مضى أحد الرهبان الشباب إلى الأب ثيوذور الفرمي كي يعترف له بحزنه ومشكلاته ولما قابله وجلس أمامه قال له:
عندما كنت في العالم, كنت أكثرُ من الصوم والصلوات والأسهار, وكانت صلاتي مفعمة بالدموع والندامة وكان في قلبي اشتعال عظيم لكل عمل يرضي الله. أما في البرية فقد أضعت كل ما كنت أمتلكه, وأخشى أن أفقد خلاص نفسي.
فقال له الشيخ الحكيم: ما كنت تقوم به وأنت في العالم يا ولدي, كان مجرد عمل من أعمال المجد الباطل وكنت تتوخى من ورائه المديح البشري, لذا, فالله لم يكن يقبل أعمالك, وأما في العالم فلم يكن إبليس يحاربك, ولم يكن يعارض مشيئتك وذلك لأنك لم تكن تجني من كل أعمالك نفعاً وفائدة, أما الآن وقد أصبحت جندياً للمسيح, فقد تسلح إبليس للحرب ضدك واعلم أن الله يرضيه جداً أن تتلو مزموراً واحداً بتواضع، هنا في الصحراء، أكثر مما ترضيه الأمور الكثيرة التي كنت ترددها هناك مع المجد الباطل. كذلك فإنه يقبل برضى صوم يوم واحد تقوم به هنا، في الخفاء، على صوم لأسابيع كنت تقوم به هناك. فتشدد الراهب لدى سماعه هذه الكلمات وعاد إلى قلايته ليجدد جهاده.