا عن عمق شعوره بمرارة الخطية. وكم حزن بسبب ما فعلته الخطية بالبشر، فقسَّت قلوبهم وجعلتهم يرفضون الشخص الذي أظهر لهم كل أحشاء الله ومراحمه. لقد تألم بسبب رفض شعبه له، فبكى على أورشليم (لو19: 41). نقرأ في إنجيل لوقا 10: 21، وفي متى 11: 21، 26 أنه وبخ المدن التي صنع فيها أكثر قواته لأنها لم تتب. لقد أغلقت هذه المدن أبوابها في وجه الشخص الذي أتى مُحمَّلاً بنعمة الله، وتكلم عن الدينونة العتيدة على هذه المدن بسبب عدم إيمانها؛ ولكن في هذه اللحظة الصعبة نقرأ: «وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ وَقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ، رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ، لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ» (لو10: 21). هنا نتعلم سر الفرح في حياة الرب يسوع. إن كان قد تألم بسبب رفض شعب إسرائيل له كالمسيا، فإنه في الوقت نفسه استطاع أن يفرح ويُسر بمشيئة الآب. فإن كانت إسرائيل قد أغلقت أبوابها في وجهه الكريم، فقد رأى الرب يسوع بابًا آخر قد فُتح له من الآب، أن يعطى هذه العطية الثمينة، الكنيسة. وهذا كان بالنسبة للآب مجد أعظم، وبالنسبة للابن فرح أعظم لقلبه. ثانيًا: الرسول بولس لا يوجد خادم تألم وتحمَّل المشقات مثل الرسول بولس، الذي تشبَّه بسيده الرب يسوع. فقد شارك المسيح في آلامه واستطاع أن يقول: «الآنَ افْرَحُ فِي آلاَمِي لأَجْلِكُمْ، وَأُكَمِّلُ نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِي جِسْمِي لأَجْلِ جَسَدِهِ: الَّذِي هُوَ الْكَنِيسَةُ» (كو1: 24). وعندما استعرض أتعاب الخدمة ومعاناتها الكثيرة والمتنوعة في 2كورنثوس 11، أضاف قائلاً: «عَدَا مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ: التَّرَاكُمُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ، الاِهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ» (2كو11: 28). هذا بالإضافة إلى أوجاعه بسبب رفض الكثيرين لشهادته عن المسيح، وخاصة أنسبائه حسب الجسد، وأيضًا بسبب المشكلات في بعض الكنائس التي وُجدت فيها شرور أدبية وانقسامات، وعدم توقير اسم الرب ولا سيما عندما يجتمعون لصنع ذكرى موته، وأيضًا بسبب التعاليم الشريرة التي أنكرت القيامة. لقد كتب مرة: «لأَنِّي مِنْ حُزْنٍ كَثِيرٍ وَكَآبَةِ قَلْبٍ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ بِدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ» (2كو2: 4). هذا الخادم الأمين الذي اختبر المتاعب والأحزان في الخدمة، هو نفسه الذي كتب كثيرًا عن الفرح في رسالة فيلبي وقال لهم: «مُقَدِّمًا الطِّلْبَةَ لأَجْلِ جَمِيعِكُمْ بِفَرَحٍ». وأيضًا «لَكِنَّنِي وَإِنْ كُنْتُ أَنْسَكِبُ أَيْضًا عَلَى ذَبِيحَةِ إِيمَانِكُمْ وَخِدْمَتِهِ، أُسَرُّ وَأَفْرَحُ مَعَكُمْ أَجْمَعِينَ» (في1: 4؛ 2: 17). • لتصبح خادمًا حقيقيًا للآخرين يجب أن تكون على استعداد دائم لقبول أفراحًا جديدة، وأيضًا أحزانًا جديدة. فالرجل الذي ينفق نفسه من أجل الآخرين، لا يمكن أبدًا أن يكون رجلاً حزينًا كُليًا؛ ولكنه لم يَعُد في حالة من الفرح الصافي؛ فكلّما أزداد تكريسه عُمقًا، ذاق فرحًا لا يُنطَق به، ولكن نجد في قاع كأس الفرح قليلاً من الحزن، الذي كان سببًا قويًا ليشعر بهذا الفرح. (فيليبس بروكس) • إن فرح الرب هو تسليح لنا ضد هجمات أعدائنا الروحيين، فهو يضع أفواهنا بعيدًا عن المُتع التي يستخدمها المُجَرِب كالطُعم في صنارته. (متى هنري) |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
انقلينا من الحزن الى الفرح |
الفرح هو قضاء على الحزن |
الفرح بدلا من الحزن |
الفرح رغم الحزن |
عرفت الحزن وعرفت الفرح ... الآن أختار الفرح |