الإنجيليون والحقيقة: رؤية معاصرة للعقيدة
مؤلّف كتابنا هذا يُعدّ من أحد أبرز قادة العصر الراهن وقد أثرى الكنيسة بمجموعة رائعة من الكتابات اللاهوتية والتفسيرية والعملية, و يعبّر من خلال هذا الكتاب عن حقيقة إيماننا الإنجيلي في مواجهة الكثير من الأفكار والآراء المتصارعة من حولنا حول العقيدة عن الله الآب والكتاب المقدّس، وعن الله الابن وعمل الصليب، وعن الله الروح القدس والخدمة, وهو يقدّم أفكاره بأسلوب مقنع مستنداً على نصوص الكتاب القدس.
لا شكّ إنه بدون إعلان يستحيل معرفة الله فالله نفسه محتجب وكذلك أذهاننا عليها حجاب إلى أن ينزع الله الحجاب بنعمته وقوته. وكم نحن مغبوطون لأنّ الله لم يتخلَّ عنا لكي نتعثر في طريقنا في الظلمة القاتمة أو نتخبط في المياه العميقة, أو حتى أن نسلك في الحياة بالفلسفة البشرية بل قد منحنا كلمته كسراج لأرجلنا ونور لسبيلنا (مز105:119). "وعندنا الكلمة النبوية، وهي أثبت، التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها، كما إلى سراج منير في موضع مظلم، إلى أن ينفجر النهار، ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم يشرق في الظلمة إلى أن ينبلج الفجر" (2بط19:1).
لقد لاقى مفهوم وضوح الكتاب المقدس أغلب التركيز عليه من قبل رجال الإصلاح وقد قصدوا أنّ له سمة السهولة والاختراق أو الشفافية, ولم يقصدوا بذلك أنّ كل شيء في الكتاب المقدس واضح, فكيف يزعمون ذلك, بينما اعترف الوزير الحبشي بحاجته لمعلم لكي يفسر الأمور له (أع31:8). وكذلك اعترف بطرس أنّ رسائل بولس تتضمن "بعض الأمور صعبة الفهم (3بط16:3). لكنّ تأكيد رجال الإصلاح كان منصباً على أنّ جوهر الرسالة الكتابية أي طريق الخلاص في المسيح بالنعمة من خلال الإيمان هو أمر بسيط بما يكفي حتى لغير المتعلّم أن يفهمه، ومازالت كلمة الرب تعبر إلينا عبر القرون وتخبرنا أن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده بل بكل كلمة تخرج من فم الله ( مر4:4).
إذا كان الأساس الأول لدى المسيحية الإنجيلية هو إعلان الله في الكتاب المقدس فإنّ الثاني هو صليب المسيح هذا بالإضافة إلى كلّ المزايا المجيدة التي تحققت بواسطته. وعلينا ألا نفصل بين صليب المسيح وتجسّده وقيامته, فإنّ موته كان سيصير بلا نفع لو لم يسبقه ميلاده المنفرد, ولم يعقبه قيامته المنفردة, فوحده الإله – الإنسان الذي يمكنه أن يموت لأجل خطايانا ووحدها القيامة التي يمكنها أن تمنح الشرعية لموته. "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس, الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع" (1تي5:2)... والآن يدعونا المسيح أن ننكر ذواتنا, وأن نحمل صليبنا ونتبعه, فلو أننا حملنا الصليب وتبعناه فليس هناك سوى مكان واحد يمكن أن نصل إليه وهو تحديداً الموت. كما إنّ الكنيسة مدعوة للخدمة ولكن لن يكون هناك خدمة دون رسالة، لذا ما هي رسالتنا للعالم؟ إنها رسالة تتمركز حول الصليب حول الحقّ المذهل لله الذي يحبّنا, والذي قدّم نفسه لأجلنا في المسيح على الصليب.
لا شكّ أنّ كلّ المسيحيين الإنجيليين يؤمنون بقوة بالروح القدس ويؤمنون بعظمة ومجد الأقنوم الثالث من الأقانيم الثلاثة، فنحن نؤمن أنّ الروح القدس هو الله، ومن ثم فهو مستحق للعبادة, وكذلك نؤمن بأنّ الروح القدس كان يعمل في خلق كل الأشياء (تك2:1) وبأنه مازال يعمل في تعضيد وتنشيط وتجديد كلّ الأشياء (مز3:14)، ونؤمن أيضاً بأنه في أيام العهد القديم كان الروح القدس يجدّد شعب الله وإلا لما استطاعوا أن يحبوا شريعته (مز97:119 ) وكذلك كان الروح هو من يجهّز أشخاصاً معيّنين للقيام بمهامّ خاصة (خر30:35و2بط21:1), وكذلك بالنسبة لأيام العهد الجديد والتي لنا امتياز أن نحيا فيها, ونحن نؤكد بقوة أنّ عمل الروح القدس هو عمل أساسي وجوهريّ, وحيث أنّ كل مظاهر إيماننا المسيحي وحياتنا وعبادتنا وشركتنا وخدمتنا لن تكون ممكنه بدون عمل الروح القدس. كما أنّ الروح يمكّننا أن نصرخ ونقول "يسوع هو ربّ" و"ليس أحد يقدر أن يقول يسوع ربّ إلا بالروح القدس" (1كو3:12).
كما أنّ سكنى الروح القدس هو الامتياز الأكثر عجباً والعلامة الرئيسية المميزة لشعب الله اليوم.
وأخيراً.... فقط عيشوا كما يحقّ لإنجيل المسيح، حتى إذا جئتُ ورأيتكم، أو كنتُ غائباً أسمع أموركم أنكم تثبتون في روح واحد، مجاهدين معاً بنفس واحدة لإيمان الإنجيل, غير مخوّفين بشيء من المقاومين، الأمر الذي هو لهم بيّنة للهلاك، وأما لكم فللخلاص، وذلك من الله, لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضاً أن تتألّموا لأجله إذ لكم الجهاد عينه الذي رأيتموه فيّ، والآن تسمعون فيّ" (في27:1-30