رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
هذا ما علّمتني إيّاه الأم تيريزا!!! قرّرت اليوم أن أضع الكاميرا جانبًا والإنضمام للعمل مع متطوّعي إرساليات الأم تيريزا الخيريّة. كنّا نحو ثمانين شخص من مختلف الجنسيات، الأديان، والخلفيات نسير خلف هدفٍ واحد وكأنّنا شخص واحد. العمل التّطوعي في كلكتا لا شك يتخلّله تحدّيات كثيرة على رأسها عدم معرفة أي شخص أو الطّرقات…. إلّا أن صديقتي الأخت إيتا قامت بإنقاذي من خلال تعريفي على متطوّعَين آخرين هما باسم وإيريني من مصر اللذّين كانا يقصدان الأماكن عينها التي كنت أهمّ بزيارتها. سرعان ما يتحوّل الأشخاص الذين يتطوّعون للعمل في مثل هذه الإرساليات الخيرية إلى أصدقاء. هذا ما تعلّمته من خلال العمل الإجتماعي الذي كنت أقوم به في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. حيث يتواجد الأشخاص في المكان ذاته بحكم الصّدفة للعمل من أجل الخير العام ما يوّلد إرتباطًا حقيقيًّا. أولى محطّاتنا كانت ديادان ” Daya Dan ” وهو منزل للأطفال المعوّقين. عند دخولنا فوجئت بكون المكان وكأنّه منزلًا حقيقيًّا. شعرت وكأنّي محاط بعائلة كبيرة. راهبات، متطوّعون، أطفال… جميعهم عائلة واحدة. مهمّتنا الأولى في هذا المكان كانت غسيل الملابس! قمنا بغسل الملابس وفركها جيّدًا ونشرها على حبال الغسيل تمامًا كما كنّا نفعل في بيوتنا. عندما إنتهينا من عملنا ذهبنا لأخذ قسط من الرّاحة برفقة الأطفال. كان الأطفال حينها قي لحظة سكون حيث طلبت الرّاهبة من الجميع ومن ضمنهم نحن إغلاق الأعين. لقد شعرت بهدوء عظيم. كمصوّر صحفي أنا معتاد على رؤية الأمور من وجهة نظر عدسة الكاميرا. أن أُجبِرَ نفسي على وضع الكاميرا جانبًا يعني أن أتوقف عن التّنفس. كنت متحمّسًا جدًّا ففي هذا المكان الكثير من الأمور التي لا بد من إلتقاطها في صورة. جلسة السّكون مع الأطفال كانت أكثر من ضروريّة بالنّسبة لي كي أهدأ وأعيش اللّحظة وأن أكون حاضرًا من أجل الأشخاص الذين أتيت لمساعدتهم هنا. كان من الضروري أن أنسى ما الذي أريد أن أقوم به وأقوم بالذي أتيت للقيام به. جلست مع عدد من الصبية الصّغار وأخبرتهم قصّصًا عن كلبي وعن الجسر الرّمادي الضّخم. حملتهم، أطعمتهم، ضحكنا سويًّا وتحادثنا عن الدّرّاجات النّاريّة وغيرها من الأمور التي تثير إهتمامهم. حاولت أن أحبّهم كما لو كانوا أولادي. لم يتكلّموا الإنكليزيّة… لذا أعتقد أنّهم ظنّوا أنّي مجنون… إلّا أنّهم بدوا متيّمين بحركات يديّ وكلامي المبالغ فيه. اللّغة الوحيدة التي تهمّ هنا هي لغة المحبّة. عندما وصلت زيارتنا إلى نهايتها بدى وكأن عاصفة من الأمطار كانت ستهب بين لحظة وأخرى. لذا إضطررنا للتريّث قبل الإنطلاق إلى محطّتنا التّاليّة في نيرمال هريداي ” Nirmal Hriday” وهو المنزل الذي يأوي من يُحتضرون. بعد أن نام جميع الأطفال غادرنا المكان وإنطلقنا في رحلتنا البعيدة. لقد تبلّلنا بالمطر. كان الأمر مزعجًا خصوصًا لإريني التي لم تكن ترتدي سترة واقيّة للأمطار ولا تحمل شمسيّة. باسم الذي بات خبيرًا بكلكتا عقب تطّوعه للمرّة الثّالثة في أعمال المحبّة إصطحبنا إلى مطعم صغير لتناول الغذاء حيث تسامرنا وتشاركنا الخبز والطّعام. كنّا خمسة أشخاص، إثنين من مصر، واحد من الصّين، آخر من تايوان وأنا. لن أنسى تلك الذّكرى أبدًا. “نيرمال هريداي” هو أوّل بيت إفتتحتّه الام تيريزا. إنه نوع من مستشفى للمرضى الذين يُحتضرون. أنشأت الأم تيريزا مركز الإستشفاء لتؤسّس بعد عامين فقط إرساليات المحبّة. عقب هذه التّجربة مع الأطفال توقّعت أن تكون المحطّة الثّانيّة مرعبة. فكرة أن يكون المرء على بعد خطوة من الموت وغارقًا في المرض والإعاقات لا شك غير لطيفة. دخلنا المكان حيث تم إرشادنا إلى غرفة كبيرة تتسّع لخمسين رجلٍ. جميعهم كانوا يرتدون الأزرق. الانطباع الأول؟ الشّكّ. ماذا أفعل؟ ماذا أقول؟ يا ربّ، أرجوك ساعدني … إلّا أنّه سرعان ما ذاب الجليد عندما طُلب منّا مساعدة من هم بحاجة لشرب الدّواء. أُعطيت حبّة دواء وكوب من المياه كي أقدّمهما لرجل مسنّ جدًّا. كان نظره خفيفًا ولم يكن يقوَ على الحراك. جلست إلى جانبه ممسكًا بيده لنحو عشرين دقيقة محاولًا إقناعه بأخذ الدّواء. فهو لم يكن يريد ذلك. بينما كنت جالسًا أمامه رأيت رجلًا عاش حياته وهو اليوم في بيت لمن يُحتضرون. إلّا أن هذا الرّجل لم يخسر كرامته. مسكت بيديه واقتربت منه مبتسمًا. نظر إليّ فرأيت لحظة سعادة في عينيه… عندها أخذ دواءه. إنتصرت لغة الحضور والمحبّة مجدّدًا. ماذا تعلمت من هذا؟ كن هادئًا، حاضرًا وأحب كما فعل يسوع. عندما إكتشفت هذا تذكّرت قول الأم تيريزا:” إن الله لا يزال موجودًا في هذا العالم من خلالنا أنا وأنت.” تعالوا إلى كلكتا… سيغيّر هذا المكان حياتكم…. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الأم تيريزا |
قصة عن حكمة الأم تيريزا |
من صلاوات الأم تيريزا |
القديسة الأم تيريزا |
( الأم تيريزا ) |