رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في البدء خلق الله الإنسان ووضع فيه صورة ذاته، فصار طبيعياً منسجماً مع إرادة الله ومشيئته، لأن القلب يرتاح حينما يحيا بالمحبة حافظاً الوصية، لأن كل من يحب الله يحفظ وصيته ويثبت فيها دون قلق أو اضطراب أو تشويش، أو صراع ما بين قبولها ورفضها، لأن كل شهوة القلب أن يتمم وصية الله حبيب النفس الخاص. فكل قلب يميل دائماً إلى ما يحبه ويختاره، لذلك ليس من اللائق أن يقول أحد أن من الرب خطيئتي، فالرب لا يعمل ما يُبغضه. ولا يقول أيضاً أن هو الذي أضلني، لأن الرب لا يعوزه الخاطئ، لأنه وضع الوصية أمام الإنسان لكي لا تمتد يده إلى الإثم، لأن الإثم يحمل الموت، وكل من دخله يدخل تحت دائرة غضب الله المُعلن فيه: لاَ تَدَعْ فَمَكَ يَجْعَلُ جَسَدَكَ يُخْطِئُ. وَلاَ تَقُلْ قُدَّامَ الْمَلاَكِ: «إِنَّهُ سَهْوٌ». لِمَاذَا يَغْضَبُ اللَّهُ عَلَى قَوْلِكَ وَيُفْسِدُ عَمَلَ يَدَيْكَ؟ (جامعة 5: 6) لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ (رومية 1: 18) الرب يبغض كل رذيلة، والذين يتقونه حقاً لا يحبونها، فالرب خلق الإنسان في البدء وجعله مثله من جهة الحرية لكي يفعل ما شاء دون ضغط أو إكراه، لذلك تركه حراً في اختياره، فإن شاء حفظ وصاياه واختار العمل بها في أمانة، وأن رفض وابتعد وانعزل عن خالقه وسار في طريق الشرّ والفساد، فقد اختار هذا بكامل إرادته وحريته. لأن الله وضع الماء والنار أمام الناس ولهم أن يختاروا أين يضعوا يديهم. فأمام الإنسان الحياة والموت، وأيهما يختار يُعطى لهُ، وكلمة الله مقدمه للجميع وملقاه في كل قلب وأمام كل عين، والإنسان هو الذي يقبلها أو يرفضها، لذلك يُترك كل واحد لقلبه، فيا إما يختار الكلمة ويؤمن بها فتنغرس فيه وتزدهر وتأتي بثمر، أو يحجر قلبه ويصم آذانه ولا يسمع فيخطفها العدو منه فيخسرها ويخسر نفسه ويحيا بالموت. حكمة الرب عظيمة، وهو قدير ويرى كل شيء بوضوح شديد لأن عينيه كلهيب نار تفحصان استار الظلام ويعرف كل أعماق الإنسان وميول قلبه الخفي، وعيناه تراقبان الذين يخافونه، ويعلم كل أعمال الإنسان، وهو لم يأمر أحداً بفعل الشرّ، ولا أذن لأحد أن يُخطئ، لذلك علينا أن نفحص قلبنا ونرى اين كنزنا لنحدد ماذا نختار ولا نُسقط حالتنا على الله لنتهمه أنه سبب سقطونا أو هلاكنا، لأنه وضع مسئولية حياتنا بين أيدينا لنختار ما يتوافق معنا، لذلك فأنه لن يعطينا شيئاً خارج عن إرادتنا واختياراتنا الخاصة وتحديد طريقنا الذي نسير فيه، لذلك فأن كل واحد مسئول عن مصيره وحياته الشخصية، لأنه حينما كان الرب يسوع يقدم دعوة التبعية كان دائماً يقول (أن أراد أحد أن يأتي ورائي) فهو لم يفرض الدعوة على أحد ولم يغصب إنسان على أن يسير وراءه بل ترك كل واحد يحدد ماذا يُريد أن يفعل ولم يفرض علي أحد ما يخالف إرادته واختياره. |
|