484 - منذ ان تجول المسيح بجوار البحر وانتقى تلاميذه من كل مكان وهم بالقرب منه ، في القرى والمدن كانوا معه في البحر وفي العاصفة ، في الوادي وفوق الجبل كانوا معه . احبهم المسيح واختارهم ليكونوا معه . كانوا طوال الوقت الذي قضاه على الارض معه . كان يتلذذ بصحبتهم ويسعد برفقتهم . كان يجلس معهم ويمشي معهم . كان ينام ويقوم معهم ، حتى حين ارسلهم ليكرزوا كان قلبهُ معهم وفكرهُ معهم وروحه ُ معهم . وحين انطلق الى السماء وهو يتحدث اليهم في آخر لقاء ٍ قال : " هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ " ( متى 28 : 20 ) . حين صلى لاجلهم قال : " أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا " ( يوحنا 17 : 24 ) . نحن ايضا ً الرب اختارنا لنكون خطته . الله اصطفانا لنكون شعبهُ واهله واولاده . وهو يريد أن نكون معه ، ويريد أن يكون معنا . هو يتلذذ بتواجدنا معه في رفقته . هنا والآن يريدنا معه ، وهناك في الأبدية يريدنا معه . لا يريدنا أن نبتعد عنه أبدا ً . قال المسيح وما يزال يقول : " لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ . أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي . فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ . أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا ، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا " ( يوحنا 14 : 1 – 3 ) . هو يريد ذلك ، يريدنا نحن أن نكون معه حيث يكون سواء هنا مؤقتا ُ أو هناك الى الابد . يتصور الموت انه يقدر أن يفصلنا عنه . يتصور انه يبعدنا عنه . يتصور انه يحرمنا منه . والبعض يصدّق ذلك ، فالموت ليس في قاموس المسيح ، المسيح لا يحل حيث يحل الموت . لكن المسيح بقيامته جعل الموت جسرا ً ومعبرا ً اليه . نحن نطأ الموت ونتخطاه لنصل الى المسيح . نخترق الموت ، نمر في سحابته ، نعبر واديه ، نصل من خلاله الى حيث يكون المسيح . يستطيع الموت ان ينهي علاقتنا باخوتنا ، يستطيع ان ينهي وجودنا مع احبائنا هنا ، لكنه لا يستطيع أبدا ً أن ينهي تواجدنا مع المسيح . نحن مع المسيح هنا على الارض ، نحن معه . ونحن مع المسيح هناك في الفردوس ، في الابدية نجلس في حضرته هناك ، نحن معه . وان كان الموت يخطف منا الاخوة والاصدقاء والاهل والابناء فهو يبعدهم عنا لا عنه ، وينقلهم من ان يكونوا معنا ليكونوا معه . حين يأخذهم منا ، يأخذهم اليه . ونحزن طبعا ً للفراق ، لكن حزننا ليس كالباقين الذين لا رجاء لهم . نحزن برجاء ، ونحزن بمعرفة ٍ وعلم ٍ انهم هناك مع المسيح ، هم معه يعيشون ويعاينون مجده . المسيح يريدهم أن يكونوا معه حيث يكون . ما اروع واحب ان نكون معه حيث يكون .