535 - كان بولس الرسول مسافرا ً ضمن عدد من الاسرى والجند على سفينة ٍ في البحر ، وهاجت على السفينة ريح ٌ شديدة ، ولم تكن السفينة قادرة على مقاومة الزوبعة . و لشدة الريح كانت السفينة تُحمل ، ولتخفيف حمولة السفينة ألقوا بالاثاث في البحر . اشتدت العاصفة وكانت تتلاعب بالسفينة التي كانت كقشة ٍ صغيرة في مهب الريح . وفي الليل والظلام يلف البحر والسفينة في غلالته ، والامواج تتلاطم وتعلو ، زمجر الرعد وكأنه ايقظ شياطين اليَم وامتلأت السماء السوداء بالبرق . كانت ألسنته ُ كسيوف نار مشرّعة لتحصد أرواح ركاب السفينة وحمولتها . وبينما الكل خائف ٌ يرتعب ولا يعرف ماذا ستكون نهاية العاصفة ونهايته ، كان بولس يرقد في جوف السفينة في هدوء ٍ وسكون واطمئنان ليس غريبا ً عليه . لم يكن يعرف الخوف ، لم يعرف شكله أو ملامحه ، لم يزره ُ الخوف في صحوه ِ أو نومه ِ . ووقف به في تلك الليلة ِ ملاك الله ، قال له : " لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ. " ، ولم يكن خائفا ً . ثم قال له : " يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقِفَ أَمَامَ قَيْصَرَ. وَهُوَذَا قَدْ وَهَبَكَ اللهُ جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ مَعَكَ. " ( اعمال الرسل 27 : 24 ) . في قلب المخاطر كان يرى ملاك الله ، وكان يسمع صوت الله ويتقبل اعلاناته . قلبه ُ مضبوط ٌ موجه ٌ على صوت الله ، جهاز استقباله معدّ ٌ لاستقبال الارسال الالهي . إذا كنا ساكنين الملجأ الآمن الحصين ، إذا كنا نعيش حياة ً يمتلكها المسيح ، عنايته ُ تحصرنا ، تحيط بنا ، تحمينا ، تصد الزوابع والعواصف عنا ، تطردها بعيدا ً فلا نشعر بالخوف ، لا يدخل ساحتنا ، لا نعرف الخوف . الخوف ُ غريب ٌ عنا . ثم نتلقى عونه ، يرسل لنا ملائكته التي تخدمنا وتكون طوع أيدينا ما دمنا ننتمي له . ونعرف صوته ، وندرك اعلاناته ، ويكشف لنا مشيئته ، ويعلن لنا قصده . ونصلي كما صلى بولس وسط العاصفة ، وسط البحر الهائج والموج الصاخب ، وسط الظلام والسنة البرق تخطف الابصار ، نصلي وسط هدير الرعد . ويسمع لنا ، يصل صوتنا له ، لا يعوق صلاتنا عواصف أو زلازل ، ثم نسمع نحن ايضا ً صوته ، نفهم رسالته ، نعرف ارادته ، ننفذ مشيئته . وهب الله بولس جميع المسافرين معه . طلب منه ذلك واستجاب له " لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ . …… هُوَذَا قَدْ وَهَبَكَ اللهُ جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ مَعَكَ. " ، لا تخف . بثقة ٍ وتأكيد ٍ قال بولس : " لِذلِكَ سُرُّوا أَيُّهَا الرِّجَالُ، لأَنِّي أُومِنُ بِاللهِ أَنَّهُ يَكُونُ هكَذَا كَمَا قِيلَ لِي. " . لك مكان ٌ آمن ٌ عند الله ، في المسيح الملجأ الحصين . هناك لا خوف ، عنده يظهر لك ملاكه يُعلن لك حمايته .