غالبًا أكتر حاجة بتإلمنا لما بنحس إننا مش غاليين في نظر ناس كنا بنظن إننا عندهم غاليين ..
أو كنا بنظن إن مقاييسهم تختلف عن مقاييس هذا العالم القاسي .
وده ممكن يسبب نوع عميق من الجوع ، مؤلم جدا ، وهو الجوع إلى الحب وإلى الشعور بإني محبوب ومقبول حب وقبول غير مشروط ..
عدم إشباع الإحتياج ده بيسبب نوع من الألم وبيحسس الإنسان إنه عايش في عالم مادي شهواني بهيمي ..
وكل لما الصدمة بتيجي من حد كنا فاكرينه مليان أو شبعان أو على مستوى كبير من الإنسانية والنضج أو مقاييسه مختلفة عن مقاييس العالم ، كل ما الواجعة بتكون صعبة والجرح بيكون أعمق ..
لما بتحس إن حد غالي عليك وزنك بميزان العالم فشافك رخيص ..
لما بتحس إن حد كان حتة مِنْ قلبك ، جرحك وطعنك في قلبك ..
زي صديق تكون معاشره سنين وتتفاجئ إنه باعك وخانك !!
بتوجع جدًا ..
أو شريك حياة إتخلى عنك أو كان قابلك علشان فقط ما تملك ، ولما فقدت أموالك ظهر هو على حقيقته !!
بتوجع جدًا ..
أو قريب ليك كل إللي كان يهمه هو ميراث هيآخده منك ، وبعدها راح لحاله !!
أكيد بتوجع جدًا ..
حاجات كتير بتوجع إننا نتصدم في ناس ما كناش نتوقع ولا نتخيل ولا حتى ييجي على بالنا إن يحصل منهم كدة ..
وقتها بنحس إننا رخاص قوي ، وملناش تمن ..
وقتها ثقتنا بنفسنا بتتهز ، والدنيا كلها بتبقا ضلمة من حوالينا ..
وقتها بنقول مع داود إن كان أبشالوم إبني عمل معاية كدة يبقا مش غريبة إن شمعي بن جيرة يشتمني ويهيني ..
بس لو بصيت لداود هألاقي إن بعد الأحداث دي وبعد إستهزاء زوجته بيه (إبنة شاول) وبعد خيانة إبنه أبشالوم وإتفاق أخيتوفل عليه وكتير من الشعب وقفوا ضده ونسوا أيام مجده ونصرته على جليات ، هألاقي إن علاقة داود بربنا دخلت إلى مستوى أعمق وحب أعمق وحياة أعمق ومزامير أعمق ، كل ده بسبب الأوجاع إللي كانت أعمق ..
يعني مِنْ الآخر كدة ما أنقذهوش مِنْ كل تعبه ده وشعوره بالرفض والجرح والتخلي والخيانة والمرارة والوجع والمؤامرات التي تقام ضده ، ما أنقدهوش إلا حاجة واحدة بس هي علاقته بربنا ..
عشان كدة مزامير داود عميقة جدا وبتعالج جميع المشاعر المؤلمة لأنه مَر بجميع المشاعر المؤلمة ..
صحيح الدنيا عمرها ما كانت حنينة على حد ، بس ربنا حنين جدا جدا جدا ..
ربنا هو الفْلك الوحيد إللي يضمنلنا عدم الغرق وسط طوفان هذا العالم المادي القاسي ..