رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صومنا صوم الغلبة والفرح في المسيح
كلمة بمناسبة بدء الصوم الكبير 2017 صومنا صوم الغلبة والفرح في المسيح يسوع ربنا الإنسان في شقاء فقره الروحي واللاهوتي وانعدام الفضيلة وعجزه الطفولي، لا يقدر على أن يصعد سُلم المجد الإلهي، كي يصل للعلو حيث بهاء الحضرة الإلهية، فكما أن للطيور والأسماك أو الحيوانات طبيعتها الخاصة التي تؤهلها لتتكيف مع البيئة التي تعيش فيها، لأن الأسماك لا تقدر أن تحيا على الأرض، وليس في استطاعة الحيوانات أن تسكن الأشجار الشاهقة وتبيت فيها، هكذا لن يقدر أحد ان يحيا في السماوات إن لم يكن حاصل على الطبيعة الملائمة والمتوافقة التي تكيف كل قواه مع بيئة المكان الذي يعيش فيه. وبكون الإنسان في طبيعته الساقطة عاجزٍ تمامًا على أن يصل لملكوت الله أو ينتصر على الموت ويغلب الفساد وينتقل بنفسه من الظلمة للنور، مهما بذل وأعطى وصنع من أعمال صالحة للغاية – رغم أهميتها وضرورتها – فأن ملك المجد بنفسه وذاته، تنازل من علوه، وارتضى بإرادته وتدبيره الفائق أن يهبط لمستوى إنسانيتنا المُعدمة من البرّ والتقوى، العاجزة أن تتلمس بداية الطريق الإلهي الصحيح، إذ أخلى نفسه آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس. وإذ وُجِدَ في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب (فيلبي 2: 7 – 8)، لأنه ونحن تحت ضعفنا مات في الوقت المُعين – كالتدبير – لأجل الفجار (رومية 5: 6)، بهدف أن يرفعنا لمستواه الإلهي الفائق، لأنه مكتوب: "وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يوحنا 3: 13) ولذلك فأنه ارتدى إنسانيتنا واتحد بها اتحاد حقيقي غير قابل للافتراق ليُلبسنا طبيعته الخاصة، هذه التي كست عُرينا ولاشت خزينا، فصرنا مُمجدين فيه على نحوٍ خاص، لا بحسب أعمال في برّ عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس (تيطس 3: 5)، وقدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة. اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي نصير بها شركاء الطبيعة الالهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة (2بطرس 1: 3 – 4)، وبذلك صار برّ الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون (رومية 3: 22)، فكل من آمن به لا يخزى (رومية 10: 11)، لذلك نظل شاكرين الآب الذي أهلّنا لشركة ميراث القديسين في النور (كولوسي 1: 12)، فالآب بواسطة الابن الحبيب جذبنا بروحه لكي يحضرنا أبناء إلى مجده، لا دينونة علينا ولا عيب فينا، لأننا صرنا في ابنه الحبيب، لأننا معه نُصلب لنموت عن إنسانيتنا الساقطة ونحيا بقيامته صائرين غرسه الخاص للتمجيد. فرب المجد والحياة نزل أقل من الملائكة من جهة أنه لبس جسدنا القابل للموت، لكنه ارتفع بجسم بشريتنا لأعلى من الملائكة ليجلسنا معه في السماوات عن يمين القوة والعظمة بخلاص أبدى مضمون مختوم بدم حمل بلا عيب ولا دنس، دم ابن الله الحي الذي دخل به مرة واحدة للأقداس فوجد لنا فداءً أبدياً لا يحتاج أن يقدم أحد شيء آخر ليثبته أو يناله، بل يتوب ويؤمن فقط فيناله ويصير قوة في حياته الخاصة فيتغير كل يوم عن شكله بتجديد ذهنه ويتطبع بالطبع الإلهي ليرتفع كل يوم – في نمو – مع المسيح الرب إلى العلو الذي قصد أن يرفعنا إليه حسب التدبير الأزلي الذي للثالوث القدوس، ومن هنا يأتي صيامنا في هذه الأيام الحلوة التي نحيا فيها قوة عمل مسيح الخلاص ونحيا في ذكر دائم، لأن الرب لازال وسيظل يعمل فينا ويغيرنا على صورة مجده الخاص، لأن خلاصه خلاص أبدي، ومفعوله مفعول ذو سلطان لا يتوقف قط، لذلك علينا أن نتبع خطواته ونعيش في تذكار دائم لأعماله التي عملها لأنه لم يعمل شيئاً لنفسه بل عمل كل شيء بإنسانيتنا التي ارتداها، وبكونه صام لذلك نحن نصوم في شركة معه، وصومه لم يكن صوم في حد ذاته بل كان مقروناً بالصلاة بل ومعجوناً بها، وكان يصوم بتدبير حسن حسب التدبير لأجل شفاء طبعنا ورفعتنا إلى فوق، فأن كان آدم سقط بسبب إغراء طعام لم يقدمه لهُ الله، فالمسيح الرب تمم الوصية لأنه لم يأكل حينما عُرِض عليه أن يحول الحجارة إلى خبز مع أنه في استطاعته الكاملة أن يفعلها، لكنه لا يقبل مشورة أو يتمم مشيئة غريبة عن طبيعة نقاوته التي لا تُتمم إلا مشيئة الآب. فهكذا علينا أن نصوم نحن أيضاً، لا صوم الأُمم الغرباء عن الله الذين لا يعرفون مشيئته في المسيح الرب، بل صوم التقوى بتدبير حسب مسرة مشيئة الله، لأن ليس كل صوم هو صوم يسر الله أو يتوافق مع البرّ وحسب الإنسان الجديد، لأن الصوم هو صوم الإنسان الحي بالإيمان واللابس المسيح الرب، فنحن قبل أن نبدأ الصوم الكبير الذي للسيد، قد بدأنا بالتمهيد اللائق وهو صوم يونان ونينوى، يونان الذي ابتلع في بطن الحوت الذي يُشير للموت الذي ليس فيه كل ما يخص الجسد بل موته، وحينما خرج وقام من هذا الموت نادى بالتوبة التي تُظهر أن التوبة موت وقيامة لأجل حياة روحية جديدة، طعامها سماوي وهو الغذاء الحي بكلمة الحياة المقرونة بالصلاة، ومن هذا المنطلق بدأنا الصوم الكبير العظيم، صوم الخليقة الجديدة التي ينعكس على الجسد نفسه ليكون إناء مخصص لله الحي.لذلك يا إخوتي الصوم هو دواء صالح للجسد ونافع للغاية، لأنه لتهذيب وتقويم الجسد لقمعه لإخضاعه للروح ليكون إناء مقدس نافع للصلاة التي ترفع الإنسان كلياً للعلو الحلو الذي للنور. لكن علينا أن نحذر لأن الطبيعة نفسها تُعلمنا أن كل دواء وله طريقة في الاستعمال وحسب الحاجة، فالتناول منه بإفراط وبدون تدبير حسن فأنه يُصيب الإنسان بأضرار جمة قد تصل به للموت، فعوض من أن يُشفى ويستفيد منه فأنه يصير سماً قاتلاً لهُ، لذلك علينا: _____ أولاً: أن لا نظن أو نفتكر أن الصوم فضيلة، أو أن مجرد الامتناع عن الطعام يكون صالحًا في ذاته، لأن بهذا كأننا نقول أن في الطعام أمرًا شريرًا بطبعه، لكن الكتاب المقدس لم يُعلن ذلك قط، بل رفض هذه النظرة المشوهة لعمل الله، لأن الطعام الله خلقه وينبغي أن نشكره ونمجده عليه، لأننا نُصلي ونبارك الله وبذلك يتقدس طعامنا وشرابنا، فأن صُمنا بهذا الفكر المُضاد للتقوى ظانين أن من يتناول الطعام يسقط في الخطية، فإننا ليس فقط لا ننال نفعًا عن امتناعنا عن الطعام والشراب، إنما نسقط في بدعة وضلال المرتدين عن الإيمان الذي تحدث عنهم معلمنا القديس بولس الرسول الذي قال: "آمرين أن يُمتنَع عن أطعمةٍ قد خلقها الله لتُتناول بالشكر من المؤمنين وعارفي الحق، لأن كل خليقة الله جيدة ولا يُرفَض شيء إذا أُخِذ مع الشكر" (1تيموثاوس 4: 3) لأنه "ليس شيء نجسًا بذاتهِ إلاَّ مَنْ يحسب شيئًا نجسًا فلهُ هو نجس" (رومية 14:14)، ولذلك لم نقرأ قط – في الكتاب المقدس – عن أحد أنه سيُلام من أجل تناوله الطعام، إنما يُدان من أجل ارتباطه به أو الاستعباد له دون شكر وتمجيد لله الحي، وإذا ألزمنا عجز الجسد أو ضعفه أن نأكل لكي نسترجع قوتنا، أفلا يُعتبر الامتناع عن الطعام والشراب – في هذا الحال – كقتل للجسد أكثر منه حرصًا على خلاص النفس، لأن الإنسان تهاون – باستهتار – في حق الجسد الذي ليس لهُ، لأنه منذ أن آمن بمسيح القيامة والحياة صار عليه أن يمجد الله في جسده وروحه: لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في اجسادكم و في ارواحكم التي هي لله (1كورنثوس 6: 20) _____ ثانياً: لنصم بتدبير حسن فلا تُفرِط (أو تبالغ) في صومك، لأنك لو أطلتَ من صومك وانت لا تعرف إمكانيات جسدك واحتياجاته الحقيقية، فستضعف أيامًا كثيرة. فالجسد مثل المركب في البحر، إذا شُحِنت بإفراطٍ تغرق، وإذا كانت حمولتها خفيفة عما يجب تسلّطت عليها الرياح وتلاطمها الأمواج وتصير في خطر عظيم من الارتطام بصخرة أو حتى بالشاطئ فتتحطم تماماً، أما إذا كان قبطانها يعرف إمكانيات مركبته وجعل كل شيء فيها معتدلاً متوازناً فأن البحر لا يلتهمها ولا الرياح تستولي عليها فتُحطمها. فعليك أن تُدبّر باعتدالٍ فيما يخص النفس والجسد: فلا تثقِّل عليهما حتى لا يضعفا ويصيرا غير قادرين على مراعاة قوانينهما الطبيعية حسب خلقهما، لأننا لا نقاوم طبيعة الخلق نفسها لأنها مقدسه ولها قوانينها التي تحكمها ولا تخرج عنها، لكننا نفعل كل شيء باعتدال للتقويم وضبط النفس والجسد معاً. _____ أخيراً يا إخوتي |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بركات دم الرب يسوع المسيح | الغلبة على الشيطان |
الغلبة الأكيدة، والنصرة أكيدة، هي في المسيح |
الغلبة المطلقة في المسيح |
صوموا مع المسيح |
صومنا فى المسيح |