واجتمع إليه كل رجل متضايق، وكل مَن كان عليه دينٌ، وكل رجلٍ مُرّ النفس، فكان عليهم رئيسًا .... ( 1صم 22: 2 )
إننا بإحسان الله وقيادته اللطيفة، وجدنا طريقنا إلى الرب يسوع؛ يسوع الممسوح والمرفوض، المُستتر الآن مع الله. ولا شك أنه في أيام الشر والبُعد السابقة، كانت لنا صفات مثل هذه: البعض متضايق، والبعض مُرّ النفس، والبعض عليهم دين ثقيل لله. كنا بؤساء مُحطمين، مُذنبين بدون أي شيء يعطينا قيمة في نظر المسيح. لكن الله الآن قادنا إلى قدمي ابنه الغالي، حيث وجدنا الغفران والسلام بدمه الثمين. لقد هوَّن الرب يسوع ضيقنا، وأزال مرارة نفوسنا، ودفع كل ديوننا، وقرَّبنا إلى شخصه المحبوب.
تُرى: ماذا نحن فاعلون أمام هذا الإحسان العظيم؟ هل نحن نجتمع في حب عميق حول رئيس خلاصنا؟ هل فُطمت نفوسنا عن الأشياء المتعلقة بنظام العالم؟ هل نعيش كأُناس ينتظرون تلك اللحظة التي يرقى فيها داودنا إلى العرش؟ هل ميولنا مرتبطة بما فوق؟ لقد قال الرسول: «فإن كنتم قد قُمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الأرض، لأنكم قد مُتم وحياتكم مُستترة مع المسيح في الله. متى أُظهر المسيح حياتنا، فحينئذٍ تُظهرون أنتم أيضًا معه في المجد» (كو3).
إن أكثر ما يؤسف له هو أن قليلين جدًا هم الذين أدركوا فعلاً طبيعة مركزهم ونتائجه العملية كمتحدين مع الرب يسوع المصلوب والمُقام، قليلون هم الذين أدركوا فعلاً عُمق معنى كلمات الرب: «ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم»، أو كلمات الروح القدس: «لأن المُقدِّس والمُقدَّسين جميعهم من واحد»، فقياس انفصال المؤمن عن العالم لا يقل عن قياس انفصال المسيح في نظر الله، وإن كان الوضع يختلف كثيرًا من وجهة النظر العملية. إذًا فهذا المقام ليس هو هدفًا نسعى إليه، بل هو نقطة نبدأ من عندها، لنعيش عمليًا حياة الانفصال.
إن الدافع الأساسي لانفصال المؤمن عن العالم هو انفصال المسيح عنه، فلا يهم كون العالم حسنًا أم رديئًا، فالمؤمن ليس منه رغم أنه فيه كمكان تعبه اليومي وتدريبه.
لقد تحرر رجال داود من كل ارتباط بنظام شاول، وذلك بفضل اتحادهم بداود. وهكذا كل الذين ينقادون بالروح لمعرفة وحدتهم مع الرب يسوع المرفوض، لا بد أنهم سيشعرون بأنهم قد انفصلوا عن أمور الزمان الحاضر.