لماذا نضيء الشموع أمام الأيقونات
تعبّر الشمعة تعبيراً تصويرياً دقيقاً عن وقفة العابد أمام الله ! فهي تظهر هادئة ساكنة وقلبها يشتعل اشتعالاً بنار ملتهبة تحرق جسمها البارد الصلب فتذيبه إذابة وتسكبه دموعاً، تنحدر متلاحقة تاركة خلفها هالة من نور يسعد بها كل من تأمّل فيها أو سار على هداها .
إن الشمعة الموقدة في بيت الله هي دعوة للعبادة الهادئة الحارّة المنيرة.
أول ذكر لاستخدام الشموع في الكنيسة استخداماً طقسياً بعدما جاء في سفر الأعمال ( ٢٠:٨) يأتي إلينا من مخطوطات القرن الخامس، وذلك ضمن وصف طقوس إقامة الصلوات في ذكرى الشهداء تكريماً وتحية لأرواحهم التي أضاءت في العالم ساعة ثم انطفأت " لتضيء كالجلد في ملكوت الله" .
عندما قام أحد الهراطقة (فيجيلانتيوس) بانتقاد عادة إحراق الشموع لتكريم أرواح الشهداء، انبرى القدّيس جيروم (أيرونيموس) (القرن الرابع ) وكتب رسالة ضده، يحبذ بها إحراق الشموع في الصلوات والتذكارات التي للشهداء مشبهاً إحراق الشموع باهراق قارورة الطيب على جسد المسيح.
إحدى كتابات القديس ابيفانيوس (القرن الرابع ) وتظهر لنا كيف كانت الكنائس في أيامه تتميز بالشموع المضاءة فيها.
يروي المؤرخون الكنسيون قصصاً واقعية لا حصر لها تفيد أن القناديل التي كانت تضاء أمام أجساد القديسين كانت ُتجرى بواسطة زيتها عجائب شفاء كثيرة.
أقوال الآباء عن الشموع:
الشموع الموقدة على المذبح هي علامة نور الثالوث الأقدس . لأن الله لا يسكن إلا في النور، ولا يقترب إليه الظلام، لأنه نار آكلة تحرق كل ما هو خطيئة أو شر.
الشمعة الموقدة أمام أيقونة المسيح تعلن أن المسيح نور العالم: ينير لكل إنسان آتٍ إليه (يو ١:٩).
والشمعة الموقدة أمام أيقونة العذراء تعلن أن هذه هي أم النُّور.
والشمعة الموقدة أمام أيقونة القديس تعلن أن هذا هو السراج المزين المنير الموضوع على المنارة في؟أعلى البيت ليضيء لكل من فيه.
نوقد الشموع أمام أيقونات القديسين عموماً كعلامة رمزية لاشتعالنا بغيرة قداستهم وحبهم وتقديم آية ملموسة من آيات التكريم والوفاء والتسبيح الصامت والشكر على ما يقدمونه نحونا من شفاعة أمام منبر المسيح.