إن قبولك المسيح مخلصاً ورباً هو أهم قرار تتخذه في حياتك كلها. وقبولك الرب يسوع المسيح بالإيمان هو بداية حياة جديدة تماماً. وكما تحتاج الحياة الطبيعية إلى الهواء والغذاء والراحة والرياضة، كذلك تحتاج الحياة الروحية إلى الغذاء والنمو.
هنيئاً لك فقد أصبحت من عائلة الله. لقد أُفتُديت بدم غالي كريم، إنه دم يسوع المسيح الذي أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا. أرجو أن تكون قد أدركت من المتابعات الماضية أنك صرت إبناً لله. هو أبوك وأنت إبنه. ولا يمكن أن يفصلك شيء عنه، وهو يريد لك الأفضل ويريدك أن تستمتع بهذه العلاقة، علاقة حب بين اب وإبنه.
إن شهوة قلب الله أبونا هو أن نعرفه أكثر وأكثر لنختبر روعته ونفرح مع المرنم القائل: "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب . . حلقه حلاوة وكله مشتهيات."
هذه المتابعة تختص بكيفية دراسة كلمة الله "الكتاب المقدس" وفهمها. يقول الإنجيل المقدس: "في هذه هي المحبة ليس أننا نحن أحببنا الله بل أنه هو أحبنا وأرسل إبنه كفارةً لخطايانا." وقال الرب يسوع المسيح: "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي . . الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني." وقال كاتب رسالة يوحنا: "يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق."
لقد أحبنا الله وأثبت محبته لنا بأنه أرسل إبنه الوحيد يسوع المسيح ليموت عنا على الصليب. لقد برهن الله محبته لنا بطريقة عملية جداً، ونحن نحب الله ليس لأن فينا شيء صالح وإنما تجاوباً مع محبته العظيمة لنا. إسمع ما قاله الرب يسوع: "ليس لأحد حبٍ أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه." لقد وضع المسيح نفسه وأطاع حتى الموت . . موت الصليب لأجلنا. ولكن كيف أُظهر أنا محبتي لله؟ الرب يسوع المسيح يقول لنا كيف . . "إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي" إن الطريقة التي نستطيع من خلالها أن نُظهر محبتنا لله هي بقراءة كلمته وحفظها في دواخلنا. هذه الكلمة كُتبت بوحي من الله بواسطة الروح القدس.
في هذه المتابعة سنتعلم ونعرف الكثير عن هذه الكلمة، ونتذكر الهدف دائماً وهو أننا لا نقرأ كلمة الله لنعرف ما فيها أو عنها بل لنتعرف على الله ونعرفه أكثر.
لمحة عن كلمة الله "الكتاب المقدس." يتكون الكتاب المقدس من عهدين، العهد القديم والعهد الجديد. كُتبَّ هذا الكتاب بواسطة رجال الله القديسون مسوقين من الروح القدس. يحتوي العهد القديم على 39 سفراً (كتاباً). والعهد الجديد يحتوي على 27 سفراً. أحداث العهد القديم كلها تمت قبل مجيء المسيح، وتروي في طيها أحداث مثل بدء الخليقة، الخطية وسقوط الإنسان، أبونا نوح وحادثة الطوفان، دعوة الله لأبينا إبراهيم، ولادة إسحق وإسماعيل ومن ثم يعقوب وأولاده، عبودية الشعب الإسرائيلي في مصر، خروجهم من مصر، تغربهم في الصحراء لمدة 40 سنة، دخولهم أرض كنعان. وأحداث تمت بعد ذلك حتى ما قبل مجيء المسيح بـ 400 سنة.
وتلاحظ أثناء دراستك للعهد القديم بأنه يحتوي على الكثير من النبوات المتعلقة بمجيء المسيح وحياته وموته وقيامته. كذلك نبوات تتعلق بأحداث سوف تتم مُستقبلاً أو قد تمت فعلاً.
أما العهد الجديد فيحتوي على أربعة أناجيل. وهذه الأناجيل الأربعة تروي قصة الرب يسوع منذ ولادته وحتى قيامته من بين الأموات. كذلك يحتوي على أحداث عن تأسيس الكنيسة الأولى، والرسائل المتعلقة بقضايا المؤمنين. وآخر سفر كُتبَّ هو سفر الرؤيا الذي يتحدث عن الأيام الأخيرة ومجيء المسيح ثانيةً. كُتب العهد الجديد خلال فترة زمنية مقدارها 100 سنة.
من هم كتَّاب "الكتاب المقدس"؟ يقول الكتاب المقدس في رسالة بطرس الثانية والإصحاح الأول والأعداد 20، 21 "عالمين هذا أولاً أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص. لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس."
لقد قاد الله رجاله القديسون بواسطة الروح القدس ليكتبوا كل ما هو مكتوب في الكتاب المقدس. لقد إستخدم الله 40 رجلاً عبر فترة 1600 سنة ليكتبوا الكلمة المقدسة، واستخدم أحداثاً كثيرة ودونها لكي يستطيع الإنسان التعرف على الله وعلى كيفية الخلاص من سلطة وأجرة الخطية.
هل أصاب كلمة الله أي تحريف؟ هذا سؤال في غاية الأهمية. ولكونه مهم فسوف نسترسل في الإجابة عليه بالشكل التالي:
أولاً: منذ آلاف السنين أعلن الله وصية لليهود بواسطة موسى هذا نصها: "لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها." ( تثنية 2:4 ) وتتكرر هذه الوصية في نفس السفر حيث يقول الله: "كل الكلام الذي أوصيكم به، إحرصوا لتعملوه. لا تزد عليه ولا تنقص منه." (تثنية 23:12) وفي ختام الأسفار المقدسة، نقرأ هذا التحذير الشديد: "لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب: " إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة ، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب " (رؤيا 18:22-20). فهل بعد هذه النواهي والتحذيرات الصارمة يتجرأ مؤمن بالله وكتبه ورسله على تحريف كلام الله! أما غير المؤمنين فلا سبيل لهم إلى تحريف الأسفار الإلهية إذ يتعذر عليهم جمع الألوف من نسخها االمنتشرة في جميع أنحاء العالم ليعبثوا بها ويزوروها.
ثانياً: إن من يوجه إتهاماً مثل هذا عليه أن يُجيب على أسئلة أثق كل الثقة بأنه لا يستطيع الإجابة عليها، مثل:
من قام بتحريف كلمة الله؟
متى تم هذا التحريف؟
ما هي الأجزاء التي تم تحريفها والعبث بها؟
لماذا قاموا بتحريف كلمة الله؟
. . وغيرها من الأسئلة التي لا يوجد إجابة منطقية عليها. لذا، فإن إفتراض أن تكون كلمة الله الموحى بها قد تم تحريفها والعبث بها، هو إفتراض خاطئ.
ثالثاً: إن من يقول أن كلمة الله قد تحرفَّت فهو يتهم الله بثلاثة إتهامات، كل واحدة منها أخطر من الثانية. فهو بطريقة غير مباشرة يقول لله أنك ضعيف إذا أنك لم تستطع أن تمنع الإنسان الذي خلقته من العبث بكلامك وتحريفه. ويقول له أيضاً، أنك جاهل ولا تعلم بأمور المستقبل، إذ لو عرفت من البداية بخطة الإنسان لتغيير كلمتك لكنت قد إتخذت الإجراءات الوقائية لتمنع هذا.
كذلك يُتهم الله بأنه ظالم وغير عادل، إذ أن الإدعاء بتحريف الإنجيل قد جاء بعد أكثر من 600 سنة من مجيء المسيح. فكيف يسمح الله الرحيم العادل الملايين من البشر أن يعيشوا في كذبة مؤمنين بالإنجيل بأنه كلمة الله، ويموتون دفاعاً عنه، حيث أن مئات الآلاف إستشهد دفاعاً عن الإنجيل. وبعد هذا كله يكون الإنجيل قد تحرف وأن كل ما إجتازوا به كان في سبيل كتاب لا قيمة له إذ أصابه العبث وطالته الأيادي وحرفته. المنطق لا يقبل هذا الكلام أبداً. فالله القوي الجبار لا يمكن أن يسمح للإنسان مخلوقه الضعيف أن يعبث بكلمته الحية.
إن إفتراضاً وإدعاءاً مثل هذا وهو أن تكون الأيدي قد وصلت إلى كلام الله وغيرته تجعلنا نفكر جميعاً أن إحتمال العبث بالكتب السماوية جميعها هو إحتمال كبير. بدون أي إستثناء. فمن إستطاع تغيير الإنجيل الذي هو أصلاً كلام الله، يستطيع تغيير الكتب السماوية المنزلة الأخرى من عنده! وإذا كان هذا صحيحاً، فكيف يستطيع الإنسان أن يؤمن بإله لا يستطيع أن يحافظ على كلمته، ويضع ثقته في إله إستطاع الإنسان أن يُحرف كلامه.
إن زوال السماء والأرض أيسر من أن يتغير كلام الله ويحرفه العابثون. إن الله القدير ساهر على كلمته وهو يُحامي عنها ولا مجال أبداً للعبث بكلامه سبحانه وتعالى.
عزيزي . . عزيزتي إن الإنجيل المُقدس هو كلمة الله، وهو رسالة الله إليك. فلا تجعل أي مجال للشك في نفسك وواظب على قراءتها ودراستها وسترى كيف يتغير حالك.