|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول،المعنى العبري لكلمة مخافة الرب الجزء الثاني عشر
إيماننا الحي - إعادة فحص مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس + الثقة - בָטָח - Πιστεύω +
تابع 2 – الثقة والإيمان بالله: [bâṭach – בּטַח]
عموماً أتت كلمة المخافة (في الآيات السابقة التي تم ذكرها في آخر الجزء 11 من الموضوع) في العهد القديم في مواقف وآيات متنوعة بمعانٍ متداخلة، ويُعبَّر عنها في اللغة العبرية بكلمة יִרְאַ֣ת (yir-at) أو بحسب الكلمة الأصلية יִרְאָה (yir-aw') من الجذر العبري ירא الذي يُعبِّر عن الخوف: [خوف الرعبة والفزع أو خوف العبادة والوقار] وعموماً هذه الكلمة (ירא) تظهر في الأغلب بمعنى: [أن يخاف، يحترم، يعبد]، ونلاحظ أن المعنى السببي للفعل بمعنى [يجعله يخاف، يسبب له الخوف]، وأحياناً تأتي كصفة بمعنى [مخيف، مفزع، جليل]، مع ملاحظة انها تأتي أحياناً في فقرات محددة لتُظهر موضوع الخوف من جهة ظروف الحياة اليومية العادية سواء من الطبيعة وأحياناً من الأعداء، ومع ذلك في أكثر من 80% من الفقرات يكون موضوع الخوف مرتبط بشخص الله نفسه على وجه خاص بمعانٍ مختلفة أغلبها بمعنى إيجابي، مع أن هناك فقرات لا تكون صريحة وتظهر بشكل غامض ويصعب تفسيرها جداً وفهمها بشكل مباشر واضح إذ لا يظهر أمامنا المعنى بسهولة وعلى وجه الدقة، وذلك أن أخذناها مستقلة عن الحدث أو سياق الآيات التي أتت فيها، لذلك فأن القرينة في النص نفسه – بالنسبة للموضوع أو الحدث – هي وحدها فقط القادرة على تحديد المعنى بدقة وتوضيحه لمعرفة القصد المُحدد من الكلمة، أن كانت تدل (من الناحية السلبية) على الفزع أو الرعب، أو الخوف والقلق، أو (من الناحية الإيجابية) على التقوى والوقار والورع، أو صدق الإيمان، أو العابدة والمهابة والسجود، أو تعكس طبيعة الشخصية الإلهية ووقعها المهيب على الناس والخليقة والملائكة.ونلاحظ في هذه المعاني للكلمة أننا أمام اتجاهين متناقضين، الاتجاه الأول يتسم بالتوتر الكامل إذ يتوجه نحو: "القلق والاضراب النفسي القاسي والحزن العميق في عدم السلام الناتج من الفزع والرعبة الشديدة تجاه الموت وشبح الدينونة المُخيفة"، والاتجاه الثاني عكسه وعلى نقيضه إذ يوضح الثقة ويُظهرها لأنه يتوجه نحو الإيمان من جهة: "التقوى والورع والعبادة الحسنة"، والذي بدوره يعطي الطمأنينة الكاملة والأمان والراحة الداخلية والهدوء التام الذي يسببه السلام العميق وراحة الضمير المُبرر في المسيح. ونلاحظ أن اللفظة تخدعنا أحياناً لأنها في حالات خاصة تحمل معنيين متناقضين مع بعضهما البعض في نفس الوقت (الذُعر والرعبة الشديدة والفزع مع الوقار والتقدير والعبادة) مما يجعل المترجم والشارح والمفسر يقع في حيرة لتحديد معنى الكلمة لوضعها في ترجمة مباشرة واضحة صريحة، لأنها مهما ما تمت ترجمتها ستظل غامضة غير مفهومه، لأننا لو عدنا لأحداث سفر يونان النبي سنجد في افتتاحية السفر عند هروب يونان من يهوه، أنه أبحر في سفينة إلى ترشيش ووقع في داخل عاصفة مُريعة، وسنلاحظ تكرار الخوف بصور متعددة متلاحقة وراء بعضها البعض بشكل وبمعاني مُكثفة مختلفة كثيرة مُتزاحمة يصعب جداً فصلها وتمييزها بسهولة، لأنها لا تظهر إلا من خلال السياق نفسه: ونجد بعد إلقاء القرعة والتحقق من أن يونان هو السبب في إتيان هذه العاصفة، عَرَّف يونان نفسه وأظهر انه عبد يهوه، ولننتبه بدقة للكلام لأنه في منتهى الأهمية:+ فخاف الملاحون وصرخوا كل واحد إلى إلهه، وطرحوا الأمتعة التي في السفينة إلى البحر ليخففوا عنهم، وأما يونان فكان قد نزل إلى جوف السفينة واضطجع ونام نوماً ثقيلاً. فجاء إليه رئيس النوتية وقال له: ما لك نائماً، قم اصرخ إلى إلهك عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك (يونان 1: 5 – 6) + فقالوا له: "أخبرنا بسبب من هذه المصيبة علينا، ما هو عملك! ومن أين أتيت! ما هي أرضك ومن أي شعب أنت!" فقال لهم: "أنا عبراني وأنا خائف من الرب إله السماء الذي صنع البحر والبرّ". (يونان 1: 8 – 9)وبعد كلام يونان هذا نجد مرة أخرى أن رجال السفينة خافوا، إنما الخوف اتسع وصار عظيماً: + فخاف الرجال خوفاً عظيماً وقالوا له لماذا فعلت هذا؟ فأن الرجال عرفوا أنه هارب من وجه الرب لأنه أخبرهم. (يونان 1: 10)ولنلاحظ معاً هنا في الآيات السابقة التي ذكرناها، أنه لو أخذنا كلمة الخوف كما هي مستقلة ووضعنا لها معنى واحد حسب مفهومنا عن الكلمة في المراجع والقواميس وحسب بعض الشراح وتأمل الكُتاب فأن المعنى سيصير غامضاً غير مفهوم القصد منه تماماً حسب السياق الموجود فيه، لكن لو دققنا في النصوص والأحداث سنفهم الكلمة في الإطار المحدد التي أتت فيه فمثلاً: (1) في البداية الملاحون خافوا خوفاً (وهم غير فاهمين ماذا يحدث = خوف الجهل)، وهم في حالة من الاضطراب والاندهاش من الأحداث الطبيعية الغريبة (التي ظهرت على غير العادة حسب معرفتهم وخبرتهم في الإبحار) التي كادت ان تغرق السفينة، فتوجه كل واحد لإلهه ليصرخ من واقع خوف الرعب (من المصير المجهول) الذي دخل قلبهم لأنهم لا يعرفون سبب هيجان البحر بهذه الطريقة الغير مسبوقة؛ (2) ثم بعد ذلك نجد يونان يتكلم أنه خائف من رب السماء في جوابه عليهم، الذي أن أخذناه حرفياً حسب الترجمة سنظن انه يتكلم عن خوفه من الله أي التقوى أو حتى الرعب من مواجهته، مع أن هذا لا يعبر عن موقفه الحادث لأنه نام نوماً ثقيلاً هرباً من الواقع، لكنه في كلامه كان يُجيب على أسئلة البحارة ولا يتكلم عن خوفه الشخصي – من جهة الأحداث – نهائياً، إنما كان يتكلم عن عبادة يهوه بتقوى، إذ أخذ يوضح لهم أنه إله السماء الحقيقي الذي صنع البحر والبرّ الذي يستوجب العبادة حسب عمله مع الشعب العبراني (إسرائيل)، فهذا الإله الحقيقي هو الذي يعبده وهو هارب من وجهه. (3) والخوف الذي خافه الرجال بعد ذلك مباشرة هو خوف التصديق ممتزج بالإيمان ويحمل معنى أنه لا مفر من إنقاذهم من العاصفة إلا لو الله الحي الحقيقي تدخل، وبسبب ما فعله يونان لا مفر من الغرق المؤكد، لذلك نجد كلامهم في خوفهم هذا (عرفوا أنه هارب من وجه الرب لأنه أخبرهم)؛ (4) والخوف الأخير الذي خافه الرجال كان خوف المرتبط بالرب وحده أي التقوى والثقة في الله مع تقديره حق تقدير وتقديم ورفع الذبائح له كإله حقيقي يستحق العبادة وحده؛* ومن هذه الأحداث ندرك أهمية فهم ألفاظ الكتاب المقدس من القرينة أي في حدود الإطار التي أتت فيه داخل النص نفسه أو الحدث، وذلك لكي نفهم القصد من الكلام بكل دقة، لأننا نرى الكثير من ألفاظ الكتاب المقدس تحمل عدة معاني مكثفة قد تظهر مترابطة فيها في عبارة واحدة أو عدة جمل أو آيات متلاحقة، لذلك فهي تحتاج تمييز شديد ومعرفة واسعة لكي تُفهم فهماً صحيحاً. عموماً باختصار، ان تتبعنا الكلمة العبرية من خلال العهد القديم نجد انها تُلازم ثلاثة معاني محددة رغم من انها متسعة: |
|