مدرسة الله السرية

[walaa farouk]

كان عبدك يرعى لأبيه غنمًا ... قتل عبدك الأسد والدب جميعًا. وهذا الفلسطيني الأغلف يكون كواحد منهما، لأنه قد عيَّر صفوف الله الحي ( 1صم 17: 34 - 36)

كان داود يتجهز للخدمة الجهارية في مدرسة الله السرية. وهكذا الله دائمًا يدرب في السر تلك النفس التي يريدها أن تخدمه في الجهر. فداود قد تعلم في البرية الينابيع التي يجدها الإيمان في الله، وبذلك قتل الأسد والدب جميعًا.

أوَ لا نرى أن معظم فشلنا هنا راجع إلى عدم وجودنا في السر مع الله الحي؟ إن الشركة مع الرب هي أعظم امتياز لنا، كما أنها سر قوتنا وأساس غلبتنا. فداود قد دخل في الامتحان وفيه أظهر ثقته في الله الذي آمن به واتكل عليه. لقد كانت هناك معاملة بين نفسه والله في البرية، ولذلك ظهرت ثمار تلك المعاملة وقت الامتحان.

أيها العزيز، أين هو المكان الذي يتعلم فيه القديسون أن يحصلوا على النُصرة؟ إني أعتقد أنه حيث لا تراهم سوى عيني الله. إن أسمى ما نقوم به هو أن ننكر ذواتنا قلبيًا، ونحمل الصليب في السر، ونتعلم طريق الرب في عُزلة مخادعنا، ونهدم الظنون وكل فكر يرتفع ضد معرفة الله. إن المخدع هو ميدان جهاد الإيمان العظيم. فلنقابل العدو ونهزمه هناك. ومَنْ يتعامل مع الله كثيرًا في السر، لا يمكنه أن يستعمل أسلحة جسدية، ومن ثم نرى أهمية خروجنا إلى الخدمة من محضر الله الحي حتى نكون مُجهزين لإماتة إدعاءات الجسد. ولكنه من المُحزن حقًا أن نرى مؤمنًا يجتهد في المحاربة باسم الرب وهو لابس أسلحة العالم.

وعندما نكون في شركة مع الله لا نقارن بين صعوبة وصعوبة، لأنه ما هي الصعوبة أمام الله؟ الإيمان يقيس كل صعوبة على قوة الله وحينئذ يرى الجبل كالسهل تمامًا. كثيرًا ما نفتكر أن الأمور الضئيلة لا تحتاج إلى قوة الله، وحينئذ نفشل فيه. أ لم ترَ خدامًا غيورين ومُخلصين يفشلون في أمور تافهة؟ والسبب في ذلك هو أنهم لم يفكروا في أن يجعلوا الله بالإيمان في كل طرقهم.

إن الإيمان يميز ضعفنا بشكل واضح، ويجعلنا أن نرى أنه لا ِشيء سوى قوة الله يمكّننا من الغلبة في أي شيء كان. فالإيمان لا يستخف بأي خطر لأنه يعلم مَنْ نحن، وفي الوقت نفسه لا ييأس في أي خطر لأنه يعلم مَنْ هو الله.