الكمالية قد تدمر علاقتك الزوجية

[walaa farouk]

السعي إلى تطوير الذات من العوامل التي تؤدي إلى نجاح الشخص في علاقاته وحياته بشكل عام، ولكن السعي إلى الكمال -على النقيض- ربما يعد من أكبر أسباب فشل الإنسان في حياته وانهيار علاقاته. وشتان بين الصفتين. فالشخص الذي يطور نفسه يسعى إلى الأفضل وهو يقبل نفسه ويسعد بتقدمه. أما الشخص الكماليُّ لا يقبل ذاته ولا يرضى عن أي نجاح يحققه إلا رضا لحظيًا ربما. فهل أنت شخص مثالي تسعى إلى الكمال؟ إذن، احذر لأن ذلك ربما يضر بعلاقاتك.

فكيف يمكن للسعي إلى الكمال أن يدمر علاقتك الزوجية؟

1. إن الشخص الذي يسعى إلى الكمال تتقلب حالته النفسية بشدة بين الارتياح والرضا اللحظي عن نفسه عندما يحقق نجاحًا، وبين الخوف من الفشل وجلد الذات عندما يخطئ. ونتيجة لعدم وجود مصدر ثابت وعميق للثقة بالنفس لدى الشخص الكمالي فإن الإخفاقات تهز ثقته بنفسه بشدة، وقد تؤدي إلى نوبات طويلة من الاكتئاب والانسحاب لدى بعض الأشخاص. وهذا بالطبع متعب جدًا للشخص نفسه وللمحيطين به.
2. يجد الشخص المثاليّ صعوبة في مشاركة خبراته الداخلية العميقة ومشاعره مع غيره، إذ يشعر أنه لابد أن يكون قويًا ومتحكمًا في مشاعره طوال الوقت. لذلك يتجنب الحديث عن مخاوفه ونقاط ضعفه ومشكلاته مع الآخرين حتى مع المقربين. ويؤدي ذلك إلى التباعد العاطفي بين الزوجين.
3. الشخص الكمالي أيضًا ينافس بضراوة حتى شريك حياته. فشعوره بالنقص قد يدفعه إلى مقارنة نفسه حتى بشريك حياته. ولذلك قد يجد صعوبة في الاحتفاء بنجاحات شريكه إذا شعر أن نجاح شريكه يهدد صورته أمام نفسه. وقد يصل به الأمر إلى السعادة بإخفاقاته إذ يجد في ذلك مسكنًا لخوفه الدائم من الفشل وقلقه على صورته الذاتية.
4. الحياة الزوجية تتطلب مرونة، وقابلية من الزوجين للتغيير وتعديل بعض مواقفهما لتلائم احتياجات الشريك. ومشكلة الشخص الكماليّ أن لديه حساسية زائدة تجاه أي بادرة للرفض. كما أنه يأخذ النقد وأي تعليق على تصرفاته بشكل شخصي حيث يعتبر ذلك دليلًا على ما يشعر به في أعماقه من أنه ليس جيدًا بالقدر الكافي. ولذا يصبح دفاعيًا عندما يوجه له نقد -حتى عندما لا يكون هناك احتياج للدفاع- للحفاظ على صورته الهشة أمام نفسه وأمام الآخرين.
5. وكما يقسو على نفسه، فإنه يقسو على غيره ويعاملهم بنفس المعايير العالية التي يضعها لنفسه. وهذا يجعله انتقاديًا للآخرين وغير قادر على تحمل أخطائهم. ومعلوم أن أي علاقة -بما فيها العلاقات الزوجية- لا تنجح إلا بقدر من تحمل أخطاء وضعفات الآخرين والتسامح معهم.
6. قد يدفع السعي إلى الكمال الشخص إلى التسويف لخوفه من الوقوع في الخطأ، وهذا يجعل شريكه غير قادر على الاعتماد عليه مما يدفعه إلى تحمل المزيد من المسئوليات، ومن هنا يبدأ الغضب في التراكم بداخله.
7. الشخص المثالي يفكر بطريقة "أبيض أو أسود" ويعتبر سلوكيات الآخرين مؤشرًا على قيمته: فهو إما يحبني ويفعل ما أريد، وبالتالي فأنا شخص جيد.. أو لا يحبني ولا يفعل ما أريد، وهو ما يعني أنني شخص سئ. هذه الطريقة في التفكير تمثل ضغطًا على الشريك وتؤدي إلى تصدع العلاقة.
هل تريد إنقاذ نفسك وعلاقاتك؟

إذا كنت تعاني من السعي إلى الكمال وترغب في تغيير نفسك، فإنك بحاجة إلى رصد أفكارك وطرق تفكيرك الخاطئة. كما أنك بحاجة إلى تقبل نفسك، والتسامح مع أخطائك والاحتفاء بنقاط قوتك والاستفادة منها. تحتاج أيضًا أن تقبل شريكك وأن تكون توقعاتك منه واقعية حتى لا تحبطه بالشكوى الدائمة منه، ويساعدك على ذلك أن تركز على إيجابيات شريكك وتقدرها. كما أن التواصل والتعبير عن مشاعرك واحتياجاتك من العوامل الأساسية لأي علاقة ناجحة. وأخيرًا فلا تتردد في طلب المشورة النفسية إذا لزم الأمر.