رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فقال الرب للشيطان هوذا كل ما له في يدك وإنما إليه لا تمد يدك.... فقال الرب للشيطان ها هو في يدك ولكن احفظ نفسه ( أي 1: 12 ؛ 2: 6) الإيمان يفهم جيداً أن الأحداث التي يضعها الشيطان، لا بد أولاً أن يَمثُل بها أمام الله لكي يحصل منه على تصريح بها، وإذا لم يحصل على هذا التصريح من الله يستحيل عليه البتة أن ينجز شيئاً منها. والمؤمن يعرف جيداً أن الله، قبل أن يعطي مثل هذا التصريح للشيطان، لا بد أن يجري تعديلاته ويضع لمساته الشخصية على الحَدَث، ذلك لكي لا يفعل بالمؤمن بعد وصوله إليه أكثر أو أقل مما حددته حكمة الحكيم وحده. نعم قد يحدث وتصيب البلوى واحداً من أولاد الله، وعندما يفحص المؤمن هذه البلوى لا يجدها تحمل توقيع الله، لكنه إذ يفحص جواز مرورها يجده موقَّعاً منه. وعندئذ يقبلها على أنها من الرب بغض النظر عن مكان أو مصدر صنعها. نعم بلوانا لا تصنعها السماء لنا، لكن جواز مرورها يحمل توقيع السماء. هذا ما حدث مع أيوب، فالبلوى قبل أن تصل إليه مَثَلت هي وصانعها أمام إله أيوب طالبة منه الإذن والتصريح، ولم تحصل على هذا الإذن من ملك الدهور إلا بعد أن حدد هو شكلها وحجمها وأبعادها بدقة. ذلك لكي لا تفعل بأيوب أي شيء غير الذي يريده إلهه. ولقد فهم أيوب بسهولة هذا على الرغم من قسوة التجربة وصعوبة البلوى. ففي أول رَّد فعل له خرَّ على الأرض وسجد وقال "عرياناً خرجت من بطن أمي، وعرياناً أعود إلى هناك، الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركاً" ( أي 1: 21 ). لاحظ أنه نسب العطاء للرب ونسب الأخذ أيضاً للرب، مع أنه من الواضح جداً أن الشيطان هو الذي أخذ، إلا أن أيوب فهم بالإيمان أن البلوى مَثَلت أمام الله قبل وصولها إليه لتستأذنه، وطالما أنها وصلت، فهذا يعني أن الرب يريد ذلك، وعليه فليس السبئيون ولا الكلدانيون، لا النار ولا الريح ولا حتى الشيطان، بل الله هو الذي أخذ. وعندما وبَّخ امرأته لسبب جهلها أفهمها أنه يقبل هذا الشر خاضعاً، لا على أنه من يد الشيطان، بل من يد الرب، فيقول لها "أ الخير نقبل من عند الرب والشر لا نقبل؟". وحتى اخوته وأخواته عندما أتوا ليعزّوه بعدما ردّ الرب سبيه، يقول الكتاب عنهم إنهم رثوا له وعزوه عن كل الشر الذي جلبه الرب عليه ( أي 42: 11 )، ولم يَقُل الشر الذي جلبه عليه الشيطان! |
|