رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
الحمّال العاميّ الّذي أقام رجلاً ميتًا روى الشّيخ بائيسيوس الآثوسيّ هذه القصة المدهشة: التقيتُ رجلاً لطيفًا ورقيقًا. تصوّروا أنّه رفض أن يمضي اللّيلة في الدّير، لأنّه لم يشأ أن يُزعج الرّهبان. في تلك الفترة، كنت أنا الرّاهب المضيف في إسقيط دير "الإيفيرون". خرجت إلى الشّرفة للحظة عند الظّهيرة ورأيتُ الرّجل مستلقيًا على الحجارة في الخارج. فتساءلتُ: ماذا يفعل هناك في الخارج؟. ذهبت للقائه، وعندما بلغتُ المكان قلتُ له: "ماذا تفعل هنا أيّها المبارك؟. لماذا لا تدخل إلى الدّير حيث يمكننا أن نقدّم لك الضّيافة؟". فقال لي: "كلا، كلا، أنا بخير هنا، لا تهتمّ لأمري". ألحّيتُ عليه كي يدخل لكنّه رفض قائلاً: "لقد أمضى الآباء اللّيل بطوله في سهرانة، وهم مرهقون الآن، صائمون، وينسحبون عند الظّهيرة ليأخذوا قسطًا من الرّاحة، فهل يحقّ لي أن أزعجهم؟... هذا ليس لائقًا!"... أترون الأفكار الجيدة الّتي كان يدّخرها هذا الإنسان؟. إنّها تشير إلى سلامة في النّفس والرّوح، في حين يأتينا زوّار آخرون، طالبين أن نُضيفهم، ورغم ذلك، يظنّون بنا الظّنون حتّى إنّهم يرشقوننا بشتّى الاتّهامات. في نهاية المطاف، أقنعته وأدخلته الدّير حيث تعرَّفنا إلى بعضنا البعض بشكل وثيق وأصبحنا صديقَين. والآن انظروا ماذا فعل هذا الرّجل. كان يتيمًا منذ صغره. لم يعرف والدَيه. نشأ في ميتمٍ. وعندما شبَّ، عمل حمّالاً في مرفأ "تيسالونيكي". تزوّج، وكان مسرورًا بذلك، إذ وجد العائلة الّتي كان يتوق إليها. كان يعتبر أهل زوجته من خاصّته. وقد استقرّ وزوجته في منزلٍ بالقرب منهم وكان يحبّهم حبًّا جزيلاً. تصوّروا إنّه كان يزور أهل زوجته بعد أن ينهي عمله في المرفأ، قبل أن يذهب إلى منزله، كي يرى إلى حاجاتهم. بالإضافة إلى ذلك، كان رجلاً تقيًّا للغاية، يردّد صلاة يسوع على الدّوام "يا ربّي يسوع المسيح، ارحمني". وكان يحمل الأثقال مُصليًّا على الدّوام. غير أنّ أهل زوجته كانوا غير مؤمنين. هذا أقلقه كثيرًا. والأمر الّذي كان يحزنه أنّهم كانوا يجدّفون على الله. لذلك صلّى إلى الله بحرارة كي لا يأخذهم من هذه الحياة قبل أن يتوبوا، وقد طلب مني أنا أيضًا أن أُصلي من أجلهم. وبعد زمنٍ، مرض أب زوجته ونُقل إلى المستشفى. بقي هناك بضعة أيّام. ثمّ، ذات يوم، بعد أن أنهى الحمّال عمله، وكما كانت عادته، ذهب إلى المستشفى مباشرةً، دون أن يمرّ بالمنزل. فتّش على عمّه، لكنّه لم يجده في الغرفة... فتّش في كلّ مكان، وسأل عنه، فقالوا له: "من؟ آه... لقد رقد. إنّه في المشرحة أسفل، حين يوضع كلّ المرضى الّذين رقدوا". نزل به كلامهم نزول الصّاعقة فصرخ: "لماذا يا ربّي أخذته؟... لم يكن مستعدًّا ولم يحظَ بمناسبة كي يتوب... لماذا؟... لماذا يا ربّي؟". وأخذ يُصلّي بحرارةٍ وبألمٍ مفتكرًا بنفسه: "وهل يصعب عليك يا الله أن تسترجعه؟... كلا!". فأخذ يبتهل إلى الله على هذه النّيّة!. وجد طريقه إلى المشرحة، ونظر حوله فرأى عمَّه متجمّدًا ميتًا. فأمسك بيده بحزمٍ مصرًّا: "هيا قُم وتعال إلى المنزل". فقام الرّجل الميت لتوّه، وذهب معه إلى البيت!. سألتُ الشّيخ بائيسيوس: "هل حصل هذا حقيقةً؟". فأجابني: "نعم، إنّها الحقيقة". فقلتُ له: "هل ما زال هذا الرّجل على قيد الحياة؟". فأجابني: "كلا، لقد رقد. عاش بضع سنوات، تاب، وصار إنسانًا رقيقًا، حملاً وديعًا، عندها أخذه المسيح إلى سمائه". ذهلتُ للخبر وأردفتُ متعجِّبًا: "وهل تحصل مثل هذه الحوادث في أيّامنا هذه؟". قال لي الشّيخ: "أرأيت إنّه لم يكن سوى عاميّ عاديّ!... لكنّه كان بسيطًا!... وكان إيمانه راسخًا. ألم يقل الرّبّ يسوع المسيح: "من يؤمن بي فالأعمال الّتي أنا أعملها يعملها هو أيضًا، ويعمل أعظم منها" (يو 14: 12)؟. فلماذا تبدو لك هذه الحادثة غريبة؟. ألم يَقم الرّبّ يسوع المسيح من بين الأموات؟. ولعازر أيضًا؟. وابن الأرملة؟. وابنة ياييروس؟. ألم يُقم الرّسل الأموات؟. ألم نقرأ مثل هذه المعجزات في سير القدّيسين؟. فلماذا يبدو لك الأمر غريبًا؟"... |
|