هذه قصة خيالية لكنها واقعية
لا تحتاج لشرح إنما فحص وتامل عميق في داخلنا
* جلس على كرسي القضاء بكل هيبة ووقار،
وراءة صورة بارزة لميزان العدل،
ونادى قائلاً: احضروا السارق وادخلوا الشهود.
حضر السارق بوجه شاحب وخيبة الأمل تعتلي وجهه
دخل الشهود يشهدون أن هذا هو السارق الجاحد الذي لا ينبغي أن يعيش في هذا المجتمع الشريف.
فنظر القاضي للسارق في عينيه وتطلع جيداً فرأى القساوة تخرج منهما مثل ظلمة حالكة غطت وجه شمس الظهيرة كالسحب الكثيفة التي تتجمع وقت الشتاء قبل ان تمطر.
فنظر لملابسات القضية وتحقق من صحة الواقعة وشهادة الشهود
ونطق بالحكم بأقصى عقوبة لكي يكون عبرة لكل سارق،
وفي النهاية صفق له الجمهور وحياهُ قائلاً:
حقاً أنه قاضي منصف وعادل، يحيا العدل، يحيا العدل
** وحينما اختلى القاضي بنفسه، قفزت للتو - في مخيلته - نفس ذات الظلمة عينها ولمعت ذاكرته فجأة،
تُذكره بأخيه الذي قُطعت علاقته به منذ سنوات طويلة، بسبب نار الحقد،
والخصومة التي اشتعلت بينهما بسبب الميراث الذي أغتصبه وانتزعه من أخيه وتركه يعاني من التشرد والفقر والجوع.
وفجأة صرخ القاضي من هول الصدمة،
أن هذه الملامح لم تكن غريبة أبداً عنه،
أن هذه الملامح الجامدة التي رآها على وجه المتهم،
أنها هي عينها،
نعم أنها هي نفسها ملامح أخيه الذي لم يتعرف عليه من أول وهلة
بل وطول جلسة الحكم كلها،
فقد حكم عليه بالسجن لأنه وجده مذنباً
فقد ضُبط وهو يسرق عن قصد
عن سبق إصرار وترصد
رغيف عيش لكي يأكل