الخـدمــة كمــا يجب أن تكــون ...!!

[Marina Greiss]

كانت ساره تعيش مع جدتها فى كوخ صغير بإحدى القرى ، وكانت كل يوم بعد انتهاء الدراسة تذهب الى المدينة القريبة حيث تنتقل إلى المنزل إلى آخر لتقوم بخياطة بعض الملابس، وفى المساء تعود الى جدتها ومعها الأجرة لتشترى بها ما يلزمها من طعام وثياب وخلافة. ولم تنسى الجدة أن تعلم صغيرتها سارة بعض التعاليم الدينية ، كما أعطتها الكتاب المقدس لتقرأ فيه .
وفى المدينة القريبة كان يوجد سجن كبير تقع غرفه تحت الأرض وكان المسجونون يعيشون فى منتهى الذل والشقاء فى حجرات ضيقة رطبة . وعلمت ساره أن هؤلاء المساجين قوم أشرار ألقوا فى السجن بسبب أعمالهم الشريرة ، ولكنها قالت فى نفسها:- " يجب أن أدخل إلى السجن وأرى هؤلاء المساكين لعلى أستطيع أن أقدم لهم خدمة ، فلا شك أن السيد المسيح كان يحب مثل هؤلاء الأشرار ويطلب نفوسهم الضالة " .
ذهبت ساره بشجاعة إلى حافظ السجن وطلبت زيارة المساجين ، ومع أنه ممنوع دخول الغرباء إلى داخل السجن إلا أن الحافظ عندما رأى وجهها تكسوه المحبة والشجاعة أذن لها بالدخول .
نزلت ساره إلى حجرات السجن السفلى الرطبة المظلمة إلى حيث المساجين وقالت لهم " لقد جئت لأجل خاطر المسيح لأنى أحبكم وهو يحبكم أيضاً " . وأخذت تكلمهم عن الرب يسوع ومحبته للخطاة والأشرار ..
أسبوعاً بعد أسبوع أثناء زيارتها لهم ، حتى كسبت قلوبهم ومحبتهم فكانوا ينتظرون زيارتها لهم . وذات يوم سألتهم " كيف تقضون يوم الأحد ؟ " فأجابوا " أن الأيام فى السجن سواء بسواء ". قالت لهم " كلا . إن يوم الأحد يوم مقدس يجب علينا أن نعقد فيه إجتماع روحياً ، ونتأمل فيه كلام الله ". وهكذا عقدت لهم ساره إجتماعاً روحياً ، واشتركوا جميعاً فى التسابيح والترانيم ، وكانت تقرأ لهم فصلاً من الكتاب المقدس ثم عظة ، وبعد ذلك تحدثهم عن محبة الرب يسوع لهم . وكانوا يصغون اليها بإهتمام شديد . ولما لاحظت ساره أن المساجين ليس لهم من عمل وسط النهار سوى المشاحنات والمشاكل والكلام البذئ، لهذا استأذنت إدارة السجن فى أن تبحث لهم عن بعض الأشغال ليؤدونها داخل السجن، وبعد جهد وافقت ادارة السجن . وأحضرت سارة للنساء بعض فضلات الأقمشة لخياطتها ملابس للأطفال ثم بيعها لحساب هؤلاء المساجين، أما الرجال فأحضرت لهم الخوص ليصنعوا قبعات، وهكذا إزدحم وقتهم بالعمل النافع، وكانوا فى عملهم سعداء.
وكلما إنتهت مدة السجن لبعضهم كانت ساره توليهم عنايتها وتهيئ لهم أعمالاً شريفة خارج السجن يرتزقون منها .
أما الأحداث ( صغار السن ) كانت ساره توجههم إلى المدارس ليتعلموا، ولما ثابرت ساره على خدمة هؤلاء المساجين المساكين بادلها المجتمع إحتراماً باحترام وعمل على تشجيعها بالإعانات المختلفة لمساعدة هذة المشاريع .

إن كلاً منا يمكنه أن يعمل عملاً نافعاًً مثل ساره .

ويجب أن يتذكر كل منا هذه الآيه " كل غصن لايأتى بثمر ينزعه، وكل ما يأتى بثمر ينقيه ليأتى بثمر أكثر " ( يو 15 : 2 ) . فلهذا يجب علينا كلنا أن نخدم بكل جهد لكى نأتى بثمر ثلاثون وستون ومئة ، لأن هذه هى الخدمة كما يجب أن تكون .