رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديسة بروكلا زوجة بيلاطس البنطي 27 تشرين الأول شرقي (9 تشرين الثاني غربي) " اياك وذلك البار لأني تألمت اليوم كثيرا في حلم من أجله " مت 27 : 19. أليس للمرأة أن تفتخر على الرجل كل ما قرأت قصة الانجيل؟ أليس لها وهي توازن بينها وبين الرجل في علاقتهما بالمسيح أن تشيد ترنما لأنها عاملته معاملة أحسن وأنبل وأجلّ؟ لقى المسيح من الرجال فصولا متعددة ليس فيها ما يشرّف الرجولة في شيء. وجد منهم من تبعه قليلا ثم ارتد عنه. من أكل خبزه ثم رفع عليه عقبه. يو13: 18 – من ضفر له اكليل الشوك. يو19 : 1 – 3 وألبسه رداء السخرية. مت 26 : 67 ، وتفل عليه مت 27 : 27 – 30 . أجل رأى المسيح من الرجال، الهازيء والساخر ومنكر الجميل، وحتى تلاميذه الاوفياء ابتعدو عنه وولّوا يوم الصلب. وأشجعهم أقسم أنه ما عرفه أو اتصل به. مت 26: 69 – 74 . أما المرأة فما أجلّها وأنبلها وأرقّها وألطفها في معاملتها له. لقد كفّرت المرأة يوم الصلب عن ما فعلته يوم السقوط، اذ انفردت بالولاء له دون الرجل. ومن ثم كان الرسول الاول للتاريخ والاجيال ببشارة القيامة، امرأة لا رجلا. " فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وانه قال لها هذا " يو 20 : 18 وهل تجد امرأة واحدة في كل الانجيل، احتقرته أو أساءت اليه؟ كلا. لقد وجد منهن كل ولاء وتوقير وتعبّد. وجدهن دائما أقرب اليه والى قلبه وفكره ومشاعره. في بيت سمعان الفريسي وجد من الرجل خشونته ومن المرأة تعبدها. لو 7 : 36 – 39 ، وفي بيت سمعان الابرص أبصر من التلاميذ غيظهم ومن مريم طيبها. مر 14 : 3 – 5 . واورشليم تلك المدينة الخالدة في مأساتها الآثمة الشريرة، ألم نسمع رجالها يقولون : اصلبه، بينما سارت بناتها وراءه حزينات باكيات يلطمن وينحن عليه. لو 23: 27 – 28 . القديسان بروكلا امرأة بيلاطس ونسطر الشهيد هذا الفرق البعيد سنبصره اليوم واضحا خالدا أبديا مخيفا بين بيلاطس وزوجته. في كل الأجيال تدوّي هذه الكلمة المرعبة : "بيلاطس البنطي الذي حكم على يسوع " لو 23 : 23 – 24 . ويقف هذا الرجل الروماني على رأس أكبر جريمة عرفها التاريخ مصفد -- أي مكبّل اليدين--. اليدين التي حاول في ضعف ورياء أن يغسلهما من أزكى دم جرى على هذه الارض. مت 27 : 24 . بينما تقف على الجانب الآخر – زوجته النبيلة الرائعة تجاهد ما استطاعت لتخرجه وتبعده عن هذه التبعة الثقيلة القاسية. من هي : ان ما نعرفه عنها لا يتعدّى بضعة سطوركتبها التقليد أن اسمها كلوديا بروكولا وانها اصبحت مسيحية. فاذا صحّ هذا القول. نتذكّر حكمة مولانا الصادقة: " يكون اثنان على فراش واحد يؤخذ الواحد ويُترك الآخر. لو 17 : 34 . انها رومانية الجنس وأغلب الظن أنها زوجة -- لوال ممتاز-- ، كانت امرأة تنتمي الى الطبقة الارستقراطية، وكما يظهر انها كانت ذات طبيعة رقيقة، وحلمها ينبيء عن احساسها. والاحلام كما يقول علماء النفس إن هي الا انعكاس للطبائع والعقليات والغرائز. وبما أن هذا الحلم كان وحيا إلهيا خالصا، فاننا نعلم أن الله يوحي الى النفوس دائما على أساس طبيعتها واستعدادها. فيوسف في بدء شبابه البريء جائته رسالة من الله في صورة حزم تقوم وتسجد لحزمته الواقفة المنتصبة، تك 37 : 7 والشمس والقمروالنجوم تنحني أمامه، تك 37 : 9 ورئيسا الخبازين والسقاة عرفا كلّ مصيره مما يتصل بطبيعة عمله. تك 4 : 1 و5 – 13 . ونبوخذنصر الملك العظيم وأحلامه دا 2 : 31 – 34 ، ودا 4 : 10 . وبطرس الجائع أبصر أمامه ملاءة أع 10 : 11 – 13 . وبولس المحب للتبشير رأى رجلا مكدونيا يستغيث: اع 16 : 9 . وأغلب الظن أن المرأة التي تتألم كثيرا في حلم من أجل بار انها انسانة رقيقة القلب. وانها كامرأة رومانية فان حب العدالة يجعلها تقف لمناصرة الحق مهما تكن الظروف. ومن أجل هذا وقفت هذه المرأة الى جانب المسيح في وقت قلّ فيه الوقوف الى جانبه . ما هي مواقفها العظيمة ؟ لهذه المرأة ثلاثة مواقف عظيمة فهي : الزو جة المحذّرة لزوجها، الزوجة الواقفة الى جانب المسيح، الزوجة التابعة للمسيح. الزوجة المحذرة لزوجها : لعل أقوى الاصوات التي رنّت في قلب بيلاطس كان صوت زوجته. لأن مجيء هذا الانذار منها يؤثر كثيرا على نفسه، انه ذلك الصوت الرقيق الذي يرسله الله الى جانبنا في الوقت الذي فيه يقف الشيطان الى الجانب الآخر. نحن لا نعلم ماذا حلمت. فالذي يعنينا فقط من حلمها هو الاثر الذي تركه فيها. والرسالة التي ارسلتها الى زوجها مشفقة عليه. -- اي على زوجها -- ففعلت كل ما تفعلة كل زوجة عظيمة تدرك مسؤليتها في الحياة. اذ ارسلت اليه تحذره من مسؤلية صلب المسيح، حقا ان الزوجة كما وصفها احدهم هي الضمير الثاني للانسان. وكم فعل هذا الضميرفي تاريخ البشرية؟ اذ رفع صاحبه الى المجد او هوى به الى الحضيض. واذا استعرضنا سيرالوحي راينا امثلة عديدة لذلك، أليست سارة ورفقة وراحيل وراعوث واليصابات وحنة وبرسكلا، ألسن هؤلاء ومن على أمثالهن أمثلة طيبة لما تفعله الزوجة المحبة. بينما في الوقت نفسه تقف زوجة شمشون ونساء سليمان وهيروديا ومن على شاكلتهن امثلة سيئة لما يمكن ان تفعله المراة الشريرة في زوجها. ان اول واجبات الزوجة أن تقف في طريق زوجها لتمنعه من الاندفاع في طريق الشر. الزوجة الواقفة الى جوار المسيح : اياك وذلك البار، ألا ما أجمل هذه العبارة تلفظها هذه السيدة، لانها كانت أسبق الكل في الوقوف الى جانب مولانا...، واجرأ الشهود واشجعهم هو الشاهد الذي يقف في الطليعة في طريق العاصفة، فيشجع الجبناء ... ، كما انها المرأة التي غلّبت صوت ضميرها على أمر القانون الروماني الذي يحرّم تحريما باتا أي ايشارة أو ايعاز يأتي الى القاضي حين يجلس في منصّة القضاء. فانه يفرض أشد العقوبات على من يحاول ذلك. ومع ذلك وقفت الى جانب السيد وفي سبيل خدمته. انني أخشى توبيخ زوجة بيلاطس لنا. اذ كم مرة حاولنا اسكات الضمير، بقولنا : بأن كلماتنا لن تجد أذنا صاغية وستذهب مع الهوا، وكم مرة ... وكم مرة. لنذكر امرأة بيلاطس نجد أسبابا كثيرة لشجاعة الشهادة الزوجة التابعة للمسيح : في رواية التقليد قصة شيقة عن هذه المرأة، وهذه القصة مدعومة عند كثيرين من الآباء الاولين، تقول القصة : ان هذه المرأة جاءت مع زوجها الى بلاد اليهوديّة. فأحبت ديانة اليهود واحسّت بجمالها وسموّها على الديانات الوثنيّة فآمنت بها وتهوّدت. كما انها تابعت باعجاب حياة المسيح وتعاليمه وأعماله. ولقد ارتاعت جدا أن يتردّى زوجها في الجريمة بتسليم المسيح للصلب. وقد قيل انها آمنت بالقيامة وتابعت تعليم الرسل والتلاميذ مدة الستة أعوام التي قضتها في اليهوديّة مع زوجها بعد صلب مخلصنا. أما هذا الزوج فقد كانت حياته الاخيرة سلسلة من التعب والشقاء، فقد خلعه الامبراطور من منصبه لجرائمه المتكررة، ونفاه الى بلاد الغال حيث انتحر هناك، اذ قذف بنفسه الى اسفل من فوق قمة جبل تحت تأثير البؤس واليأس والندم ولذعة الضمير. أما زوجته فقد انضمت في روما الى كنيسة المسيح وأصبحت واحدة من اهل بيت الله. انها ما كانت تحب أبدا أن تصعد الى السماء بمفردها. كانت تحب ان يكون زوجها معها ... فانها فشلت مع زوجها. لكنها نجحت مع نفسها، ونجحت مع المسيح، ونجحت معنا نحن الذين ما نزال الى اليوم نقرأ قصتها بكل تقدير. ورد ذكر لها في إنجيل متى (19:27). رقدت بسلام طروبارية القديسة بروكلا زوجة بيلاطس البنطي باللحن الثامن بِكِ حُفِظَتِ الصُّورَةُ بِدِقَّةٍ أَيَّتُها الأُمُّ بروكلا لأَنَّكِ حَمِلْتِ الصَّليبَ وتَبِعْتِ المَسيح، وعَمِلْتِ وعَلَّمْتِ أَنْ يُتَغاضَى عَنِ الجَسَدِ لأَنَّهُ يَزُول، ويُهْتَمَّ بِأُمُورِ النَّفْسِ غَيْرِ المائِتَة. لِذَلِكَ أَيَّتُها البارَّة تَبْتَهِجُ رُوحُكِ مَعَ المَلائِكَة. |
|