الخدمة بدون غنى النعمة فلس وسقوط وقيادة عمياء
من ملء نعمة الله وعملها فينا نتحرك ونتكلم ونخدم، أما بدون أن ننال نعمة – فعلياً في واقع حياتنا اليومية – ولم نحيا كما يحق لإنجيل المسيح (1) فخدمتنا باطلة وتستوجب الدينونة لأنها ستكون لحساب الذات والتحزب والانشقاق والانقسام والانحياز للناس الذين يرشدون حسب رأيهم الخاص (2)، ولن نثمر لحساب ملكوت ابن الله الحي على الإطلاق، مهما ما كانت الحجج والبراهين التي نخترعها لأسباب الخدمة، والتي تقول باطلاً أن الخدمة تضبط حياة الإنسان وتساعده على التوبة والشركة في حياة القداسة وتوليد التقوى في القلب.
مع أنه كيف نجعل الذي لم يتب بعد أو الذي لم يحيا بالإيمان ونال نعمة الله يخدم خدمة الخلاص في المسيح يسوع وهو لا يعرفه إله حي وحضور مُحيي، بل ولم ينال شفاء حقيقي لنفسه، وذاق قوة الموهبة السماوية، وصار إناءه مقدساً ومخصصاً لسكنى الله فيه، ولم يعرف ويتذوق عمل فعل قوة التوبة وحياة الإنجيل وطاعة الوصية من قلب تقي امتلأ من الله (3)، لأن فاقد الشيء كيف يُعطيه، ومن ليس له خبرة حياة شركة مع الله القدوس كيف يدعو الناس لها، وكيف لواحد تحت الأسر يعد الناس بالحرية ويقودهم نحوها، وهو ما زال مُقيداً تحت مذلة مرار العبودية ولم تشفى نفسه بعد من مرض الخطية المُدمر للنفس، وما زال يحيا - باستمرار - في فساد الطبيعة العتيقة (4)، ولم يتذوق بعد قوة النعمة المُخلِّصة.
فكيف لإنسان مفلس تماماً، ولا يملك أدنى شيئ على وجه الإطلاق، أن يُساعد فقيراً مُعدماً ويمد له يد العون ليسنده في معيشته، وكيف للأعمى الذي لا يرى الطريق يقود الناس فيه ويرشدهم للحق ولا يضل ويسقطهم معه في حفرة الهلاك.
"حينئذٍ تقدم تلاميذه وقالوا لهُ: أتعلم أن الفريسيين لما سمعوا القول نفروا؛ فأجاب وقال: "كل غُرس لم يغرسه أبي السماوي يُقلع. أتركوهم هم عميان قادة عميان، وأن كان أعمى يقود أعمى يسقطان كلاهما في حفرة" (متى 15: 12 – 14)
_________________
(1) فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح، حتى إذا جئت ورأيتكم أو كنت غائباً اسمع أموركم انكم تثبتون في روح واحد، مُجاهدين معاً بنفس واحدة لإيمان الإنجيل (فيلبي 1: 27)
(2) ويل للبنين المتمردين يقول الرب حتى أنهم يجرون رأياً وليس مني ويسكبون سكيباً وليس بروحي ليزيدوا خطيئة على خطيئة (أشعياء 30: 1)
(3) ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح (أفسس 5: 18)
(4) واعدين إياهم بالحرية وهم أنفسهم عبيد الفساد، لأن ما انغلب منه أحد فهو له مستعبد أيضاً (2بطرس 2: 19)