رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الفرح العائلي «لِيَكُنْ يَنْبُوعُكَ مُبَارَكًا، وَافْرَحْ بِامْرَأَةِ شَبَابِكَ» (أم5: 18) كم يُسر الله أن يصنع لقديسيه بيوتًا أمينة، يبنيها لهم وبهم (مز127: 1)، ويُسر أيضًا أن يجد راحته فيها، ويجد القديسون ملاذًا لإراحة أحشائهم، والعلم المرفرف عليها طابعه المحبة والفرح والسلام، وفيما يكون الظلام دامسًا في العالم الذي حولها، يُرى النور ساطعًا في مساكنهم (خر10: 22، 23)، ويُسمع ”صَوْت التَرَنُّم وَالخَلاَصٍ فِي خِيَامِهم“ (مز118: 15). ولقد عبَّر بلعام في نبواته عن جمال بيوت شعب الله وهم في البرية بقوله: «مَا أَحْسَنَ خِيَامَكَ يَا يَعْقُوبُ، مَسَاكِنَكَ يَا إِسْرَائِيلُ!»، وشبهها بِـ”أَوْدِيَةٍ مُمْتَدَّةٍ“ دائمة الخضرة والنضارة، و”كَجَنَّاتٍ عَلى نَهْرٍ“ دائمة الإثمار، و”كَشَجَرَاتِ عُودٍ غَرَسَهَا الرَّبُّ“ يُشتم منها أزكى الروائح، رائحة المسيح الذَّكيَّة؛ و”كَأَرْزَاتٍ عَلى مِيَاهٍ“ شامخة ثابتة لا تتزعزع، متجهة إلى أعلى طالبة ما فوق حيث المسيح جالس، ومستقيمة الأفرع لتظلل مَن يلوذ بها (عد24: 5، 6). ويُقدِّم لنا الكتاب عِلَة الفرح ومصدره الحقيقي في البيت؛ ألا وهو الإيمان بالرب يسوع المسيح، الذي عندما يُرحَّب به في البيت، يغمر الفرح أرجاءه، ويحل السلام في أركانه، ويملأ الخير جنباته؛ وهذا ما نراه في بيت سجان فيلبي، فبعد أن «كَلَّمَاهُ (بُولُسُ وَسِيلاَ) وَجَمِيعَ مَنْ فِي بَيْتِهِ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ ... اعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ ... وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ باللهِ» (أع16: 32-34). وكم هو مُفرح لقلب الرب عندما يُطيع المؤمن أقوال الكتاب، فيحب امرأته ويفرح بها! في أول بيت أسسه الرب، نرى آدم يفرح بامرأته التي أحضرها له الرب لتكون «مُعِينًا نَظِيرَهُ»، وعبَّر عن الفرح الذي فاض من قلبه بأقوال شعرية نطقها بلسانه: «هَذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ» (تك2: 23). ويُقدم لنا الوحي في أمثال 5 مقارنة هائلة بين العلاقات غير الشرعية التي تُضيّع جمال الشباب ونضارته، وتسلب قوة الإنسان وصحته، بل والحياة بجملتها (أم5: 9-11، 22)؛ والعلاقة الزوجية التي بحسب مشيئة الله، فيقول: «اِشْرَبْ مِيَاهًا مِنْ جُبِّكَ، وَمِيَاهًا جَارِيَةً مِنْ بِئْرِكَ. لاَ تَفِضْ يَنَابِيعُكَ إِلَى الْخَارِجِ، سَوَاقِيَ مِيَاهٍ فِي الشَّوَارِعِ. لِتَكُنْ لَكَ وَحْدَكَ، وَلَيْسَ لأَجَانِبَ مَعَكَ. لِيَكُنْ يَنْبُوعُكَ مُبَارَكًا، وَافْرَحْ بِامْرَأَةِ شَبَابِكَ» (أم5: 15-19). وكم هو أمر جميل أن نقرأ عن وعد الله للتقي «امْرَأَتُكَ مِثْلُ كَرْمَةٍ مُثْمِرَةٍ فِي جَوَانِبِ بَيْتِكَ. بَنُوكَ مِثْلُ غُرُوسِ الزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ. هَكَذَا يُبَارَكُ الرَّجُلُ الْمُتَّقِي الرَّبَّ» (مز128: 3، 4). والكرمة رمز للفرح، والزيتون رمز للإنعاش والسلام. وكما يفرح الرجل بامرأة شبابه، هكذا يعمل على سرورها وفرح قلبها، كما أوصى الرب في الناموس: «إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً جَدِيدَةً، فَلا يَخْرُجْ فِي الجُنْدِ، وَلا يُحْمَل عَليْهِ أَمْرٌ مَا. حُرًّا يَكُونُ فِي بَيْتِهِ سَنَةً وَاحِدَةً، وَيَسُرُّ امْرَأَتَهُ التِي أَخَذَهَا» (تث24: 5). وعن أفراح الزوج بامرأته نقرأ عن سليمان في نشيد 3: 11 «اُخْرُجْنَ يَا بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَانْظُرْنَ الْمَلِكَ سُلَيْمَانَ بِالتَّاجِ الَّذِي تَوَّجَتْهُ بِهِ أُمُّهُ فِي يَوْمِ عُرْسِهِ، وَفِي يَوْمِ فَرَحِ قَلْبِهِ». وعندما يُعبِّر الرب عن فرحه بأورشليم في زمان المُلك يُشبهه أيضًا بفرح العريس بالعروس، فيقول: «لأَنَّهُ كَمَا يَتَزَوَّجُ الشَّابُّ عَذْرَاءَ، يَتَزَوَّجُكِ بَنُوكِ. وَكَفَرَحِ الْعَرِيسِ بِالْعَرُوسِ يَفْرَحُ بِكِ إِلَهُكِ» (إش62: 5). وقد عبَّر يوحنا المعمدان عن فرحه لفرح العريس باعتباره صديق العريس في قوله: «مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هَذَا قَدْ كَمَلَ» (يو3: 29). ثم هناك الفرح داخل العائلة بين الأولاد والوالدين؛ فعن البيت الذي يبنيه الرب الإله كي يثبت طول الحياة، نقرأ هذا القول: «هُوَذَا الْبَنُونَ مِيرَاثٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، ثَمَرَةُ الْبَطْنِ أُجْرَةٌ. كَسِهَامٍ بِيَدِ جَبَّارٍ، هَكَذَا أَبْنَاءُ الشَّبِيبَةِ. طُوبَى لِلَّذِي مَلأَ جُعْبَتَهُ مِنْهُمْ» (مز127: 3-5). والطوبى هنا تعني يا لسعادة وفرح هذا البيت! ونقرأ أيضًا في مزمور 144: 12 «لِكَيْ يَكُونَ بَنُونَا مِثْلَ الْغُرُوسِ النَّامِيَةِ فِي شَبِيبَتِهَا. بَنَاتُنَا كَأَعْمِدَةِ الزَّوَايَا مَنْحُوتَاتٍ حَسَبَ بِنَاءِ هَيْكَلٍ». ويا لها من تعبيرات تُظهر فرح وسعادة الوالدين الذين لهم أبناء وبنات بهذه الصفات الجميلة! وعن الفرح بالإخوة نقرأ عن فرح ِهَارُون بلقاء موسى حيث قال الرب لموسى: «أَلَيْسَ هَارُونُ اللاَّوِيُّ أَخَاكَ؟ ... هَا هُوَ خَارِجٌ لاِسْتِقْبَالِكَ. فَحِينَمَا يَرَاكَ يَفْرَحُ بِقَلْبِهِ» (خر4: 14)، ثم نقرأ: «فَذَهَبَ (هَارُونُ) وَالْتَقَاهُ فِي جَبَلِ اللهِ وَقَبَّلَهُ» (خر4: 14، 27). ولعلنا نذكر فرح يوسف وإكرامه لإخوته بصفة عامة، ولبنيامين بصفة خاصة (تك43). ودعونا لا ننسى مريم أخت موسى، وكيف كانت تُراقب السفط في النيل، وكم فرحت عندما انتشلته ابنة فرعون، وعرضت عليها أمر المُرضعة. ولا ننسى راحاب التي طلبت علامة الأمانة والحفظ لعائلتها، وكيف نالوا الخلاص من الموت. حقًا «هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا! ... لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَةِ، حَيَاةٍ إِلَى الأَبَدِ» (مز133: 1-3). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حول الحب العائلي |
المذبح العائلى |
خاص للحجم العائلي |
النكد العائلى واسبابه |
أُسس السلام العائلي |