منذ زمن بعيد، في إحدى البلاد البعيدة، كانت توجد كاتدرائية لھا منارة عالية بھا أجراس كبيرة وجميلة. و كان الناس يقولون نقلاً عن أجدادھم أن ھذه الأجراس تدق من تلقاء نفسھا ليلة عيد الميلاد عندما يقدم احد أفراد الشعب أفضل ھدية لطفل المذود… و لذا كانت الناس تتوافد من كافة الأقطار في عيد الميلاد و معھم ھدايا غالية الثمن ليقدموھا، لعلھم يسمعون تلك الأجراس تدق، و لكنھا لعشرات السنين لم تُسمع. سمع بھذه الكنيسة أخوان يقطنان قرية بعيدة عن ھذه الكاتدرائية الجميلة، فقررا أن يذھبا ليحتفلا بقداس عيد الميلاد فيھا.
و ھكذا بدءا رحلتھما حوالي الساعة الثالثة بعد الظھر ليصلا الكنيسة في موعد القداس…و بعد فترة، و فيما ھما سائران، رأيا سيدة مسنة ملقاة على قارعة الطريق وسط الزرع… و من شدة البرد يبست أطرافھا. فأخذا يُسعفانھا حتى فتحت عينيھا و نظرت إليھما. و ھنا قال الأخ الأكبر لأخيه: “أذھب أنت يا أخي لحضور القداس و أما أنا فسأرعى ھذه السيدة حتى تتعافى ثم أنقلھا إلى بيتھا” ھز الأخ الأصغر رأسه بشدة و الدموع تسقط من عينيه “لا، لن أذھب بدونك. لقد تمنينا أن نصلى في ھذه الكاتدرائية سويا و أنا لن أتركك و أذھب وحدي”…
فأصر الأخ الأكبر قائلاً: “بل يجب عليك أن تذھب تصلى لأجلى. وعندما تعود ستروى لي كل ما شاھدت، و سأكون كأني ذھبت معك. و الآن خذ ھذه الخمسة قروش، فھي كل ما معي وضعھا في صندوق الكنيسة كھدية منى لطفل المذود”. و ھكذا ذھب الأخ الأصغر لحضور القداس تاركا أخاه خلفه… و وصل إلى الكنيسة و وجدھا ممتلئة بأغنياء البلد، إذ كان الأمير يصلى فيھا تلك السنة. أما ھو فوقف في خشوع أثناء القداس رافعا قلبه مسبحا الله الذي من تحننه أتى و صار إنسانا من أجل خلاص العالم.
و في نھاية القداس و كما جرت العادة، بدأ الجميع بتقديم ھداياھم لطفل المذود، في طريقھم للخروج من الكنيسة. أتى الأمير و ألقى في الصندوق جواھر ثمينة و ھو ينظر حوله. ثم أتى بعده الأغنياء يلقون بأموالھم من ذھب و فضة… و أخيرا جاء دور الأخ الأصغر فأخرج الخمسة قروش و ألقاھا…و ھنا دقت الأجراس بنغمات سمائية جميلة لم تسمع من قبل..!!
تسمر الناس في طريقھم للخروج و أمر الأمير أحد الحراس أن يجرى و يستطلع الأمر ليرى من الذي قدم ھدية أثمن منه جعلت الأجراس تدق… و أما الحارس فعندما وصل الكنيسة رأى طفلاً فقيراً مبتسماً يغادرھا و لم يفھم شيئاً.