علي خطوات الموت ...
هل يا تري حياة القداسة مطلوب لها التظاهر وحُب الظهُور .؟ لقد عاش بينهم رفيق حياة حتى قارب النهاية نهاية الموت ، وهنا أكثر أخواته الرهبان والمفروض فيهم عدم ظن السُوء ، قالوا في قلوبهم .. كيف يعيش هذا الراهب في وسطنا ، وفي مكان مقدس تملأه أنفاس القديسين بهذا التواني وهذا الكسل ..؟ نحن لا نستطيع أن نحتمله فهو غريب في كل تصرفاته ، آهـ من خجل أي زائر لديرنا هذا ..؟ حقاً أنه بقعة سوداء تلطخ جبيننا ، ومن الغريب أن رئيس الدير ساكتاً عنه ولم يأمر بطرده ، هكذا كانت حياتهم تذمر في تذمر من سلوك زميلهم هذا ، وهكذا ظنوا السُوء به وتمنوا من
كل قلوبهم أن يفارقهم لكي تستريح أفكارهم ، هكذا ظنوا ،
ولكن حين جاءت الساعة التي يترك فيها زميلهم هذا ، يترك هذا المتواني الدير ، لا بل نقول وكل العالم . فقد مرض مرض الفراق وهو الآن في النزع الأخير ، وهنا كعادة الرهبان أن يجتمعوا حوله عساهم يتعلمون درساً نافعاً لهم ، ربما يكون هذا الدرس قد فات عليهم فيجب أن يتعلموه في دوامة العمل ، وكم كانت دهشة الرهبان فقد حسبوه أنهم سيرونه منزعجاً خائفاً من الموت ، شأن كل خاطئ ، لكنهم رأوا العكس رأوا الفرح وهو يرتسم علي وجهه وكان الهدُوء يشمله وهنا طلبوا منه أن يخبرهم عن سر كل هذا الفرح الغامر الذي يلفه ، ففتح فاه وقال كلماته الأخيرة والتي كانت بمثابة درس روحي نافع لحياتهم .
نعم يا آبائي المكرمين لقد أنفقت حياتي كلها في غير الواجب ، وأضعت حياتي في الكسل والتواني ، ولكن حدث الآن وانا أجتاز ساعة الموت ، أن دخل الملاك وبيده كتاب خطاياي وبادرني القول .. أتعرف كتاب من هذا .. " الملطخ بالوحل ..؟ " أجبته . نعم نعم أعلمه تماماً أنا الذي صنعته بنفسي وبإرادتي ولكن في رجاء قلت للملاك وفي توسل . هذا هو فعلاً عملي ولكني منذ
صرت راهباً ما دنت أحداً من الناس أو أزدريت بأحد
ولا نمت وفي قلبي حقد علي أحد ، وأنا أرجو أن يكمل في الله وعده .. " لا تدينوا لكي لا تدانوا . أتركوا يترك لكم " . أنه حقي انجيل ربنا يسوع المسيح . للحال يا إخوة مزق الملاك كتاب خطاياي ، بسبب حفظي لهذه الوصية .. وبعد أن أفرغ الراهب من الكلام أسلم الروح .. وهنا أنتفع الأخوة وتعلموا درساً هاماً وسبحوا الله .. لأنه حقاً أن المحبة لا تظن السُوء .