اقباط الفرن دخول المسيح لكنيستهم المغلقة اعاد الحياة لقريتهم
كيف صلى الأقباط في مبنى كان يوما جزء منه مأوى للماشية
حين نصور “الطفل يسوع” الذي ولد فى مذود بقر ليرسم صورة للتواضع لملك عظيم يولد فى مكان فقير ،ولكن هذا المكان كان سببا لفرح العالم “، فلن تتخيل وفي هذا القرن ان ترى صورة لهذا المشهد الذي عاشه السيد المسيح، ولكن فى عزبة صغيرة تسمى “الفرن” تابعة لقرية “ايبوها “بمركز ابوقرقاص بالمنيا جنوب القاهرة بمسافة 400 كم.
فالقرية صغيرة تعدادها لا يتعدى 400 نسمة وشوارعها ضيقه ومبانيها بسيطة الكثير منها بالطوب اللبنى والعروق الخشبية وعلى المنازل رسمت الصلبان كجزء من المبنى، وسكان القرية الأغلبية منهم يعملون فى قطاع الزراعة ومنهم من يعيش على الرزق اليومي، ونسائهم جزء من منظومة العمل فهم يشاركون الرجال في اعمالهم للمساعدة على صعوبة الحياة وارتفاع الاسعار .
ومثل غيرهم بقرى كثيرة لا توجد كنيسة لهم لممارسة شعائرهم الدينية، وكان يضطرون لقطع مسافة للوصول الى قرى اخرى للصلاة، واثناء ذهابهم يتعرض البعض للمضايقات والتحرش من قبل بعض المتشددين، مثل ما قاله احد اطفال القرية ليعبر عن سعادته لفتح كنيستهم المغلقة “كنا نتعرض للضرب بالحجارة من اطفال ونحن ذاهبين لقرية اخرى للصلاة، واحيانا شتائم”، وقالت احدى الامهات “كنت اظل في قلق وتوتر حينما يذهب اطفالي للقرية المجاورة لحضور مدارس الاحد واخشى عليهم من تعرضهم لضرر نتيجة المضايقات التى تقع من بعض الصبايا ضدهم “.
وامام معاناتهم الشديدة شعر الانبا مكاريوس اسقف المنيا ” اسد الصعيد كما يلقبه الاقباط ” بهذه المأساة فقام بشراء منزل من احد اقباط العزبة واعداده ليكون مكان لخدمة الاقباط واقامة مدارس الاحد للاطفال ويقوم كاهن باقامة قداس مرة فى الاسبوع ، وهو ما سبب سعادة كبيرة للاقباط لتحقيق الحلم بالنسبة لبساطة قلوبهم وهو “توفير مكان للصلاة” ورفع العناء عنهم بالتنقل من قرية لاخرى، ولكن فرحتهم لم تستمر كثيرا عندما اغلق الامن هذا المبنى المسمى “بكنيسة العذراء والملاك ميخائيل” وذلك بحجة عدم وجود تصريح للصلاة .
وكانت الصدمة عندما ذهبت للعزبة البسيطة بعد الموافقة بفتح الكنيسة، وكان اول قداس الهى فى عيد النيروز سبتمبر 2017 بعد فتح الكنيسة، لاجد مبنى الكنيسة مبنى قديم “مقام من الطوب اللبني” وسقفه من العروق الخشبية الضخمة وحوائط دون طلاء وعبارة عن غرفة للهيكل المقدس وخارجها صالة صغيرة لا تتعدى مساحة 6 متر وخلفها غرفة اخرى تقف بها النساء اثناء الصلاة وبجوارها غرفة اخرى كانت تستخدم مربط “للماشية ” ومازالت احواض الطعام للابقار كما هي، وهذا المبنى البسيط الذى لا يمكن وصفه من بساطة وفقر كان سبب فرح وعيد لهولاء البسطاء الذى وصفه احد اقباط القرية البسطاء بانه ” عيد دخول السيد المسيح للقرية.
والمبنى لا يوجد به أي مقاعد فالاقباط كانوا يجلسون على الارض بوضع “مفروشات من الحصائر البسيطة” والإضاءة عبارة عن لمبة واحدة بكل غرفة لا تكفي لتغطية المساحة، كما لا توجد وسائل للتهوية وهو ما زاد من حرارة الطقس نتيجة الزحام وضيق المساحة الفعلية التى تقام به الشعائر، وأرضية المبنى من الطين وابواب ونوافذ خشبية قديمة، والمبنى عبارة عن طابقين ، ولكن بالطابق الثانى غير مستخدم، وكل احلام اقباط العزبة ان يصدر قرار احلال وتجديد للمبنى وتوسيعه لان هناك مساحة غير مستخدمة بالمبنى .
ورغم كل ما تم ذكره من بساطة هذا المبنى إلا ان اقباط عزبة الفرن ضربوا نموذج فريدا فى التحمل والبساطة، فبعد غلق الكنيسة لم يتوقف الاقباط عن الصلاة وظلوا يصلون داخل احد شوارع القرية فى ظاهرة فريدة للاقباط، وبعد فتح الكنيسة كانت فرحتهم لا توصف فكان يوم عيد للعزبة، وهم يشعرون بالامل والفرح لوجد مكان لاحتواء معاناتهم ورفع قلوبهم للصلاة من اجل مصر ومن اجل المرضى والفقراء ومن اجل السلام، فهذه هى صلوات الاقباط فهم يصلون من اجل المسئولين والرؤساء، ومن اجل الزرع والمياه لكى يكثرها الله ، فصلاة الاقباط لا تمثل خطر او تهديد فمن يرى بساطة اقباط عزبة الفرن والمبنى الذى تم غلقه، لن يصدق ان قوات الامن تحركت فى الثالثة فجرا لتغلق هذا المبنى الذى كان جزء منه سابقا مأوى للماشية والطيور، فهناك من انهال بكاءا عندما شاهد هذا المبنى وقال “هو ده المبنى اللى الدنيا ملقوبة عليه والامن غلقه وهو اقل ما يوصف بانه مكان نظيف ولكن اصبح نظيف بقلوب هؤلاء البسطاء .”
ازمة عزبة الفرن كانت نموذج سيظل امام أعين من يحاول خلق وافتعال هذه الازمات بحجة اعتراض المسلمين الذين ضربوا نموذج للتعايش المصري الاصيل وكان بعضهم مع الاقباط لتهنئتهم بفتح الكنيسة وكانت الحياة تسير بشكل طبيعى لم نجد تذمر او غضب من الجيران المسلمين وهو ما كرره نيافة انبا مكاريوس فى عدة لقاءات مقدما شكره للمسلمين وموقفهم المساندة لإخوتهم الاقباط، وفى النهاية شكره للرئيس عبد الفتاح السيسى ومحافظ المنيا لتدخلهم فى انهاء الازمة وفتح الكنيسة وايضا فتح كنيسة كدوان غرب مدينة المنيا والوعد بفتح مزيد من الكنائس الاخرى وكان قبلها حل ازمة كنائس قرية الإسماعيلية بالمنيا وكنيسة نزلة نخله بمركز ابوقرقاص .
هذا الخبر منقول من : وطنى