رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"لا تكنزوا لكم
كنوزا على الأرض.. الخ" (مت6 19 ) الحث على الصدقة 1. إن سقط إنسان في ضيق وفشلت إمكانياته يبحث عن شخص حكيم يستشيره، وبذا يعلم ما يصنعه، لنفترض أن العالم جميعه إنسانًا واحدًا. إنه يبحث عن الهروب من الشر ولكنه لازال متباطئًا في صنع الخير، وبهذا إذ تكتنفه الضيقات وتفشل إمكانياته إلى أي حكيم غير المسيح يلجأ طالبًا المشورة؟ على أي الأحوال دعه يجد في هو أفضل منه، ليصنع ما يشاء. ولكن إن لم يجد من هو أفضل فيأت إلى المسيح الموجود في كل مكان. ليستشيره وينتصح منه ويحفظ الوصايا الصالحة هاربًا من الشر العظيم لأن الأمراض الزمنية التي يخافها البشر خوفًا شديدًا والتي يتذمرون منها للغاية، وبتذمرهم يخطئون إلى الله الذي يجذبهم حتى لا يجدوا معونته المخلصة. أقول بلا شك أن الأمراض الزمنية ليست إلا أمراضًا عابرة. فإما أن تعبر من بيننا أو نعبر نحن فيها. إما أن تنتهي ونحن أحياء أو نتركها بموتنا، لذلك ليس في الأمر ضيق عظيم لأن فترته قصيرة. إن كنتم تفكرون في الغد فإنكم لا تسترجعون ذاكرة الأمس. عندما يأتي اليوم الذي يلي الغد يصير الغد أيضًا أمسًا ولكن إن كان البشر يجزعون قلقين للهروب من الضيقات الزمنية العابرة أو بالأخرى التي يعبرونها فكم ينبغي أن يفكروا في أجل الهروب من تلك الضيقات التي يقطنون فيها ويكابدونها أبدًا؟ 2. ما أشقى حياة الإنسان. أما يولد إلا ليدخل إلى حياة التعب. إن صرخة الرضيع العالية تشهد بتعبنا. فلا يعفى أحد عن كأس الحزن، الكأس الذي تعهد به آدم ينبغي أن يشربه حقًا. قد خلقنا بأيدي ولكن بسبب الخطية طردنا إلى الأيام الباطلة "على صورة الله خلقنا" (تك 1 27)، ولكننا شوَّهناها بتعدياتنا الخاطئة. لذلك يذكرنا المزمور كيف خلقنا وإلى أي حال قد وصلنا، لأنه يقول "إنما كخيال يتمشى الإنسان"[1] ( مز 39 6) "though a man walk in the image of God" انظروا كيف خلق؟ وإلى أين بلغ؟ استمعوا إلى التكملة "إنما باطلاً يضجون "أنه يمشي في صورة ويجزع في المشورة الباطلة. انظروا إلى قلقه تطلعوا إليه (قلقه)، فإذ كما لو في مرآه لا يُسر بنفسه، إنه يقول إنما كخيال يمشي "walk in the image of God"، وبذلك فهو شيء عظيم "إنما باطلاً يضجون، "فكما لو سألناه أتوسل إليك كيف يقلق الإنسان باطلاً؟ فيقول يُذخر ذخائر ولا يدري من يضمها، انظروا هذا الرجل الذي تمثلت فيه البشرية جميعها كما لو كانت رجلاً واحدًا، الذي ليست لديه عونًا في مسألته، وقد فقد المشورة وتاه عن طريق العقل السليم. أيّ جنون أكثر من هذا؟ وأيّ شقاء أكثر من هذا؟ ولكن هل بالتأكيد يحزن لأجل نفسه؟ ليس كذلك. لماذا لا يجمع لنفسه؟ لأنه لابد وأن يموت، فحياة الإنسان قصيرة. فالكنز باق وأما هو الذي يجمعه فسرعان ما يموت. فإذ يشفق يشفق على ذلك الإنسان الذي "إنما كخيال يمشي" "walk in the image of God"، والذي يعترف بأشياء حقيقية إلا أنه يجري وراء أمور باطلة، لهذا يقول "إنما باطلاً يضجون" إنني أحزن عليه، إنه "يذخر الذخائر ولا يدري من يضمها" هل يذخرها لنفسه؟ لا، لأن الإنسان يموت بينما الكنز يبقى. إذن لمن يذخرها؟ إن كانت لديكم أية مشورة صالحة فلتعطوني إياها. ولكن إذ ليس لديكم مشورة لي وبذا ليست لديكم مشورة لأنفسكم. فإذ ليس لدينا مشورة فلنبحث سويًا عنها. لنقبلها معًا ولنتبصر في الأمر سويًا. إنه يقلق ويحزن كثيرًا، إنه يفكر ويجاهد ويسهر قلقًا. اليوم كله متضايقين بالعمل والليل كله قلقين خوفًا. إن أرواحكم في حمى القلق لكي تمتلئ خزائنكم بالمال. 3. إنني أراكم قلقين فأحزن عليكم، وإذ يؤكد لنا الذي لا يخدع "إنما باطلاً يضجون". فإنكم تدخرون كنوزكم مفترضين نجاح مشروعاتكم، ناسيين تمامًا الخسائر والمخاطر العظيمة والميتات الناجمة عن المثابرة في الحصول على كل أنواع الربح (إنني لا أتحدث عن ميتات الجسد بل الأفكار الشريرة، لأنه قد يأتي الذهب ولكنه ب يذهب، فتكتسون من الخارج ولكن تكونوا عراة في الداخل). ولكن لكي ما تعبروا هذه كلها وعلى أشياء أخرى كهذه في هدوء، لكي تعبروا على كل الأشياء التي هي ضدكم، فكروا فقط في الظروف المناسبة (المفيدة). انظروا إنكم تدخرون كنوزًا، والأرباح تتدفق عليكم من كل جهة وأموالكم تنساب كالينابيع. أينما ضايقكم الفقر فاض عليكم الغنى[2]، أم تسمعوا "إذا وفرت ثروتكم فلا تميلوا إليها قلوبكم"[3] (مز 61 10). ها أنتم تنالون أعمالاً مثمرة. ولكنكم تقلقون باطلاً، ستسألون كيف أقلق باطلاً؟ إنني أملأ خزائني، أسواري بالكاد تحفظ ما قد نلته، فكيف أقلق الآن باطلاً؟ إنكم تدخرون ذخائر ولا تدرون من يضمها، إما إن كنتم تعرفون لمن تجمعونها فإنني أتوسل إليكم أن تخبروني. إنني سأصغي إليكم لمن تكون؟ إن لم تكونوا قلقين باطلاً فلتخبروني لمن تجمعون كنوزكم؟ تقولون "لأنفسنا" هل تجرأون القول بهذا يا من على وشك الموت، إنه لأطفالنا. هل تتجاسرون أن تقولوا هذا عن هؤلاء الذين يقرب موتهم. تقولون أنه واجب مهم للحب الطبيعي أن يجمع الأب ذلك لأبنائه. بالأحرى أنه أكثر بطلانًا أن يجمع الذين قربُ موتهم للذين سيموتون عن قريب أيضًا. فإن كان هذا الجمع لكم، فلماذا تجمعون ناظرين أنكم ستتركون هذه جميعها عند موتكم. هذه هي حالة أطفالكم أيضًا، أنهم سيخلفونكم ولكن لا يمكثون كثيرًا لا أقول شيئًا عن نوع أولادكم، فربما بالفجور لا يبذرون ما جمعه الطمع. كذلك آخرون يبذرون بالفجور ما جمعتموه بكد عظيم. ولكنني سأتغاضى عن هذا. أنهم سيكونون أولادًا صالحين وليسوا بفاسقين. سيحتفظون بما تتركوه لهم، سيزيدون على ما تتركوه لهم، ولا يبذروا ما ادخرتموه. سيتساوى أطفالكم معكم في الباطل إن فعلوا ذلك، إن قلدوكم في هذا أنتم آبائهم. سأقول لهم ما أقوله لكم الآن، سأقول لأبنائكم الذين جمعتم لهم هكذا "يدخرون ذخائر ولا يدرون لمن يضمونها"، فإذ لا تعرفوا (لمن تجمعونها) هكذا لا يعرفون هم أيضًا. إن كان البطلان سيستمر معهم فهل يفقد قوته بالنسبة لهم. 4. إنني اَجتنب أن أستحثكم بأنكم قد تجمعون هذه حتى في حياتكم للصوص. قد يأتوا في ليلة فيجدوا ما قد جمع في أيام وليال كثيرة معدًا. فقد تجمعونها للص أو قاطع طريق. إنني لا أقول أكثر من هذا عن هذا الأمر لئلا استدعي إلى ذهنكم وأعيد إليه فتح جرح الآلام القديمة. كم من أشياء كثيرة جمعها البطلان ووجدها قسوة العدو معدة ليديه، إنني لست أتمنى هذا ولكن هذا ما يخيف الجميع. ليبعد الله ذلك منكم. ليته يكفينا تأديباته. ليته يستبقينا ذلك الذي نصلي إليه! ولكن ماذا نجيب لو سألكم الله لمن ندخر؟ أيها الإنسان، أيا كنت يا من تدخر كنزك باطلاً كيف تجيبني، إذ أعالج الأمر معك باحثًا عن مشورة في باعث مشترك؟ إنكم تحدثتم وأجبتم "أننا نجمع لأنفسنا ولأطفالنا ولنسلنا"، لقد سبق أن قلت لكم كم من بواعث للخوف توجد حتى بالنسبة لهؤلاء الأطفال أنفسهم. ولكنني سأتجاوز عن كون أولادكم يعيشون لعنة لكم وأن عدوكم يرغب فيهم مفترضًا أنهم يعيشون كما يريدهم آبائهم. ومع ذلك فكم من كثيرين يسقطون في هذه المصائب التي أخبرتكم وذكرتكم بها قليلاً. هل ترتجفون لهم رغم أنكم لم تصلحوا أنفسكم. لأنكم بماذا تجيبون غير هذا، ربما لا يكون كذلك. حسنًا وأنا أقول هذا أيضًا ربما تجمعون للص أو سارق أو قاطع طريق، إنني غير متأكد ولكن يحتمل ذلك. وحيث يوجد احتمال لحدوث شيء فإنه يوجد عدم احتمال له. وبهذا لا تعلمون ما سيحدث وبذا إنما باطلاً تضجون، وها أنتم ترون يقول بيقة كيف يضج (المغرور) باطلاً، لقد سمعتم وتعلمتم أخيرًا حكمة لأنه عندما تقولون ربما يكون هذا لأطفالنا، دون أن تتجاسروا بالقول، أننا متأكدون أنه لأطفالنا. ففي واقع الأمر لا تعلمون لمن تجمعون غناكم. هذا كما أرى وكما سبق أن قلته أولاً أنه ليس لديكم إمكانية. أنكم لا تجدون ما تجيبوني به ولا ما أجيبه عليكم. 5. لذلك فلنبحث ونسأل مشورة سويًا. أن الفرصة مهيئة لنا لا لاستشارة أي حكيم بل الحكمة ذاته. لنصغي معًا إلى يسوع المسيح الذي "لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. وأما للمدعوين يهودًا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله" (1 كو 1 23-24)، لماذا تعدون دفاعًا عظيمًا لغناكم؟ لتسمعوا لحكمة الله الذي لا يفوقه حكيم فربما تعثرون عندما أقول ما ينبغي القول به وبذا تصيرون يهودًا "لأن المسيح لليهود عثرة" أو ربما يبدو حديثي لكم جهالة وبذلك تكونون أميين لأن المسيح "لليونانيين (الأميين) جهالة. "ومع هذا فأنتم مسيحيون وقد دعيتم مسيحيين "وأما للمدعوين يهودًا ويونانيين فبالمسيح قوة الله". لا تحزنوا عندما أحدثكم بما ينبغي الحديث به، لا تعثروا ولا تسخروا بجهلي كما يبدو لكم بحسب ازدرائكم. لنصغي لأنني سأقول ما قاله المسيح. فإن احتقرتم المنذر (المنادي) فلتخافوا القاضي. ماذا أقول؟ أن قارئ الإنجيل قد أسعفني الآن من حيرتي (مأزقي). أنني لا أقرأ عليكم شيئًا جديدًا بل أذكركم بما قرأ الآن، أنه إذا فشلت إمكانياتكم طلبتم مشورة. انظروا ما يقوله ينبوع المشورة الصالحة، ذلك الينبوع الذي ليس في مجاريه سما فنخشاه. امتلئوا منه ما أردتم. 6. "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ويسرقون. لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا." (مت 6 19-21)، ماذا تنتظرون بعد؟ الأمر واضح والمشورة مكشوفة وأما الشهوة الشريرة فمخبأة. لا ليس كذلك بل ما هو أردأ من هذا أن هذه الشهوة الشريرة معلنة. لأن النهب لا يتوقف عن الدمار، والطمع لا يكف عن الغش ود لا يمتنع عن الحلف الباطل، ولماذا كل هذا؟ لكي ما يذخر الكنز وأين تدخره؟ في الأرض حقيقة أنه من الأرض وإلى الأرض لأنه قيل للإنسان الذي أخطأ رابطًا إيانا معه بكأس التعب "أنت تراب EARTH وإلى تراب تعود"، فلا يكون الكنز في الأرض اعتباطًا لأن القلب هناك، كيف إذن "نرفع قلوبنا للرب"؟ اِحزنوا لحالكم هذا يا من قد فهمتموني، فإن حزنتم ب فلتصلحوا أنفسكم، إلى متى تصفقون لهذا ولا تفعلون به؟ ما قد سمعتموه هو حق وليس شيء أحق منه لتصنعوا إذن ما هو حق. أننا نسبح إلهًا واحدًا ومع ذلك لم نتغير حتى لا نتعب في تسبيحنا هذا باطلاً[4]. 7. لذلك "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض" فسواء عرفتم بالخبرة أنكم ستفقدون كل ما تكنزوه على الأرض أو لم تختبروا هذا، خافوا من أن تكنزوه على الأرض. ليت هذه الخبرة تُصلح الذين لم تُصلحهم الكلمات. مع أن الجميع يصرخون بصوت واحد "الويل لنا، أن العالم ينهار"، إلا أنه لا يستطيع أحد أن يصعد عنه أو يخرج منه. إن كان العالم ينهار فلماذا لا تتحركون؟ لو أخبركم مهندسًا معماريًا أن منزلكم سيسقط حالاً أفلا تتحركون سريعًا قبل أن تنشغلوا في النحيب؟ إن مؤسس العالم يخبركم بأن العالم قد أوشك على الدمار أفلا تصدقوا هذا؟ اسمعوا صوت الذي سبق فاخبرنا بهذا، اسمعوا مشورة ذلك الذي أنذرنا أن صوت النبوة هو "السماء والأرض تزولان" (مت 24 35). إن صوت التحذير هو "لا تكنزوا لكم كنزًا على الأرض". إن كنتم تؤمنون بنبوة الله فلا تزدرون بإنذاره. افعلوا بما يقوله. أن الذي أعطاكم هذه المشورة لن يخدعكم. سوف لا تخسرون ما تتركونه بل تجدون ما قدمتموه أمامكم. لذلك فمشورتي هي "أعطوا الفقراء فيكون لكم كنزًا في السماء" (مت 19 21). لا تبقوا بدون كنز بل الذي اقتنيتموه على الأرض بقلق تمتلكونه في السماء بدون هم. إذن فلترسلوا أمتعتكم. إنني أعطيكم مشورة للحفظ لا للفقدان. إنه يقول "فيكون لك كنزًا في السماء وتعال اتبعني" لكي ما أحضر لك كنزك. إنه ليس تبديد بل ادخار. لماذا يسكت البشر؟ ليتهم يستمعوا فقد وجدوا أخيرًا بالخبرة ما ينبغي أن يخافوا منه، ليفعلوا إذن الأعمال التي لا تسبب لهم خوفًا، ولينقلوا أمتعتهم إلى السماء لو أنكم وضعتم القمح في الأرض المنخفضة وأتى إليكم صديقًا له علمًا بطبيعة القمح والأرض، فأوصاكم بغير دراية قائلاً ماذا قد صنعتم. لقد وضعتم القمح في التربة السهلة وفي الأرض المنخفضة، التربة رطبة لذلك سيفسد الكل وتخسرون تعبكم. ستجيبونه إذن ماذا ينبغي أن نفعل؟ يقول ضعوه في الأرض المرتفعة. هل تصغون إلى صديق يعطيكم مشورة بخصوص قمحكم وتحتقرون الله الذي يعطيكم مشورة تخص قلوبكم؟ انكم تخشون من و ضع قمحكم في الأرض المنخفضة، أتفقدون قلوبكم في الأرض؟ انظروا الرب إلهكم الذي عندما أعطاكم مشورة تخص قلوبكم قال "حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا" (مت 6 21). يقول ارفعوا قلوبكم إلى السماء حتى لا تفسد في الأرض. هذه مشورة ذلك الذي يريد أن يحفظ قلوبكم لا أن يهلكها. 8. إن كان الأمر كذلك فكم ينبغي أن تكون توبة الذين لم يفعلوا هذا بعد؟ كم ينبغي أن يبكتوا أنفسهم الآن! ينبغي أن يكون لنا في السماء ما نخسره الآن في الأرض، فالعدو ينقب منزلنا ولكن هل يستطيع أن يكسر باب السماء؟ أنه يقتل العبد المتولي الحراسة، ولكن هل يستطيع أن يقتل الله الذي يحفها "حيث لا ينقب سارقون ويسرقون، حيث لا يفسد سوس ولا صدأ" كم من كثيرين يقولن الآن ينبغي أن تكون لنا هناك كنوزًا نخبئها في أمان حيث نتبعها بعد قليل ونحن مطمئنون. لماذا لا نستمع لربنا؟ لماذا احتقرنا نصائح الأب فُجربنا بهجمات العدو؟ إن كانت لدينا مشورة صالحة فليتنا لا نتباطأ في مراعاتها. وإن كان ينبغي أن ننقل ما لدينا، فلننقله إلى ذلك الموضع الذي لا نفقده منه. من هم الفقراء الذين نعطيهم غير حمالين ينقلون أمتعتنا من الأرض إلى السماء؟ إذن فلتعطوا. أنكم لستم إلا معطين لحماليكم ليحملوا ما تعطونهم إلى السماء. تقولون كيف يحملونها إلى السماء؟ لأنني أراهم يقضون عليها بأكلها. أنهم بلا شك يحملونها لا يحفظها بل يجعلها طعامًا لهم. ماذا؟ هل نسيتم "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت... لأني جعت فأطعمتموني" وكل ما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (مت 25 34). إن كنتم لا تحتقروا الشحاذ الذي يجلس أمامكم أخذين في اعتباركم ذلك الذي تذهب إليه كل ما تعطونه. يقول.. كل ما فعلتموه بأحد إخوتي الأصاغر فبي فعلتم"، أنه قد تسلمها ذلك الذي قد أعطاكم من تعطون بواسطتهم، لقد تسلمها ذلك الذي سيعطيكم في النهاية ذاته. 9. من أجل هذا فإنه في أوقات كثيرة أيها الأحباء أذكركم وأعترف لكم بما يدهشني كثيرًا في كتاب الله المقدس وهو ما ينبغي لي أن أستدعي انتباهكم له كثيرًا. أتوسل إليكم أن تفكروا فيما قاله ربنا يسوع المسيح نفسه أنه عندما يأتي للدينونة في نهاية العالم سيجمع كل الأمم أمامه ويقسم البشر إلى قسمين قسم عن يمينه والآخر عن يساره. ويقول للذين عن اليمين "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" وأما الذين عن اليسار "اِذهبوا عني.. إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وكل ملائكته" ابحثوا عن أسباب هذا الجزاء العظيم أو العقاب المريع "رثوا الملكوت"، "اذهبوا إلى النار الأبدية" لماذا يرث الأولون الملكوت؟ "لأني جعت فأطعمتموني" لماذا يذهب الآخرون إلى النار الأبدية؟ لأني جعت فلم تطعموني، إنني أسأل، ماذا يعني هذا؟ إنني أرى الذين يرثون الملكوت أنهم قد أُعطوا كمسيحيين صالحين ومؤمنين، غير محتقرين لكلمات الرب، لهم رجاء ثابت في المواعيد، لهذا صنعوا لأنه لو لم يصنعوا هكذا فإن ذلك العقم ما كان يتفق مع حياتهم الصالحة. فقد يكونوا طاهرين غير غاشين ولا سكيرين حافظين أنفسهم عن كل أعمال الشر ولكنهم لا يضيفوا إلى هذا أعمالاً صالحة فيبقوا عقيمين. لأنهم أرادوا أن يحفظوا بعيدين عن الشر "ولكنهم لم يريدوا أن يحفظوا أنفسهم، ويصنعون الخير" (مز 34 14)، مع ذلك فلم يقل حتى لهؤلاء "تعالوا، رثوا الملكوت" لأنكم عشتم طاهرين ولم تغشوا إنسانًا، ولا ظلمتم فقيرًا ولم تعتدوا على تخم أحد ولا خدعتم أحدًا بقسم. إنه لم يقل هذا بل قال "رثوا الملكوت، لأني جعت فأطعمتموني" يا لامتياز هذه عن بقية (الفضائل) جميعها، لأن الرب لم يشر إلى الكل بل إليها وحدها! كذلك يقول للآخرين "اذهبوا إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته"، كم من الأمور يمكن أن يثيرها ضد الأشرار عندما يسألون لماذا نذهب إلى النار الأبدية؟ لماذا؟ أتسألوا أيها الزناة والقتلة والمخادعين ومنتهكي حرمة المعابد مجدفين وغير مؤمنين. ومع هذا فلم يذكر واحد من هذه بل "لأني جعت فلم تطعموني". 10. أراكم تتعجبون مثلي. وحقًا أنه لأمر عجيب. ولكنني سأجمع قدر ما استطعت أسباب هذا الأمر العجيب ولا أخفي عليكم شيئًا. لقد كتب "الماء يطفئ النار الملتهبة. والصدقة تكفر الخطايا" (حكمة يشوع 3 33)، كما كتب أيضًا "اغلق على الصدقة في أخاديرك فهي تنقذك من كل شر"[5] ( حكمة يشوع 29 15)، كما كتب أيضًا "لذلك أيها الملك لتحسن مشورتي لديك وافقد خطاياك بالصدقة"[6]. هناك شهادات كثيرة في الوحي الإلهي يظهر فيها ما للإحسان من فوائد كثيرة في إخماد الخطايا وإزالتها، لذلك سيلصق الإحسان إلى هؤلاء الذين على وشك أن يحكم الله عليهم، نعم بالأحرى الذين يتوجهم فكأنه يقول "أنه أمر صعب عليّ أن لا أجد سببًا لإدانتكم فامتحنكم وأزنكم بدقة وأفحص أعمالكم بأكثر دقة، ولكن "اُدخلوا إلى الملكوت، لأني كنت جوعانًا فأطعمتموني"، لذلك ستدخلون إلى الملكوت ليس لأنكم لم تخطئوا، بل لأنه بإحسانكم أزلتم خطاياكم. كذلك للآخرين "اذهبوا إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته". هم أيضًا خطاة إذ أنهم متأصلون في خطاياهم ومتأخرون في خوفهم منها. عندما يعرضون خطاياهم أمام عقولهم هل يستطيعون من أي جهة أن يتجاسروا فيقولوا أنهم يدانون بغير حقٍ، وأنه قد أعلنت هذه العبارة الصادرة من قاضٍ بار كهذا ضدهم بدون استحقاق؟ فبالنظر إلى ضمائرهم وكل جراحات أرواحهم، كيف يجسرون فيقولوا إننا نُدان ظلمًا؟ لقد قيل عنهم في سفر الحكمة "آثامهم تحجهم في وجوههم" (حك 4 20)، سيرون بلا شك أنهم يدانون بعدل عن خطاياهم وشرورهم. ومع ذلك مكانه يقول لهم أنه ليس بسبب ما تفكرون فيه بل "لأني كنت جوعانًا فلم تطعموني"، فلو ابتعدتم عن كل أعمالكم هذه والتفتم إليّ لخلصتم من كل جرائمكم وخطاياكم بإحساناتكم، لخلصتكم الآن إحساناتكم وبرأتكم من الخطايا العظيمة لأن "طوبى للرحماء لأنهم يرحمون" (مت 5 7) ولكن الآن "اذهبوا إلى النار الأبدية لأن الحكم بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة" (يو 6 35). 11. إخوتي. أنني أشوقكم إلى إعطاء خبزكم الأرضي وطلب السماوي. الرب هو ذاك الخبز أنه يقول "أنا هو خبز الحياة" (مز 15 2)، ولكن كيف يعطيكم الرب يا من لا تعطوا المحتاجين. واحد يحتاج إليكم وأنتم تحتاجون لآخر (الله)، وإذ تحتاجون إليه والآخر يحتاج إليكم أي يحتاجون إلى المحتاجين أنفسهم. لأن الله الذي تحتاجون إليه لا يحتاج شيئًا. اصنعوا للآخرين ما تريدوا أن يصنع لكم. فإنه ليست الحالة كاؤلئك الأصدقاء الذين اعتادوا على تعبير بعضهم البعض بإحساناتهم كالقول أنا صنعت هذا لك فيجيب الآخر، وأنا قد فعلت هذا لك، بأن يرغب الله منا أن يصنع بعض الأعمال الصالحة بسبب صنعه عملاً كهذا معنا. أنه لا يحتاج إلى شيء ولذلك فهو الرب ذاته. إنني أقول للرب "أنت ربي ولا تحتاج إلى صلاحي" (مت 25 34 الخ)، رغم أنه الرب، والرب ذاته ولا يحتاج إلى صلاحنا، إلا أنه إذ ينبغي أن نصنع شيئًا حتى بالنسبة له، لذلك وهبنا أن يكون جائعًا في فقيره. إنه يقول "لأني جعت فأطعمتموني... يا رب متى رأيناك جائعًا... بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي الأصاغر فبي فعلتم" (يو 3 7-9). وبالاختصار ليسمع البشر ويتبصروا كما ينبغي، هيا للجزاء العظيم أن يطعموا المسيح عندما يكون جائعًا، ويا للجريمة الكبرى أن يُزدرى بالمسيح متى كان جائعًا. 12. حقيقة أن التوبة عن الخطايا تصلح البشر، ولكن لا يظهر لها فائدة إن كانت عقيمة من أعمال الرحمة. هذا ما يشهد به على لسان يوحنا الذي قال للذين أتوا إليه "يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي، فاصنعوا ثمارًا تليق بالتوبة. ولا تبتدئوا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أبًا. لأني أقول لكم أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم. والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر. فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تُقطع وتلقى في النار" (مت 25 41-42)، لقد قال عن هذه الثمرة "فاصنعوا ثمارًا تليق بالتوبة" فمن لا يصنع هذه الثمار ليس له أن يفكر في أنه سينال غفرانًا لخطاياه بتوبة عقيمة. لقد أعلن بنفسه ما هي هذه الثمار، لأنه بعد قوله هذه الكلمات سألته الجموع قائلة "فماذا نفعل؟ فأجاب وقال لهم "من له ثوبان فليعط من ليس له ومن له طعام فليفعل هكذا". إخوتي أي شيء أكثر وضوحًا وتأكيدًا أو صراحة عن هذا؟ إن ما سبق ذكره "فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى في النار". ماذا يعني سوى ما يسمعه الذين على اليسار "اذهبوا عني إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته لأني جعت فلم تطعموني" (مت 25 إلى 41-42). لذلك فإن أمرًا بسيطًا أن تنفصلوا عن خطاياكم، إذا ما أهملتم في الشفاء من الخطايا الماضية، كما هو مكتوب "يا اِبني إن أخطأت فلا تعد تزيد أيضًا" (حكمة يشوع 21 1)، وحتى لا يظن أنه بهذا فقط يكون قد تحصن يقول "واستغفر عن السالفات"، وماذا ينفعكم لو طلبتم الغفران دون أن تهيئوا أنفسكم لكي ما يُسمع لكم، وذلك بعدم صنعكم "أثمارا تليق بالتوبة"، فتقطعون كشجرة بلا ثمر وتلقون في النار؟ فإن كنتم تريدون أن يسمع لكم عندما تطلبون الغفران "اغفروا يغفر لكم. أعطوا تعطوا" (لو 6 3-38). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض (أحد الكنوز) |
لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض |
لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض |
لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض |
لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض |