06 - 10 - 2017, 05:20 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
المسيح وأفراحه
«جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ.
لِذَلِكَ فَرِحَ قَلْبِي وَابْتَهَجَتْ رُوحِي» (مز16: 8، 9)
أولاً: فرح المسيح في الحياة
تأملوا ذلك الفريد المجيد، في متى11: 16-30، مُجرَّبًا، مرفوضًا، مُهانًا من ذلك الجيل المتقلِّب الذي لم يؤمن به بعد كل أعمال محبته ومعجزات قوته، مما يعني أن كل أتعابه ضاعت سدى بحسب الظاهر. فكيف تصرَّف الرب إزاء هذا؟ «فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ» (مت 11: 25، 26). وبحسب لوقا 10: 21 يرد القول: «فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ». وهكذا كان للمسيح فرح بمسرة الآب، وبالذين أعطاهم الآب له.
وثمة سبب آخر ارتبط بفرح المسيح في حياته، وهو أنه كان رجل الاتكال على الله، وهو ما أشار إليه المزمور في المقتبسة عالية. كان المسيح هو النموذج الكامل لشخص وضع اتكاله وثقته غير المحدودة في الآب، لذلك يستطرد المزمور قائلاً: «لِذَلِكَ فَرِحَ قَلْبِي، وَابْتَهَجَتْ رُوحِي. جَسَدِي أَيْضًا يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا». أي أن قلبه وروحه وكيانه الإنساني كله امتلأ بالسرور والرجاء.
ثانيًا: فرح المسيح في الموت والقيامة
في الليلة التي أُسْلِمَ فيها، كان الرب يتطلَّع إلى الوقت القريب الذي فيه يجمع خاصته من حوله في ملكوت الآب ليحتفل معهم بنتيجة الفداء العظيم، وكان المسيح واضعًا أمامه مشيئة الآب، وطاعته حتى الموت. ومعرفة المسيح المسبقة بالآلام والأحزان التي كان سيواجهها، وبالكأس المريرة الرهيبة التي كان سيتجرعها، لم تُثنِ عزمه عن أن يستمر في إتمام قصد الآب، وعبَّر عن ذلك قائلاً: «وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي. ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ» (مت26: 29-30).
خرج الرب إلى بستان جثسيمانى، حيث بدأ مشواره المرتقب إلى الصليب، عابرًا وادي قدرون، مُثبِّتًا وجهه نحو أورشليم، وهو عَالِمٌ بكل ما يأتي عليه من خيانة وإنكار وترك من المقرَّبين، ومحاكمات ظالمة، وإهانات نفسية وآلام جسدية، وفوق الكل، الترك الإلهي الرهيب وهو فوق الصليب، عندما اكتنفته الظلمة الدامسة؛ ولكنه قابَل كل ذلك بكل الرضا «الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ» (عب12: 2). كان سروره في أن يُمجِّد الآب، ويرفع آثار الخطية من أمام وجهه، ويضمن مكانًا في المجد لهؤلاء الذين أحبهم وفداهم.
لقد قام المسيح من الأموات في اليوم الثالث، فتمَّت كلماته «تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ». بعد ذلك نقرأ عن ارتفاع المسيح ومجده حيث يقول: «أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ» (مز16: 11). لقد عرف «سُبُلَ الْحَيَاةِ» (مز16: 11؛ أع2: 28)؛ الحياة في ملئها وغمرها هناك في قمة المجد المجيد. إن أسمى قمة في سرور المسيح ليس المجد في ذاته، بل محضر الله!
ثالثا: فرح المسيح في مجيئه ثانية
في حديثه الأخير في العلية، وعد الرب أن يأتي ثانية ليأخذ كنيسته، فقال: «أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا» (يو14: 2، 3). وسيكون مجيئه مصحوبًا بفرح عظيم؛ فكما يفرح العريس بعروسه، هكذا سيكون فرح المسيح بالكنيسة، عروسه السماوية، لكن على قياس أعظم «لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ» (1تس4: 16). سوف يأتي الرب بموكب فرح عظيم، بهتاف، بصوت رئيس ملائكة، والهتاف يدل على الفرح والسرور.
وعن ظهور المسيح لعروسه الأرضية نقرأ قول العروس الأرضية: «صَوْتُ حَبِيبِي. هُوَذَا آتٍ طَافِرًا عَلَى الْجِبَالِ، قَافِزًا عَلَى التِّلاَلِ» (نش2: 8). ففي الظهور سيكون المسيح: «طَافِرًا» من شدة الفرح، «قَافِزًا» أي مُسرعًا، «عَلَى الْجِبَالِ ... عَلَى التِّلاَلِ» أي منتصرًا.
«آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ»
|