مدينة جديدة: بهذه الإمبراطورية المسيحية التي استمر حكمها الف سنة ويزيد، كانت تليق عاصمة جديدة اكثر موافقة، من الناحية الجغرافية، من روميه وخالية من آن من ذكريات الوثنية والتعسف. وإذ تلقى قسطنطين، كما ورد، علامة إلهية، اختار مدينة صغيرة-في ذلك الزمان- أسمها بيزنطية، كانت تشغل موقعاً مفصلياً بين الشرق والغرب. وقد أوعز إلى اوفراتا، رئيس مهندسيه، ألا يدّخر جهداً ولا يقتصد مالاً ليجهز المدينة بكل النصب والطرق العامة التي شاءها أن تفوق بعظمتها ومجدها سائر مدن العالم. أثناء وضع حجر الأساس للمدينة الجديدة في 8 تشرين الثاني سنة 324م اُعطيت اسم القسطنطينية، رومية الجديدة وكُرست فيما بعد لوالدة الإله. في وسط القصر الملكي ارتفع صليب هائل مزين بالحجارة الثمينة. وفي الميدان وُضع على قمة عمود من الرخام السمّاقي تمثال لقسطنطين اُدعت فيه بقايا مقدسة. كما اُقيمت، عند اسفل العمود السلال التي قيل أنها استعملت في أعجوبة تكثير الخبز. سار العمل بسرعة كبيرة. وبمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتولي قسطنطين الحكم، أي في 11 آب سنة 330م، احتفل بأبهة زائدة بتدشين العاصمة الجديدة.