في سنة 2100 إستطاع العلماء أن يخترعوا جهاز يجعل مشاعر الإنسان إلكترونية .. حيث تم إستبدال القلب بشريحة توضع في داخل عقل الإنسان (كارتة ميموري) .. متصلة بجهاز شبيه ب(كيبورد) به مجموعة مِن الأزرار .. كل زر مكتوب عليه إسم الشعور المطلوب. مع إضافة مجموعة مِن الأشكال للوجوه تعبِّر عن الحالة المُراد ذكرها (وجه غاضب- وجه مندهش - ) وقد إختفى الوجه(المبتسم) !!
تستطيع وأنت جالِس مكانك أن تختار ما تريد .. وأن تذهب إلى حيثما تريد .. دون أن تغادر كرسيك !!
وبالنسبة لموضوع الزواج ..
لم تعد هناك تلك المشكلة القديمة والخُرافة العتيقة التي كانت تُسمىَّ (الحب) !!
فالموضوع بكل بساطة هو أن تضع بياناتك على الجهاز موضِّحاً إمكانياتك المادية ومواصفاتك الجسمانية وعلاقاتك الإجتماعية .. ويقوم الجهاز بصورة تلقائية بإختيار الطرف المناسب لك !!
وكان الشباب يتحاكون عن بعض الخُرافات التي كانت موجودة في أيام أجدادهم منذ حوالي مائة عام وما يتعلق بشيء غريب إسمه الحب !! والبعض قال إنه منذ 200 عام كان لا يرى الرجل زوجته قبل الزواج !!
والآن .. في عام 2100
أصبح العالَم عقل بلا قلب !!
أصبح الإنسان جهاز كومبيوتر يتحرك على قدمين !!
تم محوَّ مصطلحات(الأخلاق-المباديء-الشهامة-القيم-الوفاء-التضحية-البذل....إلخ) مِن على الشريحة الموجودة داخل الفرد !!
،،
لقد كان الدافِع وراء إختراع ذلك الجهاز هو تخفيف العبء والألم مِن الإنسانية .. وذلك بأن يتم القضاء على المشاعر الإنسانية التي تسبب للإنسانية أي ألم .. خاصة الصدمات والإحباط ..
وبما أن مُعْظَم المشاكل كان سببها – كما إدعى أحد العلما ء- الحب ...
في حين لم يدركوا أن المشاكل سببها هو (غياب) الحب !!
لذلك :
بدأت تظهر ظواهر غريبة وهي (إنتحار!!) ..
ولما إجتمع العلماء وظلوا يبحثون ويتباحثون لم تُسْعِفهم أجهزتهم الإلكترونية لإيجاء تشخيص لتلك الظاهرة الغريبة !!
إلى أن قال أحدهم بأنه توصَّل إلى إكتشاف خطير جداً قد يؤدي إلى إنقلاب العالَم كله ..
ولما سألوه قال :
هناك بداخل الإنسان جزءاً خطيراً قامت أجهزتنا بتدميره ..
هذا الجزء هو : (المشاعر!!) ..
ففتح العلماء عيونهم و أفواههم في دهشة وريبة وقالوا بصوت جهازٍ واحدٍ (ا ل م ش ا عِ ر ) !!! ؟؟؟
البعض إتهمه بالتخريف .. وآخرين إتهموه بالرجعية .. هناك مَنْ إتهمه بالجنون ..
وتم عزله مِن مجلس العلماء !!
ولكن .. بدأت مجموعة مِن الشباب تلتف حوله .. وقاموا بتكوين مجموعة أطلقوا عليها إسم (المحبة) .. رمزها (القلب) .. شعارها (المحبة لا تسقط أبداً) .. ..
وبدأت تلك المجموعة تكبر وتكبر .. وأصبحت تطالب بإسقاط النظام والعودة إلى صورة الإنسان الأول الذي خلقه الله ..
وأخيراً .. قاموا بثورة .. وأسقطوا النظام ..
ولكن واجهتهم مشكلة أكبر .. وهي أن الأجهزة لازالت مزروعة في دواخلهم تلوَّث فكرهم وكيانهم فكيف يستطيعون التخلص منها ؟!
لقد قاموا بثورة ضد الفساد الخارجي .. ولكن يمكنهم عزل وخلَّع الجهاز الذي يضُخ الفساد في داخلهم والذي تم زرعة مِنْ قبل المجلس القديم الذي كانوا يطلقون عليه (مجلس العلماء) ؟؟!!
التوقيع
شاب حائر
يونيو عام 2100
