كلنا بشكل أو بآخر لما كنا صغار صفعَنا أحدهم على خدنا... وكلنا نعرف ونذكر بشكل واضح حجم الإهانه التي شعرنا فيها لحظة الصفعة، كيف هي، وكيف أحياناً تبقى طبعة يد من صفعنا على وجهنا، وكأنها تحب خدنا للدرجة التي لاتريد أن تفارقه بسهولة، والطبعة الأخرى الغير مرئية هي التي بقيت في مكان ما في القلب.
ألم الصفعة أحيانا يكون شديد، أذكر أحياناً أن الصفعة كانت تضرب كل جزء من وجهي بالرغم من أنها في مكان واحد من وجهي وهو (خدي)، ولكن طبعاً بسبب قوانين الفيزياء فتنتقل طاقة وحركة ارتطام اليد بالخد الى كل اجزاء الوجه، وأحياناً يكون الألم خفيف، فهي صفعة عادية حدثت بسبب أن من كان يقف أمامنا لم يتمكن من أن يتمالك أعصابه وهو في نفس الوقت لايريد الايذاء لنا فحدثت غصباً عنه.
لكنّ الشعور بالإهانة والتحقير هما الإثنان الوحيدان اللذان لايخضعان لقوانين الفيزياء، وهما ثابتان دائماً ولا يتغيران بعد ذهاب المُسبب والألم الملموس، لأنهما يدخلان في النفس.. يستقران ويبقيان فيها الى مدى العمر، وهذا مايجعلنا نتذكر إلى الآن ماذا يعني أن يحصل الشخص على صفعة من يد أحدهم.
وطبعاً لما مشي الزمن وكبرنا -لا أعرف أن اسميّه من المضحك أو من المؤسف- إنّ الصفعات استمرت ولو كانت غير ملموسة، فطبعاً نحن ككبار لايمكن أن يأتي أي من احدهم ويمد يده علينا ويصفعنا إلا بحالات نادره أثناء الشجار بين أفراد احدى العوائل، ولكن في المناسبات الإجتماعية، في العمل، في الحياة، مع الناس، مع الغرباء، طبعاً لانتوقع ذلك أبداً، وبالرغم من ذلك فالصفعات مستمرة، وفي داخلي أشعر بأن الصفعات الغير مرئية التي أحصل عليها من الحياة هي أقسى بكثير من التي كانت تأتيني من أخي، حيث انها تكون بيننا فقط وعادي.. شيء يحدث كل يوم وعلى خدي ووجهي فقط، أما صفعة الحياة فتكون شاملة لكل جزء من أجزاء حياتي وفي كل الجوانب وأمام الكل، أحيانا ممكن كلمة واحده تعتبر بمثابة صفعة شديدة، موقف واحد، جملة واحدة، إهانة واحدة.
قاسية هي الحياة جداً، لما كنّا صغار صُفِعنا من أقرب الناس إلينا، ولما كبرنا استمرت الحياة بصفعنا، هل من قوانين الدنيا أن يتعرض الانسان لذلك طول حياته؟ هل أنا فقط التي تشعر بذلك؟ أم يوجد أحد غيري يرى ما أراه.
هل يستطيع أحد أن يرى هذه اليد غير المرئية التي تصفعنا بكل هدوء جارح وترحل بدون أن تترك أي اثر على الوجه بل فقط على القلب؟
26 - 02 - 2017, 10:09 AM
العرض الشجري