إذاً لماذا وبَّخ المسيح توما؟
وبَّخه لأنه تجاوز الحد المعقول في إصراره على براهين أكثر من الكافية، لأنه أظهر عدم الميل إلى اليقين، كأنه يطلب عذراً يتذرَّع به لأجل الإِنكار. أخطأ توما لأنه تشبث بالبراهين الحسية، كأنه يزدري بالبراهين المعنوية والروحية. فإذا كنَّا لا نلومه على إصراره أن يرى كما رأى غيرُه، نلومه على عدم قبوله شهادتهم. ولو فعل القضاة في أحكامهم فِعْل توما لما أمكنهم أن يحكموا في أية قضية، لأنه لم يُسمَع في الزمان أن قاضياً أصرّ على أن يرى بعينه ما رآه الشهود في دعوى تقدمت له. ولو اقتدى الناس بتوما في ما فعل، لبَطَلَ التبشير تماماً، واختنقت الكنيسة المسيحية في مهدها.