بيشوي الثاني ...
حقاً مرة أخري " المحبة لا تطلب ما لنفسها " قال في نفسه ليتني أهب جسدي لمجزوم لكي أُدخل السعادة إلي قلبه ، وكانت أمنية قلبه صادقه ، كان قلبه مملوء بالمحبة التي حقاً لا تطلب ما لنفسها ، فقد لاحظ أثناء سيره في طريقه ليبيع عمل يديه شخصاً مجزوماً وكان جالساً في زاوية علي الطريق ، ولما رآه ذلك المجزوم أخذ يناديه إلي أين أنت ذاهب يا أبي الراهب ، فقال له ذاهب لكي أبيع عمل يدي يا أبني ، هل يلزمك شئ ..؟ فقال له المجزوم أصنع محبة
يا أبي وخذني معك ، وهنا وبكل شجاعة تقدم أغاثون الصالح
وهو مسروراً فقد تحقق له ما يريده ، حمله علي كتفه بلا تأنف ، وبلا خوف من أي عدوي تصيبه من هذا المرض اللعين ، ودخل به المدينة ، وباع جزءً ، وهنا سأله المجزوم أن يشتري له بما قبض من ثمن ، شبكة هو في حاجة إليها ، وكان القديس يطيع في محبة كاملة ، وهكذا كلما باع القديس شيئاً وقبض الثمن يسرع المجزوم وهو قابعاً علي كتفه بالطلب ، ولم يضيق صدر القديس به حتى أشتري له كل ما طلب ، وأنهي كل عمل يديه ، ولما لم يجد شيئاً يبيعه . سأله أغاثون هذا الإنسان في حياء ، فقد حان موعد رجوعه ، أخبرني يا رجل الله أين أستطيع أن أمضي بك وإلي أي جهة تقصد ، لقد أسعدتني كثيراً أيها المبارك ، وهنا أشار إليه المجزوم أن يرجعه إلي حيثما كان ، في مكانه الأول حيث وجده ... ولم يتذمر القديس ولكن في رضي وفي محبة كاملة بلا ضجر ، أخذ طريق العودة فرحاً بما عمل ، ووصل القديس إلي المكان وشرع في إنزاله ، وهنا أندهش القديس فقد رأي المجزوم ، وقد تغيرت هيأته وصار كشبه ملاك ، ولم يتركه الملاك قبل أن يهديه كلمات البركة والسلام ، وهنا عاد القديس الصالح إلي قلايته وإلى عبادته ، فقد عوضه الله
صاحب الجزاء الصالح عن محبته ، المحبة التي لا تطلب
ما لنفسها .
ليتنا نتزرع بتلك الروح المحبة التي لا تطلب ما لنفسها ، وعندما يكون لنا تلك المحبة الخادمة البازلة المضحية ، سيكافئنا الله بأعظم المكافأة ولا يمكن أن ينسي تلك المحبة ، كما فعل مع أغاثون فعل مع أنبا بيشوي وأستحقوا أن ينالوا نظير محبتهم تلك المكافأة المعروفة لنا جميعاً ..